نشر موقع "أوريون21" الفرنسي تقريرا حول سعي
حزب النور السلفي لأخذ مكان الإخوان المسلمين، في
الانتخابات التشريعية
المصرية، بعد أن نجح في الفترة الماضية في التقرب من النظام العسكري الحاكم، من خلال الترحيب بالانقلاب العسكري والسكوت على مجزرتي رابعة والنهضة.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "
عربي21"، إن كلمة السر في المشهد السياسي المصري، منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013، هي اجتثاث كل الإسلاميين من مصر. ولكن تيارا واحدا استثنته "آلة القمع الوحشية"، وهو التيار السلفي، الذي يمثله حزب النور المساند للحكم العسكري في مصر بدون أي تحفظات.
وذكر التقرير أنه في الوقت الذي تعالت فيه أصوات المنظمات الحقوقية ضد تأكيد القضاء المصري لحكم الإعدام في حق الرئيس المنتخب محمد مرسي، أعلن رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي عن إجراء الانتخابات التشريعية بعد أن ظلت البلاد بدون برلمان منذ حزيران/ يونيو 2012.
وأضاف التقرير أن السيسي ظل الحاكم الفعلي والوحيد في البلاد منذ الانقلاب العسكري، وهو يحظى بدعم أربعة أطراف، هي الجيش، وشبكات الفساد والمصالح التابعة لنظام حسني مبارك، والمجموعات الليبرالية اليسارية، وحزب النور السلفي.
وأورد التقرير أن حزب النور قدم وعودا خلال حملته الانتخابية؛ تتعلق بتحسين حالة الطرقات وبناء المدارس والمستشفيات. كما سعى الحزب إلى إصدار فتاوى دينية لتبرير أشياء كان في الماضي يعتبرها من المحرمات، مثل شرب الخمر، حيث عبر الحزب عن تسامحه مع تخصيص فضاءات لشرب الخمر مخصصة للأجانب، وشواطئ خاصة بالسياح.
ونقل التقرير عن الباحث الفرنسي فرانسوا لاكروا، أستاذ العلاقات الدولية والعلوم السياسية، أن "حزب النور السلفي أصبح المكون الإسلامي الوحيد الناشط على الساحة السياسية المصرية، وهو يسعى منذ انقلاب 2013 إلى عقد صفقة مع النظام العسكري لتأسيس نظام حكم مشابه لما كان قائما في باكستان في ثمانينيات القرن الماضي، وفي السودان في عهد حسن الترابي".
ويننقل الموقع عن الباحث قوله إن النظام الحاكم يعتمد على تيار ديني موال له لبسط سيطرته على المجتمع واكتساب شرعية دينية. "ولكن رغم استعداد حزب النور لتقديم هذه الخدمات، فإنه لم يظفر بحظوة كبيرة لدى السلطة. فبعد مجزرتي رابعة والنهضة ظن حزب النور أنه سيحتل مكانة مهمة في المشهد السياسي، وأن السيسي سيحتاج إليه كورقة دينية، ولكن هذا الأخير لا يزال ينظر للسلفيين بعين الريبة".
وأضاف الباحث الفرنسي أن "الصفقة بين حزب النور والعسكر أدت إلى استثناء مساجد وشبكات مصالح هذا التيار من موجة القمع التي تشهدها البلاد منذ الانقلاب. ويأمل الحزب من خلال الفوز بعدد من مقاعد
البرلمان في تحصين نفسه من عمليات الاعتقال العشوائية والجماعية التي تشنها الأجهزة الأمنية ضد كل الإسلاميين".
وذكر التقرير أن حزب النور السلفي برر دعمه للسيسي في الانتخابات الرئاسية الماضية بأشياء؛ من قبيل أن "التعاون معه سوف ينقذ البلاد من الفوضى، وبأنه المرشح الأوفر حظا للفوز، وبأنه على الأقل يصلي".
وأشار التقرير إلى أن مستقبل حزب النور السلفي لا يزال غامضا، إذ إن هنالك قسما داخل معسكر السيسي يحذر من استقطاب هذا الحزب لأصوات المتدينين، ويدعو لمنعه من النشاط استنادا إلى الدستور الذي يمنع الأحزاب الدينية، رغم أن البعض الآخر يرى أن هذا الفصل لا ينطبق على حزب النور السلفي، بعد أن تم تضمينه في الدستور بشكل خاص لإقصاء الإخوان".
ونقل التقرير عن فرانسوا لاكروا قوله إنه "من المستبعد أن يحصل مرشحو حزب النور على عدد كبير من الأصوات، خاصة وأن غالبية من صوتوا لهم في سنة 2013 لن يصوتوا لهم هذه المرة. فقد خسر الحزب الكثير من قواعده الذين صدموا بموقفه الداعم للانقلاب العسكري ولحكم عبد الفتاح السيسي".
وأضاف لاكروا أن "حزب النور يبرر موقفه ذلك بأنه مكنه من مواصلة نشاطه الدعوي. وهو يسعى اليوم لكسب أصوات بعض مساندي السيسي من المتدينين. ويحتاج حزب النور إلى المحافظة على بقائه دون البروز كمرشح جدي في الانتخابات، حتى لا يثير مخاوف من في السلطة ويتعرض بدوره للقمع الذي تتعارض له المعارضة".
وفي الختام اعتبر التقرير أن الانتخابات التشريعية تمثل محطة هامة بالنسبة لحزب النور السلفي، يسعى خلالها لاحتلال مكان الإخوان المسلمين، رغم أن مواقفه في السنوات الثلاثة الماضية كلفته الكثير على مستوى سمعته وشعبيته.