وصفت صحيفة "الأخبار"، التابعة لحزب الله، موقف رئيس الوزراء
العراقي حيدر
العبادي بأنه "أمريكي"، مشيرة إلى أنه حسم موقفه أخيرا في صراع المحاور الإقليمية.
واستشهدت الصحيفة على ذلك بتعيين العبادي لعماد الخرسان أمينا عاما لمجلس الوزراء، وتسريب رسالة لأبي مهدي المهندس يستجدي فيها حيدر العبادي دعم الحشد بالموارد الضرورية لتأدية مهماته في محاربة المجموعات المسلحة.
وأوضحت الأخبار أن "أهمية قرار التعيين يكمن في أنه يحسم اصطفاف العبادي في لعبة المحاور الإقليمية إلى جانب الولايات المتحدة، ويأتي في سياق تحضير الخرسان لتولي رئاسة الوزراء خلفا للعبادي عندما يحين موعد مغادرته الحكم"، واصفة الخطوة بـ"الانقلاب" الذي بدأ عمليا مع المؤامرة التي دبرت في ليل، وأدت إلى إقصاء نوري المالكي من رئاسة الوزراء برعاية المرجعية وبدعم واشنطن.
وأضافت الصحيفة أن هذه المؤامرة "تواصلت في محاربة
مليشيات الحشد الشعبي وفصائل المقاومة، والتضييق عليها بطرق وآليات مختلفة، بينها تقطير الدعم المالي والتسليحي لها، واستكملت برزم ما عرف بالإصلاح السيسي التي أصدرها العبادي بقرارات منفردة، وبدعم كل من بريطانيا والولايات المتحدة بشكل علني وواضح، وأيضا بمباركة المرجعية، دون أن ننسى رفضه المطلق وتصديه لأي محاولة لتحرير غرب العراق من قبل مليشيات الحشد، بذريعة وجود خطوط حمراء أمريكية".
وتابعت بالقول إن: "طبيعة الشخصية التي اختارها العبادي لأمانة مجلس الوزراء، عماد الخرسان، لا تترك مجال لأي التباس: عراقي نجفي الأصل، أمريكي الهوية والانتماء، عمل مساعدا لشؤون إعادة الأعمار لجي غارنر، الحاكم الأمريكي الأول لعراق ما بعد الاحتلال، قبل أن يكمل مسيرته مع خلفه بول بريمر"، مضيفة أنه كان محط ثقة الأخير إلى الحد الذي أوكله فيه مهمة قناة الوصل بينه وبين مرجعية النجف، بحسب قولها.
وحول التوقيت، أشارت "الأخبار" إلى أن ذلك يأتي "في ظل انقسام حاد حول الدور الروسي في العراق، لطرف يضغط بقوة على العبادي للطلب من موسكو المشاركة في العمليات القتالية ضد تنظيم الدولة، في مقابل ضغوط أمريكية تزداد حدة على رئيس الوزراء للتبرؤ من الحضور الروسي وتقديم ضمانات بالحؤول دون تجاوز دوره حدود التنسيق الأمني مع سلطات بغداد"، مشيرة إلى أن هذا القرار يأتي في ظل شائعات عن أنه واحد من رزمة تعيينات تشمل فريقا من العراقيين الذين تدربوا على أيدي الأمريكيين، وعملوا في السنوات الأولى للاحتلال في فريق بريمر.
وحول ردود الفعل، قالت "الأخبار" إن "مناهضي العبادي الذين بدأ ممثلوهم في البرلمان بجمع التواقيع لاستجواب رئيس الوزراء بهدف إقالته، يتهمونه بتنظيم انقلاب على مليشيات الحشد، الذي يبدو واضحا أنه لن يترك قرارات من هذا النوع تمر دون رد فعل عنيف لا أحد يعلم مداه، خاصة في ظل حديث متداول عن حملة اغتيالات يجري الإعداد لها لاستهداف شخصيات أساسية فيه، من بينهم هادي العامري وأبو مهدي المهندس وقيس الخزعلي".
من ناحية أخرى، يرى مؤيدوه أنه مكبل اليدين، في ظل إدراكه لمخاطر معاداة واشنطن لأسباب تتعلق به شخصيا من جهة، وبمصالح العراق من جهة أخرى، "لما يتمتع به العم سام من قدرات تجعله قادرا على أذيّة بغداد بطرق مختلفة، لعل أولها مالي"، مضيفين أن الهدف الأساس للعبادي هو الحفاظ على وحدة العراق "غاية لا يمكن تحقيقها من وجهة نظره، إلا بتحرير غرب العراق، في مهمة يعتقد العبادي بأنها مستحيلة بواسطة الحشد الشعبي؛ لاعتبارات مذهبية وإقليمية ودولية"، بحسب "الأخبار".
واعتبرت الصحيفة أن العبادي "لا يزال يتصرف من موقع قوة، على الرغم من انفراط عقد التحالف الذي أتى به إلى سدة رئاسة الوزراء، مع الخلافات التي نشبت بينه وبين كل من التيار الصدر والمجلس الأعلى على خلفية استفراده بقرارات مصيريّة، بينها رزم الإصلاحات التي أصدرها تباعا دون أي تشاور معهما، بحسب تعبيرها.
وأكدت "الأخبار" أن العبادي لا زال يحظى بدعم مرجعية النجف، أو بالحد الأدنى لم تقرر هذه المرجعية بعد رفع الغطاء عنه، مضيفة أنه يحظى بدعم كل من واشنطن ولندن بشكل غير مسبوق، والأهم من الاثنين أنه يدرك أن الطرف الآخر يعلم علم اليقين أن إقصاءه من الحكم سيدخل البلاد في فراغ سلطة لا أحد يعرف متى يخرج منها، في ظل استحالة التوافق على اسم رئيس وزراء جديد على خلفية الاصطفافات الحالية وموازين القوى المحلية والإقليمية الحالية.
واعتبرت الصحيفة اللبنانية أن "تعيين عماد الخرسان يأتي بمثابة ورقة احتياط تحتفظ بها الولايات المتحدة لليوم الذي تجري فيه إقالة العبادي أو استقالته إذا ما بلغت الضغوط حدا ما عاد قادرا على تحمله، وهو ما يبدو بأنه أمر لن يطول انتظاره"، بحسب قولها.