منذ بداية "انتفاضة القدس" في شهر تشرين الأول/ أكتوبر، وكجزء من سياسة العقاب الجماعي التي يمارسها الاحتلال بحق عائلات المتهمين بتنفيذ عمليات، هدمت قوات الاحتلال عشرات المنازل في الضفة والقدس؛ بهدف وقف ما تقول إنه "المسّ بأقرباء من نفذوا عمليات ضدّ
إسرائيل، أو الذين اشتبه بضلوعهم فيها؛ بغية ردعهم عن تنفيذ مثل هذه العمليات".
ووفقا لمركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان "بيتسيلم"، فقد جدد جيش الاحتلال الإسرائيلي
هدم البيوت في حزيران/ يونيو 2014 بعد خطف ثلاثة مستوطنين في مدينة الخليل، وهدمت أربعة بيوت وأغلقت بيتا واحدا في كل من الضفة الغربية والقدس.
واعتبر المحلل السياسي صقر الجبالي أن "عودة الاحتلال إلى سياسة هدم بيوت منفذي العمليات بالضفة والقدس هي سياسة فاشلة ولن تجدي نفعا له، وهذه السياسة لن توقف العمليات التي يقوم بها أبناء الشعب
الفلسطيني في إطار الانتفاضة الجماهيرية المستمرة والتي اندلعت قبل حوالي ثلاثة شهور".
وقال الجبالي في تصريح لـ"
عربي21" إن "الشعب الفلسطيني يمتلك إرادة وعزيمة وإصرار لا يمتلكها أي شعب آخر، وهو من خلال العمليات التي يقوم بها يرد على جرائم الاحتلال التي استهدفت وما زالت تستهدف المقدسات والأطفال والنساء وكبار السن في شتى محافظات الضفة والقدس".
في السياق نفسه، قال الكاتب والمحلل السياسي عبد الستار قاسم: "إن اتباع سياسية هدم منازل منفذي العمليات حقق انتصارا للاحتلال إلى حد ما، لكن لا أعتقد أن ذلك سيردع الشبان عن الاستمرار في مثل هذه الأعمال، سواء عمليات الدهس أم الطعن أم إطلاق النار على أهداف جيش الاحتلال".
وأوضح قاسم لـ"
عربي21" أن معظم حالات الهدم يتم فيها اقتحام المنطقة أو الحي المتواجد فيه المنزل في ساعات الفجر بعدد هائل من الدوريات العسكرية، وفرض حالة من الخوف والهلع على أصحاب المنازل المنوي هدمها.
وأضاف قاسم أن "هذه القوة تقوم بفرض حظر للتجوال في المنطقة، وتحاصر المنزل المستهدف، ومن ثم تقوم بالنداء على أصحاب المنزل للخروج خلال أقل من عشرين دقيقة وإخلاء الأثاث والمحتويات، بهدف هدم المنزل، ولا تعتبر هذه المدة كافية لإخراج ما يلزم من المنزل".
وبين قاسم أن ما يدفع الاحتلال لممارسة هذا النوع من العقاب هو محاولة رفع المعنويات في صفوف جنوده، وإرسال رسالة للشارع الإسرائيلي بأن هناك جهودا تبذل من أجل حمايتهم وتوفير الأمان لهم وملاحقة كل من يستهدفهم من المقاومين الفلسطينيين، وذلك عن طريق فرض مزيد من الإجراءات العقابية، سواء بالاعتقال أم بهدم منازل منفذي العمليات أو ما يشابه ذلك.
من جانبه، أكد الحقوقي يوسف قواريق أن "هدم منازل منفذي العمليات يعد عقوبة جماعية رادعة لأفراد عائلة منفذي العمليات، وهذا يخالف اتفاقية جنيف الرابعة"، مشيرا إلى أن إسرائيل تتذرع بالظروف الأمنية لفرض سياسة هدم المنازل.
وفي السياق ذاته، قال الناطق باسم عائلة كرم المصري وهو أحد منفذي عملية "إيتمار" التي حدثت قبل حوالي ثلاثة أشهر وأدت إلى مقتل مستوطنين اثنين، إن هدف الاحتلال من وراء هدم البيوت هو "محاربة ما يطلقون عليه الإرهاب الفلسطيني أمام العالم، وإسرائيل تعتقد أنه من خلال تدميرها للحجر تستطيع القضاء على المقاومة والانتفاضة الشعبية، وإسرائيل تريد ردع كل من يفكر بتنفيذ عمليات ضدها وإخافته، من خلال الإسراع في هدم بيوت منفذي العمليات".
وأضاف الصحفي أيمن المصري: "نحن باقون ولن ترهبنا وتخيفنا سياستهم، نحن فخورون بما قام به كرم وأمثاله الكثيرون".
وعن التوجه للمنظمات الدولية، يشير المصري إلى أنهم لن يتوجهوا لأي منظمة، لأنها لن تستطيع أن تفعل أي شيء للفلسطينيين، بحسب قوله.