نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا حول أسباب تراجع
أسعار النفط إلى أقل من 45 دولارا للبرميل الواحد، بعد أن كانت قد بلغت 115 دولارا في كانون الثاني/ يناير 2014.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الدول المصدرة للبترول فشلت، خلال الاجتماع نصف السنوي في فيينا يوم الجمعة المنقضي، في تحديد سقف الإنتاج. وقد تواصل النقاش لساعات طويلة بين جميع الأطراف دون التوصل لاتفاق، رغم تداعيات تدني أسعار النفط على اقتصاديات الدول المنتجة.
وأضافت الصحيفة أن الدول المنتجة للبترول كانت قد اتفقت منذ سنة 2011 على تحديد سقف الإنتاج العالمي، بـ30 مليون برميل يوميا، إلا أن الإنتاج تجاوز هذا الرقم بفائض مليوني برميل، ويمكن تفسير هذا الفائض في الإنتاج من خلال عودة إيران للسوق العالمية بعد رفع العقوبات الدولية عنها، وظهور أندونيسيا كقوة منتجة للبترول.
وأشارت الصحيفة إلى أن تدني أسعار النفط في الفترة الأخيرة يرتبط باضطراب مؤشرات العرض والطلب، أكثر من ارتباطه بالتجاذبات الإقليمية أو المضاربات في السوق، كما ساهمت دول الخليج عموما، والمملكة السعودية خصوصا، في إقناع الدول المصدرة للنفط بالزيادة في حجم الإنتاج.
وذكرت الصحيفة أن الولايات المتحدة تؤدي دورا رئيسيا في اضطراب أسعار النفط في السوق العالمية، حيث توفر مليون برميل إضافي من النفط سنويا في السوق العالمية، إلا أن دول الخليج كانت تعول على الانهيار السريع لقدرة الولايات المتحدة على توفير هذا الفائض، بسبب التكلفة المرتفعة للإنتاج الأمريكي.
وأضافت الصحيفة أن تدني أسعار
البترول كبّد المستثمرين في مجال التنقيب عن النفط خسائر فادحة، بعد سنة من الانهيار. كما أثّر الاضطراب المربك لأسعار النفط بوضوح على عمليات التنقيب والحفر، التي تراجعت بنسبة 60 في المائة خلال الأشهر الأخيرة.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الفائض في الإنتاج لا يعكس حقيقة الطلب العالمي على النفط، فقد تواصل الطلب على البترول في الأسواق العالمية بالوتيرة ذاتها، ومن المنتظر أن يتراجع بعد تباطؤ النمو الاقتصادي في آسيا، وخاصة في الصين. ولذلك توقعت الوكالة الدولية للطاقة أن يتواصل الفائض في الإنتاج ليصل إلى 1.8 مليون برميل يوميا، بنهاية سنة 2015، و1.2 مليون برميل في سنة 2016.
وذكرت الصحيفة أن هناك تنافسا كبيرا بين الدول المنتجة للنفط، ساهم في انخفاض الأسعار، ويبدو هذا التنافس أكثر وضوحا بين روسيا والمملكة السعودية في منطقة أوروبا الشمالية، حيث استفادت دول مثل السويد والمجر وبولندا، من الأسعار التنافسية التي يقدمها العراق والسعودية.
وساهم هذا التوجه في استفزاز روسيا التي تعتبر أوروبا الشمالية منطقة نفوذها الخاص لترويج إنتاجها من النفط والغاز، حيث قامت بدورها بخفض أسعار نفط سيبيريا.
وأضافت الصحيفة أن التوترات المتزايدة في منطقة الشرق الأوسط والشرق الأدنى، وخصوصا في العراق وليبيا، تدعو للقلق لكنها لا تؤثر بصفة مباشرة على اضطراب أسعار النفط، كما يبدو أنه ليست هناك نية لدى أي من مصدري النفط، سواء كانوا دولا أعضاء في
الأوبك أم لا، لخفض إنتاجهم في الفترة القادمة.
وقد رفضت أبرز البلدان المنتجة للنفط، على غرار العراق وإيران، تقليص إنتاجها من البترول، تماما كما رفضته روسيا.
واعتبرت الصحيفة أن اضطراب الإنتاج الذي أدى إلى اضطراب الأسعار، جعل التنبؤ بأسعار النفط أمرا معقدا، حيث أكد المختصون أن سوق الأسعار أصبحت ضبابية، بعد أن توقعوا أن سعر برميل النفط لن ينزل دون 100 دولار، بسبب تزايد الطلب العالمي واعتماد تكنولوجيا جديدة في التنقيب والاستخراج.
وأضافت الصحيفة أن إنتاج النفط وتسويقه يخضع لنظام دوري، ما يعني أن معادلة العرض والطلب على البترول لا تعرف أحكاما مسبقة، وقد شهدت أسعار النفط في سنة 1990 انخفاضا بلغ 10 دولارات للبرميل الواحد، قبل أن ترتفع إلى رقم قياسي في حدود 147 دولارا سنة 2008.
ورجحت الصحيفة في الختام أن يستعيد سوق النفط عافيته في سنة 2016، حيث توقع أكثر من 31 مختصا في المجال أن تحافظ الأسعار على استقرارها في حدود 57 دولارا للبرميل، لكن تبقى هذه التوقعات خاضعة للتغيرات الاقتصادية والسياسية في العالم.