كشف مركز الشهاب لحقوق الإنسان عن بدء فعاليات موجة من الإضرابات يقوم بها عدد من
المعتقلين السياسيين في عدد من سجون
مصر، بسبب
التعذيب وسوء المعاملة والتعنت الشديد وسحب الأغطية ومنع الأدوية.
وقال مركز الشهاب في بيان أصدره الثلاثاء، إن "المعتقلين بقسم سنورس بمحافظة الفيوم، والمعروف باسم "ثلاجة سنورس"، استمر إضرابهم لليوم الخامس على التوالي؛ حيث تمتنع إدارة القسم عن الإفراج عن المعتقليين رغم صدور أحكام ببراءتهم، وتشرع في تلفيق تهم جديدة لهم".
وتابع المركز أن شكاوى معتقلي برج العرب في محافظة الإسكندرية تصاعدت ضد إدارة السجن، بسبب الإفراط الشديد في إيداع الطلبة عنابر التأديب ولمدد كبيرة، وعدم السماح للمعتقلين بالتريض والتشمس.
وأضاف: "وكذلك بسبب التضييق على الأهالي في الزيارات، ومنع دخول الأطعمة والأدوية، واستمرار رفض إدارة السجن السماح بالمبيت بمديرية الأمن للحاق بالجلسات في ظل تأخر وصول عربات الترحيل، مما يترتب عليه تأجيل الجلسات لعدة شهور".
وطالب مركز الشهاب، باحترام قانون
السجون ولائحته ونصوصهما التي تلزم بحسن معاملة المحبوس وكفالة الرعاية الصحية.
وفي رسالة لأحد معتقلي سجن "العقرب"، حصلت عليها "
عربي 21"، قال: "نحن الأموات الأحياء، كل الناس يموتون مرة واحدة، ونحن نتجرع مرارة الموت كل يوم مرات ومرات، إن كنتم تظنوننا نبالغ فاسألوا من يقابلوننا في لحظات بعثنا من مقبرة العقرب حين نخرج لجلسات المحاكمة".
وأضافت الرسالة: "اسألوهم عن أجسادنا الواهنة، وعيوننا الغائرة، وملابسنا المتعفنة على أجسامنا، وأقدامنا الحافية، أكتب لكم بدمي قبل مداد قلم استعرته لأنقل لكم ما يحدث معنا".
وذكر المعتقل أن المعتقلين يعيشون أوضاعا لا تمت للآدمية بأي صلة، فلا ضوء أو طعام في الزنازين، وهناك إهمال طبي متعمد، ووصل الأمر إلى تجريدنا من الأدوية الدورية للأمراض المزمنة بعد أن حصلنا عليها".
وأشار إلى أن المعتقلين بعدما أضربوا عن الطعام - ظنا منهم أن هذا الإجراء قد يجدي أو يغير شيئا- اقتحمت إدارة السجن الزنازين، وأخرجوا كل المضربين عن الطعام، ومن بينهم المعتقل مسعد أبو زيد (المصاب بشلل الأطفال).
وأضاف: "تم تكبيلنا من الخلف، وانهالو علينا ضربا، ولم يصمد (مسعد) بجسده الواهن أمام الضربات فسقط على الأرض، ليبدؤوا معه رحلة السحل هو وزملاؤه بطول عنبر الحجز، ثم بدأ الجنود بضربهم بالبيادة في وجوههم وبطونهم ووقفوا على ظهورهم".
وتابعت الرسالة: "مسعد أبو زيد، مع أربعة آخرين، يرقد الآن في المستشفى، لكننا لا نعلم حالته الصحية، وهذا دليل واضح على خطورتها، حيث إنه لا تنقل أي حالة إلى المستشفى إلا وهي على مشارف الموت".
وأردفت: "هذا فصل من فصول القتل اليومي الذي نتعرض له، والحقيقة لا ندري هل سئم الناس من استغاثاتنا فلم يعودوا يستجيبون أم أنهم تعودوا على حكايات الرعب في العقرب فصارت واقعا وأمرا طبيعيا".
وناشدت الرسالة جميع اللجان، والجمعيات، ومراكز ومؤسسات ومنظمات حقوق الإنسان بكشف هذه الانتهاكات "البشعة"، ومحاولة تغيير الأوضاع المأساوية التي يتعرضون لها على مدار الساعة.
أكد شقيق أحد المعتقلين بسجن العقرب أن السجناء يمرون بظروف من أصعب وأسوأ ما تكون، خاصة أنهم يتعرضون للتعذيب والإهانات بشكل مستمر، وكأنهم ليسوا بشرا أو "حيوانات"، لهم حد أدنى من الحقوق.
وأشار المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، في تصريح لـ"
عربي 21"، إلى أن أهالي المعتقلين تزداد آلامهم وتتقطع قلوبهم حسرة على ما يحدث لذويهم في سجون الانقلاب، مطالبا كل إنسان لديه قلب أو عقل أن يتحرك ويفعل لهم شيئا يخفف من هذه "الكارثة" التي حتما ستنفجر يوما ما، حسب قوله.
وأوضح أن إدارة سجن "العقرب" تتعمد إذلال المعتقلين، لمحاولة إثنائهم عن الإضراب الجماعي، لدرجة وصلت إلى دهس وجوهههم بالأقدام، فضلا عن منع الملابس الشتوية عنهم ووقف الزيارات.
وفي سياق متصل، تواصل قوات الأمن بسجن برج العرب بمحافظة الإسكندرية انتهاكاتها بحق المعتقلين، حيث إنها تصر على قطع مياه الشرب عنهم منذ ما يزيد عن ثلاثة أسابيع، بينما تمد الزنازين بكميات مياه قليلة جدا ملوثة وغير صالحة، مما أدى لوجود الكثير من حالات التسمم بالسجن.
يذكر أنه تم قطع مياه الشرب عن سجن برج العرب منذ موجة الأمطار الأولى التي أغرقت محافظة الإسكندرية بأكملها، مما تسبب في تعطيل محطات رفع المياه، ومنذ هذا التاريخ لم يمد المعتقلون إلا بكميات قليلة جدا من المياه الملوثة، كما أنه تم منع دخول المياه المعدنية الصالحة للشرب، والتي كانت تباع للمعتقلين بأضعاف ثمنها.
ويعد سجن العقرب أحد أكبر سجون مصر المعروفة بالانتهاكات، ويعود تاريخ إنشائه إلى عام 1993، داخل مجمع سجون طره، حيث يكابد فيه المعتقلون صنوف العذاب خلف أسوار بارتفاع سبعة أمتار وبوابات مصفحة، وهو نموذج أمريكي يماثل معتقل "جوانتانامو"، وبات يحمل اللقب ذاته في نسخة مصرية.