تتبخر الأموال تدريجيا من جيوب
المصريين منذ الانقلاب العسكري في الثالث من تموز/ يوليو 2013 وذلك بسبب التدهور المستمر في سعر صرف
الجنيه أمام العملات الأجنبية، ما يعني في النهاية أن القدرة الشرائية للجنيه الذي يحمله المصريون في أيديهم تتدهور هي الأخرى، وما يعني أيضا أن أسعار السلع الأساسية والمواد التموينية ستواصل الارتفاع هي الأخرى.
وانزلق الجنيه المصري بصورة حادة خلال الأيام القليلة الماضية ليسجل مستوى قياسيا متدنيا؛ حيث تجاوز سعر صرف
الدولار الأمريكي مستوى الثمانية جنيهات لأول مرة في تاريخه، وذلك بسبب المتاعب المالية والاقتصادية التي تعاني منها مصر، وبسبب انقطاع المساعدات المالية الخليجية عن نظام الانقلاب في مصر الذي كان يعول على استمرار تدفق مليارات الخليج لسنوات قادمة.
وبحسب مقارنة ومسح أجرته "
عربي21" فإن الرئيس المنتحب محمد مرسي أطيح به عن الحكم في مصر يوم الثالث من تموز/ يوليو عندما كان الجنيه المصري يساوي 0.14 دولارا أمريكيا، بينما سجل أدنى مستوياته اليوم الأربعاء 21 تشرين الأول/ أكتوبر عند 0.12 دولارا، فيما كان الجنيه يساوي 0.1563 دولارا في بداية العام 2013، أي قبل بدء الاحتجاجات التي مهدت للانقلاب العسكري في منتصف العام 2013.
وبحسب هذه البيانات فإن الجنيه المصري يكون قد فقد أكثر من 21% (أي أكثر من الخُمس) منذ بدأت التحركات للاطاحة بالرئيس المدني المنتخب وحتى الآن، بينما فقد أكثر من 13% من قيمته منذ صباح يوم الانقلاب العسكري وحتى مساء الأربعاء الـ21 تشرين الأول/ أكتوبر 2015.
ويتوقع الكثير من المحللين
الاقتصاديين أن يواصل الجنيه المصري رحلة الهبوط، حيث إن أغلب البيانات الاقتصادية المصرية سلبية، ولا توجد أي بوادر تدفع للاعتقاد بأن دول الخليج ستقدم مساعدات مالية ومنح للنظام المصري في القريب المنظور، حيث إن هبوط أسعار النفط بصورة حادة منذ بداية العام الجاري أدى إلى تآكل إيرادات دول الخليج، وهو ما دفع صندوق النقد الدولي إلى توقع أن تسجل الموازنة العامة للسعودية عجزا بنسبة 20% مع نهاية العام 2015.
وقال محلل اقتصادي طلب من "
عربي21" عدم نشر اسمه إن "البنك المركزي المصري اضطر لخفض
سعر الصرف الرسمي للجنيه أمام الدولار الأمريكي خمس مرات خلال العام الجاري بسبب تآكل الاحتياطي النقدي من العملة الصعبة، إضافة إلى المتاعب التي يعاني منها الاقتصاد، وهو ما لا يزال مستمرا حتى الآن بما يدفع للاعتقاد أن الجنيه المصري سوف يواصل رحلة الهبوط خلال الفترة المقبلة".
ولم يستبعد المحلل أن يصل سعر صرف الدولار إلى 10 جنيهات مصرية في المستقبل القريب، مشيرا إلى أن الدولار كان بأقل من ستة جنيهات قبل أعوام قليلة، وقد يشهد مزيدا من الهبوط خلال الفترة المقبلة.
أما انعكاسات تدهور سعر صرف الجنيه المصري فيقول المحلل الذي تحدث لــ"
عربي21" إن انخفاض سعر صرف الجنيه بنسبة 21% يعني ببساطة أن الأموال التي يحملها المصريون في جيوبهم قلت بنسبة 21%، أي أن من كان معه 100 جنيه مصري أصبح اليوم بحوزته في الحقيقة 80 جنيها وليس 100".
يشار الى أن الحكومة المصرية وافقت أخيرا على استقالة محافظ البنك المركزي هشام رامز وسط انتقادات حادة للسياسات التي انتهجها البنك خلال الفترة الماضية.