أصيب ثلاثة إسرائيليين منهم اثنين من المستوطنين بجروح "خطيرة"، وجندي بجراح "بالغة الخطورة"، في عمليتي إطلاق نار على يد قناص فلسطيني في مدينة الخليل مساء أمس الجمعة؛ ما يطرح تساؤلات كثيرة حول أهمية عمليات قنص جنود الاحتلال بشكل هادئ وعلى فترات متباعدة، في تطور أدوات الانتفاضة الثالثة في
مقاومة الاحتلال، وهل هو جهد فردي أم عمل منظم؟
ورجحت وسائل الإعلام العبرية، وقوف "خلية واحدة بالخليل تعمل بالطريقة والهدوء ذاته"؛ خلف عمليتي القنص بمنطقة الحرم الإبراهيمي وقرية بيت عانون شمالي الخليل (المسافة بينهما أقل من 2 كيلومتر)، ونقلت القناة العبرية العاشرة اليوم عن مصدر أمني من
السلطة الفلسطينية قوله: "لدينا معلومات تفيد بوجود خلية مسلحة لحماس بالخليل، كانت ضمن
الخلايا النائمة واستيقظت حديثا".
الخلايا النائمة
ويربط الاحتلال ما بين عمليات القنص تلك وعملية القنص التي قتل فيها ضابط إسرائيلي يدعى جال كوبي في الخليل بتاريخ 14 نيسان/أبريل 2014، التي سبقها أكثر عمليات القنص غموضا في شهر أيلول/ سبتمبر 2013.
وقال مدير مركز القدس للدراسات الإسرائيلية علاء الريماوي، إن عمليات قنص جنود الاحتلال هي "تطور طبيعي لمجريات أحداث الانتفاضة الثالثة والتي ما زالت تعيش تعقيدات أمنية بفعل رفض السلطة الفلسطينية لوجود فصائل فلسطينية قوية"، مؤكدا أن السلوك الأمني للسلطة ساهم في "إضعاف حركة المقاومة على الأرض، وفكك كثيرا من تخطيطات المقاومة في الضفة الغربية المحتلة".
وأضاف في حديثه لـ"
عربي21": "يبدو الآن أن البيئة تساعد على إنشاء مثل هذه القوى والمجموعات، التي تعيد للفصائل الفلسطينية حيويتها ولو بالحد الأدنى، وبناء على ذلك سنرى أحداثا مثل هذا النوع؛ سواء أكان إطلاق نار أم عمليات أكثر إتقانا لأنه المسار والتطور الطبيعي في مواجهة الاحتلال وغطرسته"، موضحا أن "دخول إطلاق النار بشكل موسع مقارنة مع الشهر الأول من انتفاضة القدس يشير إلى تطور في العمل المقاوم بوتيرة مستمرة".
باكورة العمليات
وأشار الريماوي، إلى وجود "44 حالة إطلاق نار منذ بداية الانتفاضة؛ والتي كانت فيها عملية (ايتمار) هي باكورة تلك العمليات التي نجحت في إصابة وقتل العديد من الإسرائيليين؛ تلاها عملية مزدوجة (إطلاق نار وطعن) وسط أحد الباصات الإسرائيلية بالقدس المحتلة، ومن ثم عملية النقب؛ التي نفذها الشهيد مهند العقبي، بمستوى عال من التخطيط والدقة في إطلاق النار وإصابة الجنود".
وتابع قائلا: "تأتي عملية القنص في الخليل لتتم الأحداث وترسم مسارا جديدا يتصاعد بشكل واضح"، مؤكدا أن "تراكم جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين على الأرض، والخسائر التي أصابتهم تجعل الكثير من الفئات الشبابية والحزبية تفكر بعمل ما يعيد ثقة المجتمع الفلسطيني بذاته في جانب المقاومة الفلسطينية".
من جانبه، يرى الخبير في الشأن السياسي عبد الستار قاسم، أن الانتفاضة الثالثة "بحاجة إلى زخم كبير لمواجهة الاحتلال؛ فما حدث من قنص لجنود الاحتلال عمل بطولي يثلج الصدور ويزعج الاحتلال وجنوده، لكنه لا يكفي ليغير المعادلة"، موضحا أننا "أمام معادلة قوية جدا تحتاج إلى زخم شعبي واسع، وهي مسؤولية الفصائل التي لم تقم بواجبها".
القناصون المدربون
وشدد في حديثه لـ "
عربي21" على ضرورة أن "تدرب الفصائل عددا من القناصين المدربين جيدا، وأن تزودهم بالسلاح الكافي والمناسب لمواجهة الاحتلال"، منوها لضرورة أن تقوم السلطة الفلسطينية "بإرجاع السلاح للمقاومين الفلسطينيين لخلق زخم شعبي واسع يردع الاحتلال". وأضاف: "لا نستطيع أن نبني على شخص أو شخصين أو ثلاثة"، حيث صادرت السلطة سلاح فصائل المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة في إطار البحث عن حل نهائي للقضية الفلسطينية عبر المفاوضات مع الاحتلال.
وحول إمكانية سماح السلطة الفلسطينية بمثل هذه الأعمال، قال الخبير السياسي إن "السلطة تعمل كوكيل للاحتلال، ومن يريد أن يعمل لخدمة وطنه وقضيته يجب أن يعمل منعزلا عن السلطة وبعيدا عنها"، داعيا الفصائل الفلسطينية إلى "مقاطعة السلطة ومواجهتها لأنها لا تتيح لهم المجال في مقاومة الاحتلال".
وانطلقت شرارة الانتفاضة الثالثة مع بزوغ شهر تشرين أول/أكتوبر الماضي، حيث تنوعت العمليات في مقاومة الاحتلال؛ ما بين طعن ودهس وإطلاق نار وغيرها من وسائل المواجهات الشعبية، وأسفرت المواجهات حتى الآن عن استشهاد 78 فلسطينيا، بحسب بيان وزارة الصحة الفلسطينية، وبلغ عدد الإصابات في الضفة وقطاع غزة ما يزيد عن 7500 إصابة.