يبدو أن دخول القوات التركية مؤخرا للعراق، ورد فعل الحكومة الرافض لوجودهم في الوقت ذاته، الذي يرحب فيه بالإيرانيين والأمريكان، فرض على المسؤولين تبرير وجود قوات الأخيرتين بأنهم موجودون بصفة خبراء، ما اضطرها إلى أن تقبل بوجود الأتراك أيضا بصفتهم خبراء، رافضة وجود جنودهم.
وقال وزير الخارجية
العراقي إبراهيم الجعفري الاثنين، إن المهلة النهائية المحددة لأنقرة لسحب جنودها من شمال العراق لا تنطبق على المستشارين العسكريين.
وأضاف خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير بقوله: "هناك مستشارون عسكريون من عدة بلدان (في العراق)، وقبلنا هذا المبدأ، لكن ليس دخول قوات برية الأراضي العراقية".
وقد أمهلت الحكومة العراقية الأحد
تركيا 48 ساعة لسحب قواتها من منطقة الموصل، مهددة باستخدام "كل الخيارات المتاحة" بما في ذلك اللجوء إلى مجلس الأمن لإرغام أنقرة على سحب قواتها التي تقول بغداد إنها دخلت العراق بشكل غير قانوني.
وتوعد رئيس الوزراء العراقي تركيا بأنه لم يتبق سوى 24 ساعة على المهلة التي منحها مجلس الأمن الوطني لانسحاب الجنود الأتراك، من العراق، ورفض الرواية التي قدمتها تركيا بخصوص إرسالها قوة عسكرية إلى مدينة الموصل، نافيا علم حكومته بدخول هذه القوات.
ودعا حيدر العبادي، الاثنين، القوة الجوية العراقية لأن تكون على أهبة الاستعداد "للدفاع عن العراق وسيادته"، في استعراض لعضلاته على تركيا التي أرسلت قوة عسكرية للموصل العراقية.
وقال مسؤول تركي الاثنين إن بلاده لا تنوي سحب قواتها التي انتشرت الأسبوع الماضي، رغم المهلة التي حددتها السلطات العراقية.
وأضاف المسؤول الذي تحدث للصحافيين، شرط عدم الكشف عن اسمه: "نتوقع أن تبقى هذه القوات".
وتابع قائلا: "هذا يتوقف على المناقشات. لكن من الواضح أننا نعلم من ضباطنا في الميدان، ومن طلبات مختلف الجماعات هناك، ومن مباحثاتنا مع الحكومة المركزية (في بغداد)، ومع سلطات إقليم كردستان، بأنها ستبقى".
اقرأ أيضا: العبادي يستعرض عضلاته على تركيا والأخيرة تنفي سحب قواتها
وينتشر بين 150 و300 جندي تدعمهم 20 دبابة منذ الأسبوع الماضي في بعشيقة، على بعد 30 كلم عن الموصل، ثاني أكبر مدن العراق التي يسيطر عليها منذ حزيران/ يونيو 2014 تنظيم الدولة.
ووفقا لأنقرة، فإن عملية الانتشار تندرج ضمن عملية "تبديل عادي" في برنامج تدريبي ينفذه المستشارون العسكريون للقوات المسلحة الكردية، والمقاتلون العرب السنة المعادون للتنظيم.
وفي بغداد، فإن العبادي مضطر إلى التوازن بين الدفاع عن السيادة العراقية والبحث عن دعم خارجي لمحاربة تنظيم الدولة الذي يسيطر على أجزاء واسعة من الأراضي العراقية.
وقال المحلل كيرك سويل المقيم في الأردن إن "العبادي في موقف ضعيف جدا، ويتعرض لضغوط من عدة جهات، ومعارضة الشيعة للمشروع التركي قوية جدا، بحيث لا تترك له أي خيار".
وقد تحسنت العلاقات بين بغداد وأنقرة منذ تولي العبادي منصبه عام 2014، لكن التوتر موجود بين العاصمتين، لا سيما في مسألة النزاع السوري ومكافحة الجهاديين.
وتماشيا مع موسكو وطهران، اتهم العبادي أيضا أنقرة الاثنين بلعب دور مهم في تهريب النفط الذي ينتجه التنظيم المتطرف، مؤكدا أن الغالبية العظمى من الذهب الأسود تمر عبر تركيا.