كشف باحثون أمريكيون في ورقة بحثية نُشرت في الدورية الأمريكية للطب الوقائي، أن ارتباط
الاضطرابات النفسية بفصول السنة المُناخية يُعد أكثر رسوخا مما يتخيل البعض، حيث ثبُت عن طريق مسح قاعدة بيانات مُحرك البحث "غوغل" أن تساؤلات المُشاركين عن الاضطرابات النفسية وأعراضها ما بين الاكتئاب والقلق المُزمن والوسواس القهري في الفترة ما بين عامي 2006 و2010 تمتعت بنمط موسمي.
حيث لاحظت الورقة البحثية زيادة بنسب ملحوظة في الاضطرابات النفسية في الشتاء عنها في الصيف، وذلك في كل من الولايات المُتحدة وأستراليا.
وبحسب موقع "informationweek"، فإنه لم يتصور أحد من الباحثين على الرغم من أن نتائج الدراسة جاءت غير متوقعه، أن أغلب الاضطرابات النفسية ذات توزيع موسمي، ذلك إضافة إلى مرض الاكتئاب الشتوي، المعروف باسم علمي أكثر وضوحا، وهو الاضطراب العاطفي الموسمي.
إلا أن الورقة البحثية أكدت أن نتائجها ليست بديلا عن الاستطلاع الحي لصحة المواطنين على ما يكتنفه من صعاب.
وأثبتت الدراسة أن "الاضطراب العاطفي الموسمي" يظل محل تساؤل وحيرة، فيما ينتظر قدومه عدد كبير من الأفراد كلما قطعت أرضنا شوط جديدا من دورتها حول الشمس.
الاضطراب العاطفي
بوضع اسمه العلمي في حُلته الإنجليزية، يُكون الاضطراب العاطفي الموسمي (Seasonal Affective Disorder)، عند اختصاره باختيار الحروف الأولى من معناه بالإنجليزية هو SAD، أي حزن، التي تُمثل بدورها أحد الأعراض المُصاحبة للمرض.
ويعرف موقع "mind.org.uk" الاضطراب العاطفي الموسمي كنوع خاص من
الكآبة تُصيب الأفراد في فصل مُحدد من فصول السنة، ويؤثر على حالتهم المزاجية وطاقتهم اليومية، وصولا إلى أعراض الاكتئاب التي تؤثر على نمط الحياة اليومي.
ولتأثر المرض بدرجة تعرض المُصاب للضوء تتكتل أغلب حالات الإصابة في
فصل الشتاء، إلا أن نسبة قليلة من المُصابين تكسر القاعدة وتبدأ حالات تعكر مزاجها السنوية في فصل الصيف.
شعاع الضوء
بحسب صحيفة "الغارديان"، في أحد تقاريرها، أرجعت مُسببات إصابة البعض بالاضطراب العاطفي الموسمي إلى شعاع الضوء، الذي ينسحب من المشهد من بدايات فصل الشتاء، ويختفي خلف السحب الداكنة لفترات طويلة، فيسبب اختفاؤه آثارا سلبية على عدد من الهرمونات داخل الجسم، ومنها الميلاتونين والسيروتونين، التي تؤثر بدورها بشكل مُباشر على حالة الشخص المزاجية وشهيته، وبالطبع قسط النوم الذي يحصل عليه.
أما
الساعة البيولوجية لجسم الإنسان، فتتأثر أيضا بتبدل أنماط سطوع الضوء بين فصول السنة، كما ورد في موقع" mentalhealthamerica.net"، ما يؤدي إلى حدوث خلل في إيقاعها اليومي.
موسم الكآبة
ولأن زيادة إنتاج هرمون الميلاتونين، الذي يؤدي في بعض الأحيان إلى ظهور بعض أعراض الاكتئاب، مرتبطة بدرجات الظُلمة، التي تُعد إحدى سمات الشتاء العاصف، فإن الإصابة بذاك النوع الدوري من الكآبة يُصبح مُحتملا في بعض الأحيان، ويفسر ما يُعدده موقع" mentalhealthamerica.net"، من بعض أعراض الاضطراب العاطفي الموسمي، ما بين الشعور بالحزن واليأس والذنب المُستمر، مع انعدام الثقة بالنفس والعجز عن التعامل مع الضغوط اليومية المُعتادة، فضلا عن اضطرابات النوم.
وتصل ذروة الأعراض السلبية للمرض، بحسب الموقع ذاته، عادة ما بين أشهر ديسمبر ويناير وفبراير من كل عام، فيما تبدأ الأعراض بالظهور في سبتمبر من كل عام، وتستمر في رحلة التعاظم ومن ثم التلاشي، وصولا إلى حلول الربيع، أي شهر أبريل من العام التالي.
خريطة جغرافية
ولاختلاف نصيب دول العالم من التعرض إلى تبدل أنماط الضوء ودرجات الحرارة والمُناخ مع اختلاف فصول السنة، يأتي نصيب بعض المناطق الجغرافية من إصابة أفرداها بالاضطراب العاطفي الموسمي أكبر من مناطق أخرى، حيث يُشير موقع "mind.org.uk" إلى أن نصيب الدول الإسكندنافية والأوروبية بشكل عام، والشمال أمريكية وآسيوية والجنوب أسترالية وآسيوية، أكبر بكثير من الدول الواقعة جنوب وشمال خط الاستواء؛ حيث تتمتع تلك المنطقة الجغرافية بساعات نهار طويلة مُنتظمة وضوء وفير طوال أيام السنة.