قبل أيام من الذكرى الخامسة لثورة يناير، أصدرت سلطات الانقلاب في
مصر عدة قرارات غير معتادة، فأفرجت عن عشرات السجناء في المعتقلات، وخففت قيود الزيارة على معظم المعتقلين.
قافلة طبية في الأقسام
وفي سابقة هي الأولى من نوعها، نظمت وزارة الداخلية قافلة طبية لتوقيع الكشف الطبي على السجناء في قسم أول كفر الشيخ.
وقال اللواء عاطف شلبي مدير أمن كفر الشيخ، إن هذه القافلة تهدف إلى توفير الرعاية الصحية والاجتماعية للسجناء، مشيرا إلى أن اللواء مجدي عبد الغفار وزير الداخلية أصدر توجيهات واضحة لجميع قيادات الوزارة بتوفير كافة أوجه الرعاية الاجتماعية والصحية للسجناء!.
وأكد شلبي في تصريحات صحفية أن رعاية السجناء حق لهم؛ لأنهم أمانة في عنق الداخلية، ولا بد من رعايتهم والحفاظ عليهم وعلى صحتهم، معلنا أن مزيدا من القوافل الطبية ستزور باقي مراكز وأقسام الشرطة بمحافظة كفر الشيخ.
الإفراج عن إسراء الطويل
وبعد مرور أكثر من مئتي يوم داخل السجون، أصدرت محكمة جنايات القاهرة يوم السبت قرارا بإخلاء سبيلها الناشطة السياسية إسراء الطويل؛ بسبب ظروفها الصحية، وحاجتها لتلقي العلاج خارج السجن.
وتضمن قرار إخلاء سبيل إسراء وضعها تحت مراقبة الشرطة، وإلزامها بعدم مغادرتها المنزل إلا بعد إخطار الأمن.
وجاءت هذه الخطوة المفاجئة على الرغم من أن وزارة الداخلية كانت قد أكدت في بيانات رسمية أنها ضالعة في التخطيط لعمليات إرهابية خطيرة، كما ظلت وسائل الإعلام المؤيدة للانقلاب تهاجم إسراء، وتزعم أنها كانت تنوي اغتيال شخصية هامة للغاية باستخدام متفجرات خبأتها في الكاميرا الخاصة بها.
وكانت أجهزة الأمن قد ألقت القبض على إسراء يوم 1 يونيو الماضي، ووجهت لها تهمة الانضمام لجماعة إرهابية وبث أخبار كاذبة من شأنها تكدير الأمن والسلم العام.
وأثارت إسراء حالة واسعة من التعاطف معها لشهور طويلة، خاصة بعد ظهورها في المحكمة بحالة صحية متدهورة، واستخدامها لـ"عكاز" لمساعدتها على المشي، وطالبت الكثير من النشطاء والمنظمات الحقوقية بإطلاق سراحها مراعاة لحالتها المرضية.
فتح الزيارات لمعتقلي بالعقرب
وفي نهاية الأسبوع الماضي، قررت السلطات الأمنية فتح الزيارات لمعتقلي سجن العقرب شديد الحراسة، بعد نحو خمسة أشهر من منعها.
وأكدت رابطة أسر معتقلي العقرب، في بيان لها تلقت "عربي21" نسخة منه، أن إدارة سجن العقرب سمحت لأهالي المعتقلين بالزيارة دون تصريح لمدة دقيقة واحدة، وذلك بعدما كانت منعت الزيارة الاعتيادية منذ عامين تقريبا.
وأشارت إلى أن هذه الخطوة جاءت بعد ضغوط من الأهالي ومنظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية لتطبيق القانون المنظمة لحقوق المعتقلين.
إخلاء سبيل 51 من المختفين قسريا في سجن العازولي
وقالت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات إن سلطات الأمن المصرية أطلقت يوم الجمعة سراح عشرات المعتقلين في سجن العازولي سيئ السمعة، في خطوة غير مسبوقة.
وأكدت المنظمة الحقوقية أن الداخلية أخلت سبيل 51 من المعتقلين الذين كان ذووهم أبلغوا الجهات القضائية باختفائهم قسريا منذ ما يقارب العامين.
وتعليقا على هذه الخطوات، تمنى المحامي والناشط الحقوقي نجاد البرعي، أن يعيد النظام النظر في أوضاع آلاف المحبوسين احتياطيا، وأن يتوقف عن استخدامه كعقوبة.
وأضاف البرعي، عبر تويتر، أنه يلمس تحسنا ملحوظا في أوضاع حقوق الإنسان في شهر ديسمبر، مشيرا إلى أن 18 ضابطا تم الحكم عليهم أو حبسهم على ذمة قضايا تعذيب، وتم نقل سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب السابق ومجدي قرقر القيادي بالتحالف الوطني لدعم الشرعية إلى المستشفى لتلقي العلاج، كما تم السماح بإدخال الأغذية والأدوية والملابس الشتوية إلى السجناء، وخففت قيود الزيارة".
وطالب حافظ أبو سعدة عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان بالإفراج عن كافة المحبوسين على ذمة قانون التظاهر، أسوة بما حدث مع إسراء الطويل.
تهدئة الأجواء قبل ذكرى الثورة
ويرى مراقبون أن هذه الخطوات من جانب النظام، التي تأتي قبل الذكرى الخامسة لثورة يناير، تهدف إلى تهدئة الأجواء حتى تمر المظاهرات القوية المنتظرة في هذه الفترة على خير.
ويقول هيثم أبو خليل مدير مركز "ضحايا" لحقوق الإنسان إن النظام يستغل حالة إسراء الطويل لتهدئة الأجواء قبل ذكرى الثورة، التي يريد لها أن تمر دون تأثير قوي على أركانه.
وقال الناشط محمود محمد حجازي إن هناك عدة عوامل أدت إلى هذه المرونة من نظام السيسي، من بينها اقتراب ذكرى ثورة يناير، وضغوط القوى الإقليمية وعلى رأسها السعودية المدعومة من الولايات المتحدة، والأزمة الداخلية في الإخوان، التي أظهر وجود تيار قوي داخل الجماعة يتبنى العنف خيارا رئيسيا في الصراع مع النظام.