نشرت صحيفة "
كورييرا ديلا سيرا" الإيطالية تقريرا، على إثر تصريحات دونالد
ترامب الأخيرة ضد المسلمين، عرضت فيه نبذة تاريخية حول الإسلام في الولايات المتحدة، والوضع الاجتماعي للمسلمين في هذا البلد، وتغير نظرة الأمريكيين لهم منذ هجمات 9/11.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن دونالد ترامب دعا مؤخرا إلى منع جميع المسلمين من دخول الولايات المتحدة، ولكن رغم سعيه لتضخيم هذا الخطر المزعوم، فإن الأرقام تشير إلى أن عدد المسلمين في الولايات المتحدة محدود، كما أنهم يتميزون بالرقي الفكري والاندماج الثقافي، ويبلغون غالبا مستوى علميا مرموقا في المجتمع الأمريكي.
وأشارت الصحيفة إلى أن المسلم الأكثر شهرة في الولايات المتحدة هو محمد علي كلاي، وهو أعظم ملاكم في تاريخ البلاد، وقد تخلى عن الاسم الذي منحته له عائلته، وهو كاسيوس كلاي، في سنة 1964 من أجل تقمص اسم النبي محمد.
كما ذكرت أن أول مسجد بني في الولايات المتحدة يعود إلى سنة 1929، تم تشييده في مدينة روس من ولاية داكوتا الشمالية، وقد بناه حينها عدد من المهاجرين السوريين.
ولكن بحسب الصحيفة، فإن تاريخ الولايات المتحدة مع الإسلام يعود إلى أبعد من ذلك، فقد بدأ منذ 1619 عندما بدأ تجار العبيد بنقل الناس من المستعمرات البريطانية في أفريقيا إلى ولاية فرجينيا، إذ يؤكد عدد من الباحثين بأن حوالي ربع هؤلاء الأفارقة، الذين تم اختطافهم واقتيادهم مسلسلين خلال القرن الثامن عشر، كانوا مسلمين في الأصل، وتم تنصريهم بالإكراه.
وأشارت الصحيفة إلى أنه يصعب اليوم معرفة العدد الحقيقي للمسلمين في الولايات المتحدة على وجه الدقة، إذ إن الإحصاء على أساس ديني يمنع في الولايات المتحدة، ويبقى المصدر الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه هو التقديرات والدراسات التي تجرى في هذا المجال، والتي تقدر عدد المسلمين بحوالي 2.5 مليون من بين 318 مليون أمريكي، وهو عدد يمثل حوالي النصف مقارنة بعددهم بفرنسا، رغم أن عدد القاطنين بها 65 مليون فقط.
وأشارت الصحيفة إلى أن نسبة المسلمين في الولايات المتحدة تتطور بشكل ملحوظ، وتشير التقديرات إلى أن عددهم سيتضاعف بحلول سنة 2050، بفضل ثقافة إنجاب الأطفال لدى المسلمين.
وذكرت الصحيفة أن التوترات بين الولايات المتحدة والمسلمين بدأت في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001، بعد أن كشفت تلك الهجمات عن حجم الخطر الذي يمثله المتشددون، الذين ولدوا وعاشوا في الولايات المتحدة.
وتشير الأرقام إلى أنه منذ أيلول/ سبتمبر 2001 وإلى نهاية سنة 2014، حاول 109 من المواطنين الأمريكيين المنتمين للإسلام القيام بهجمات ضد أهداف أمريكية، وقع ضحيتها حوالي 50 أمريكيا. وقد كانت آخر هذه الحوادث هي مجزرة سان برنارندينو في ولاية كاليفورنيا في الثاني من كانون الأول/ ديسمبر من العام الجاري، التي ذهب ضحيتها 14 قتيلا.
كما تغيرت نظرة الأمريكيين للإسلام بشكل كبير في السنوات الأخيرة، بسبب تصاعد خطر تنظيم الدولة، وانتشار التطرف في صفوف عدد من الشباب المسلم الذي ولد ونشأ في الدول الغربية.
في المقابل، اعتبرت الصحيفة أن هذه الهجمات لا تعكس حقيقة المجتمع المسلم في الولايات المتحدة، إذ تشير إحصائيات معهد "بيو" للدراسات الدينية في الولايات المتحدة، إلى أن حوالي 50 بالمائة فقط من مسلمي أمريكا يمكن اعتبارهم من المحافظين، وهي النسبة نفسها لدى نظرائهم من المسيحيين الأمريكيين. كما أن 75 بالمائة من المسلمين الأمريكيين يؤمنون بأن هنالك تفسيرات عديدة للقرآن، كما أنهم يقبلون ببقية الديانات الأخرى ويرفضون معاداتها.
أما في مجال التعليم، فإن المجتمع المسلم يأتي في المرتبة الثانية بعد المجتمع اليهودي، من حيث درجات التحصيل العلمي، إذ إن نسبة المسلمين الذين يحصلون على شهادات دراسات عليا في الولايات المتحدة، خاصة في صفوف الشباب، تعد أعلى من النسبة العامة في الولايات المتحدة.
كما أن مستويات التعليم لدى الفتيات المسلمات أفضل من الرجال، حيث إنهن غالبا ما يبلغن درجات علمية عالية، وهو ما يفند كل الادعاءات حول وضع المرأة المسلمة في الولايات المتحدة.
كما أن المهاجرين المسلمين في الولايات المتحدة يحققون نجاحا أكثر من نظرائهم في الدول العربية، وينجحون في بلوغ أعلى المناصب، خاصة بالنسبة لأبناء الجيل الجديد الذين يعيشون في رفاهية أكثر ويحظون بفرص أفضل من آبائهم، وقد نجحوا خلال السنوات الأخيرة في الحصول على مناصب عليا، في كل المجالات الهامة وعلى رأسها السياسة، على غرار وجود الأمريكية من أصل باكستاني، "هما عابدين"، في منصب مساعدة لوزيرة الخارجية هيلاري كلنتون.