تناولت صحف غربية، وفق ما تابعته "
عربي21"، ما شهدته الانتخابات البرلمانية في
مصر، التي انتهى يومها الأول على غير ما أمله مؤيدو الانقلاب، من تجاهل للأغلبية الكاسحة من الناخبين لهذه الانتخابات.
وأشارت صحف عدة إلى أن المشاركة في الانتخابات جاءت ضعيفة للغاية، على الرغم من أهميتها، بسبب الشكوك العميقة لدى المصريين في أن أصواتهم ستغير الأوضاع الحالية.
الثوار والإخوان غائبون
من جهتها، أكدت صحيفة "تليغراف" البريطانية أن
السيسي أجل الانتخابات مرات عدة إلى حين الانتهاء من تشديد قبضته على الحكم، والقضاء على المعارضة الحقيقية له.
وقالت "تليغراف" إن الفترة التي عاشت فيها مصر دون برلمان منذ حل مجلس الشعب السابق في 2012 هي الأطول منذ ثورة 23 تموز/ يوليو 1952.
ونقلت الصحيفة عن عضو البرلمان السابق، وأحد شباب
ثورة يناير، "زياد العليمي"، قوله، إن الشعب يعرف جيدا أنه لا توجد انتخابات حقيقية في مصر، وأن المنافسة محصورة بين مجموعة قليلة من مؤيدي النظام.
وأكدت الصحيفة أن السيسي يسعى إلى ضمان أغلبية موالية له داخل البرلمان، لتغيير الدستور والموافقة على القوانين التي أصدرها قبل انتخاب مجلس النواب، لكن ذلك يذكر بانتخابات عام 2010 تحت حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، التي مهدت لثورة يناير.
من جانبها، قالت وكالة "رويترز" إن ضعف إقبال الشباب تزامن مع تزايد المشاكل الاقتصادية، خاصة بعد الخفض الجديد في قيمة الجنيه.
وأشارت الوكالة إلى أن معظم نشطاء ثورة 25 يناير التي أطاحت بحكم مبارك يغيبون عن الانتخابات، كما أن مرشحي جماعة
الإخوان يغيبون هم أيضا عن المنافسة لأول مرة منذ ثلاثة عقود، بعد اعتقال وقتل آلاف منهم، واعتبار الإخوان "جماعة إرهابية".
بدوره، قال "إيان لي" مراسل شبكة "سي إن إن" الأمريكية في القاهرة، إن نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية التي انطلقت الأحد هي الأضعف منذ ثورة 2011.
وأضاف "لي" عبر تويتر: "بعد زيارة العديد من اللجان الانتخابية، وجدت أن نسبة مشاركة النساء تفوق الرجال بكثير"، مشيرا إلى أن القضايا التي تؤرق الناخبين هي الأمن والاقتصاد والتعليم.
برلمان مبارك يعود
من جهتها، قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إن "البرلمان المقبل سيكون منقادا بالكامل لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، كما كان الأمر في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، بعد أول انتخابات برلمانية منذ سقوط حكم الإخوان".
وأشارت إلى أن الانتخابات أجريت الأحد وسط أجواء من اللامبالاة الشديدة وخيبة الأمل، على عكس الانتخابات التي أعقبت ثورة يناير 2011، وكانت مليئة بالأمل.
ولفتت "هآرتس" إلى أن قانون الانتخابات يمنح المرشحين المستقلين 75 في المئة من مقاعد مجلس النواب و20 في المئة لمرشحي القوائم الحزبية، و5 في المئة يعينهم الرئيس، وهو ما يعني منع معارضي السيسي من الفوز بمقاعد مؤثرة، وضمان فوز مؤيديه بالحصة الأكبر.
أما صحيفة "لوموند" الفرنسية، فقالت إن الانتخابات الحالية نتيجتها برلمان يمثل الحزب الوطني المنحل، مضيفة، في تقريرها الأحد، أن نسبة المشاركة في الانتخابات ستمثل نقطة الاستفهام الكبرى التي ستعكس مدى ثقة المصريين في تجربة السيسي الديمقراطية.
وأشارت إلى أن نظام التصويت الحالي يقلل من فرص الأحزاب السياسية، ويزيد من فرص المرشحين المستقلين، ما يعني عودة وجوه أنصار النظام السابق.
لا سلطة إلا للجيش
أما صحيفة " نيويورك تايمز" الأمريكية، فقالت إن حالة من اللامبالاة بين الشباب كانت هي المسيطرة على الانتخابات البرلمانية.
وأضافت الصحيفة، في تقرير لها الأحد، إن الشباب مل من السياسيين المنافقين، وأصبح الكثير منهم نادمين على المشاركة في انتخابات الرئاسة السابقة، لأن السيسي خذلهم، ولم يقدم لهم شيئا.
وتابعت الصحيفة بأن المواطنين في مصر عرفوا جيدا أنه لا توجد سلطة إلا للجيش، وأن السيسي يعقد هذه الانتخابات البرلمانية للحصول على غطاء تشريعي فقط.
وأضافت أن عدم الحماس للانتخابات يتوافق مع هوى الحكومة التي لم تنظم تلك الحملات من العلاقات العامة التي كانت تقوم بها في الانتخابات الماضية.
في حين قال موقع "والا" الإسرائيلي إن الشباب أدرك جيدا أنه لا فائدة من ذهابه للمشاركة في الانتخابات، وأن البرلمان لن يكون سوى تابع جديد للسيسي، مضيفا أن قائد الانقلاب يستطيع الآن أن ينام مطمئنا بعد أن قضى على أي معارضة حقيقية له، وضمن انتخاب برلمان مؤيد لنظامه.
وأضاف الموقع: "لم يكن ضعف الإقبال في اليوم الأول للتصويت مستغربا، فقد مل المصريون من الأوضاع المعيشية الصعبة، وعدم تغير أحوالهم، على الرغم من ذهابهم للانتخابات ثماني مرات منذ يناير 2011، كما أن قمع السلطة للإخوان وثوار يناير أوصل للجميع في مصر رسالة مفادها أنه لم يعد هناك ديمقراطية حقيقية في البلاد"، لذلك يحجم الشباب عن المشاركة رفضا للوضع الحالي، وإذعانا بغضبهم من ممارسات النظام.