طالب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، الحكومة
المصرية بالتحقيق الفوري في الاتهامات
السودانية لمصر بقتل لاجئين سودانيين أثناء محاولتهم عبور الحدود المصرية في منطقة سيناء، خلال الأيام القليلة الماضية.
وكان وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور، أعلن الاثنين تقديم بلاده شكوى ضد مصر لدى
مجلس الأمن الدولي، بسبب إجراء الحكومة المصرية اقتراع الانتخابات البرلمانية داخل منطقة حلايب وشلاتين المتنازع عليها بين الدولتين.
وشدد غندور في كلمة ألقاها أمام البرلمان السوداني، تابعتها "
عربي21"، على أن "حلايب سودانية، وستظل كذلك"، مشيرا إلى أن القاهرة ترفض اللجوء للتحكيم الدولي كأحد البدائل المطروحة لحل هذا النزاع.
وتتنازع مصر والسودان السيادة على مثلث حلايب وشلاتين، لكن القوات المصرية تسيطر بالفعل على تلك المنطقة الواقعة على ساحل البحر الأحمر.
مقتل 16 سودانيا
وتزايد التوتر بين البلدين بشكل مفاجئ بعد مقتل 16 مواطنا سودانيا على أيدي قوات الأمن المصرية، أثناء محاولتهم التسلل إلى الأراضي المحتلة الأسبوع الماضي.
وأضاف وزير الخارجية السوداني قائلا: "نواصل متابعتنا مع الجهات المصرية لمعرفة ملابسات قتلهم والجهات التي كانت تقف وراء تسفيرهم لإسرائيل".
وكانت وزارة الداخلية المصرية أعلنت العثور على جثث 15 مهاجرا أفريقيا، وثمانية آخرين أصيبوا على الحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة، في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، وأضحت أنها لم تستدل حتى الآن على الجهة التي ارتكبت هذه الجريمة.
وأعلن المتحدث العسكري المصري، الاثنين، مقتل خمسة مهاجرين سودانيين برصاص قوات الجيش، وإصابة ستة آخرين، وإلقاء القبض على خمسة في محافظة شمال سيناء، أثناء محاولتهم التسلل إلى الأراضي المحتلة، مضيفا أن جنديا مصريا أصيب خلال تبادل إطلاق النار مع المهربين.
وأعلنت الخرطوم رسميا، الاثنين، البدء في تحقيق عاجل في هذه الحوادث، حيث أكد وزير الخارجية السوداني أن السفارة السودانية في مصر شكلت لجنة انتقلت إلى مدينة العريش شمال سيناء، لتقص الحقائق، مشيرا إلى أنها تسلمت من الجانب المصري جوازات سفر 14 من القتلى حتى الآن، وجار التعرف على اثنين آخرين.
حملة مضايقات
وفي سياق ذي صلة، أعلن غندور إطلاق سراح أربعة سودانيين من بين 23 اعتقلتهم الشرطة المصرية، في إطار ما أسماها "حملة المضايقات التي يتعرض لها بعض السودانيين في القاهرة"، على حد قوله.
وأكد غندور متابعة القضية عبر القنوات القانونية، لا سيما فيما يتصل بالتجاوزات التي تمت بشأن التعامل مع السودانيين هناك.
وأوضح وزير الخارجية أن بعض السودانيين تعرضوا لاعتداءات من قبل الأمن المصري في القاهرة، وتم اعتقال بعضهم من الشوارع والمقاهي، وتفتيش منازل آخرين، مضيفا أن بعض اللصوص ينتحلون صفة رجال الأمن المصري لينهبوا ممتلكات السودانيين المقيمين في مصر.
وبحسب ما اطلعت عليه "
عربي21"، تشهد مواقع التواصل الاجتماعي حملة غضب واسعة من قبل النشطاء السودانيين احتجاجا على الاعتداءات التي يتعرض لها مواطنون سودانيون في مصر.
وأعلن البرلمان السوداني، في نهاية جلسة الاثنين التي استمع فيها لتقرير من وزير الخارجية، رفضه لما أسماها "سوء المعاملة" التي يتلقاها المواطنون السودانيون في مصر، وطالب وزارة الخارجية باتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين المصالح السودانية في مصر".
وقال غندور قال خلال الجلسة إن "هناك زيادة في حالات احتجاز السودانيين، وتفتيشهم، وسرقة أموالهم على أيدي قوات الأمن، وابتزازهم؛ بحجة التأكد من وجود إقامات لديهم".
وأضاف قائلا أن من يتم احتجازهم داخل أقسام الشرطة في مصر بغير وجه حق يتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة والابتزاز.
تأجيل اجتماعات سد النهضة
وألقى هذا التوتر بظلاله على ملف سد النهضة الإثيوبي، حيث أعلن وزير الموارد المائية والكهرباء السوداني، معتز موسى، تأجيل اجتماعات الجولة العاشرة للجنة الوطنية لسد النهضة، التي كان من المقرر عقدها الشهر الجاري في الخرطوم، بناء على طلب القاهرة.
وأضاف موسى في بيان صحفي الاثنين، اطلعت عليه "
عربي21"، أن مصر طلبت دمج اجتماع وزراء الري في الدول الثلاث مع اجتماع آخر يجمع وزراء الخارجية، مشيرا إلى أن المكتبين الاستشاريين الفرنسي والهولندي المنفذين لدراسات السد سيحضران الاجتماعات في محاول أخيرة لتوفيق الآراء بينهما فيما يتعلق بآليات تطبيق الدراسات المطلوبة.
من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، إن تناول الإعلام للشكوى التي تقدمت بها السودان ضد مصر في مجلس الأمن حول منطقة حلايب وشلاتين مبالغ فيه، مضيفا أن هناك توافقا كاملا بين الدولتين، ولا توجد أزمة، على حد قوله.
وقال أبوزيد، في مداخلة تلفزيونية مساء الاثنين مع قناة صدى البلد، إن الموضوع الرئيس الذي ناقشه البرلمان السوداني الاثنين كان حول أوضاع السودانيين في مصر، وليس منطقة حلايب وشلاتين، مشيرا إلى أن أكثر من أربعة ملايين سوداني يعيشون في مصر بشكل طبيعي دون أي مشكلات.
وحذّر من أن التصريحات الإعلامية التي يتم تداولها في هذه الظروف تثير الاحتقان بين البلدين، مؤكدا أنه لا توجد لجنة سودانية ستصل إلى القاهرة لمناقشة أوضاع السودانيين في مصر، على عكس ما أعلنته بعض وسائل الإعلام.