نشرت صحيفة دي فيلت الألمانية حوارا أجرته مع كارلا كانينهام، الخبيرة الأمنية الأمريكية، حول ظاهرة انجذاب
النساء للمجموعات المسلحة، التي تمت إثارتها مؤخرا بعد مشاركة الأمريكية تاشفين مالك في هجوم سان برناردينو في كاليفورنيا.
ونقلت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، عن كارلا كانينهام، أن مشاركة المرأة في العمل المسلح -سواء في الثورات أو مع التنظيمات المتمردة- هي ظاهرة تعود لعدة قرون، وقد برزت في القرن العشرين مع مشاركة النساء في الثورة البلشفية في روسيا، وفي حركات التحرر ضد الاستعمار في الجزائر وفلسطين المحتلة والهند.
وأضافت أن النساء شاركن أيضا مع عدة حركات يسارية أو قومية متطرفة، في ألمانيا وإيطاليا وأيرلندا وتركيا، وتم استقطابهن أيضا من قبل حركات عنصرية متطرفة، مثل منظمة كلو كلاكس كلان المعادية للسود في الولايات المتحدة.
وذكرت كارلا كانينهام أن مشاركة المرأة المسلمة في العمل المسلح انطلقت بشكل خاص منذ سنوات التسعينات، وقد برزت الفدائية الفلسطينية وفاء إدريس، أول فلسطينية تقوم بعملية فدائية في سنة 2002 ضد الاحتلال الإسرائيلي، في سابقة هي الأولى من نوعها، شكلت صدمة في المجتمع الإسرائيلي، حتى أن الأجهزة الأمنية بقيت لفترة تتحاشى الاعتراف بأن العملية نفذتها امرأة.
وحول الفرق بين النساء والرجال المنخرطين مع الحركات المسلحة والمنظمات الإرهابية، اعتبرت كارلا أن النساء، بقطع النظر عن الخلفيات الدينية والإيديولوجية، يلعبن دورا مساويا للرجال، يبدأ غالبا من تقديم الدعم وجمع المعلومات، ويصل إلى حد المشاركة في أعمال القتال إذا تطلب الوضع ذلك.
وذكرت كارلا كانينهام أن نظرة الرأي العام لمشاركة المرأة مع الحركات الإرهابية هي ما يشجع هذه الحركات على إدماجها، حيث إن تواجد المرأة يجلب المزيد من الاهتمام الإعلامي، وهي تستعمل أيضا وسيلة هجومية لإرباك معنويات الخصم الذي يشعر بالعار لتعرضه لهجوم تشنه امرأة.
وأشارت كارلا إلى أن النساء يحققن نجاحا أكثر من الرجال في القيام بدورهن داخل التنظيمات المسلحة، خاصة في القيام بالعمليات الانتحارية؛ لأنهن لا يجلبن الانتباه والشبهات. وعادة ينظر للنساء على أنهن ضحايا للعنف ولسن ممارسات له؛ لأنهن ليس لديهن استعداد طبيعي لممارسة العنف، ولكن في أغلب الحالات يكون الانضمام للتنظيمات المسلحة خيارا شخصيا، سواء تعلق الأمر بالرجال أو النساء، وهذا ينطبق حتى على أبي بكر البغدادي الذي قام بعدة جرائم تعكس رغبته في الانتقام، لما مر به أثناء فترة اعتقاله في سجن بوكا في العراق.
وأشارت الصحيفة إلى أن مشاركة النساء في عمليات مع مجموعة إسلامية متطرفة، تناقض نظرة الغرب لدور المرأة في المجتمعات الإسلامية. وحول هذا الموضوع اعتبرت كارلا كانينهام أن الإرهابيين يكرهون المرأة، ولا ينظرون لها بطريقة إيجابية، وهم يريدون فقط استغلالها لما تتميز به من اختلافات عن الرجل تؤهلها للعب أدوار عديدة، أهمها القدرة على نشر الدعاية وجذب المزيد من المقاتلين، وتجاوز الإجراءات الأمنية والتفتيش.
وقالت الخبيرة الأمنية إن هجوم سان برناردينو يعد حالة خاصة لعدة أسباب، أهمها أن تاشفين مالك تعد نتاجا لتطور الحركات المتطرفة ونشاطها الدعائي في العالم، فقد لعبت دورا مساويا لدور زوجها خلال كافة مراحل التحضير وتنفيذ العملية، واكتسبت مهارة في استعمال
السلاح واستعمال المتفجرات.
وحذرت كارلا من أن استغلال
تنظيم الدولة للمرأة لتنفيذ عمليات إرهابية، يمكن أن يلهم عدة حركات ومنظمات أخرى غير إسلامية في كافة أنحاء العالم على انتهاج الأسلوب ذاته. وطالبت الأجهزة الأمنية الغربية بتجاوز الرواية التقليدية التي تتحدث عن انتقال المرأة المفاجئ "من نمط الحياة الغربية إلى ارتداء البرقع"، والبحث عن الأسباب الاجتماعية والسياسية التي تشجع المرأة عن المشاركة في العمل المسلح.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى أنه في مقابل تزايد ظاهرة استغلال تنظيم الدولة للمرأة لتنفيذ أهدافه العسكرية والدعائية، برزت أيضا النساء الكرديات منذ سنة 2012 في الصفوف الأولى في الحرب ضد هذا التنظيم في سوريا والعراق.