كتب المعلق في صحيفة "التايمز" روجر بويز عن العلاقات المتوترة بين
السعودية وإيران، في مقال تحت عنوان "تستحق السعودية الثناء لا العقاب".
ويبدأ الكاتب مقاله بالحديث عن عملية اختطاف مجموعة من هواة الصيد القطريين في صحراء السماوة العراقية، كانوا يحاولون متابعة هوايتهم في صيد طائر الحباري المعروف، وتبين أن الخاطفين هم مليشيات شيعية طالب بعضها بالفدية، والثمن الذي وضعه الخاطفون هو الإفراج عن رجل الدين الشيعي نمر النمر.
ويعلق بويز قائلا: "ربما كان الخاطفون يريدون إثارة إعجاب
إيران بحماستهم، مع أنهم كانوا يضيعون وقتهم؛ لأن السعودية قررت إعدام النمر. وكان لدى السعوديين الوقت الكافي لعقد صفقة حول الشيخ منذ اعتقاله عام 2012، وبدلا من ذلك فقد اتخذوا الخطوة التي عقدت المحاولات لتحقيق السلام في سوريا واليمن، وكلاهما يحتاج تعاونا فيما بين السعودية وإيران، وكان ذلك بداية حرب مكثفة بالوكالة وهجمات سايبرية".
ويتساءل الكاتب هل كان ما فعلته السعودية سوء تقدير من الأمراء الذين يريدون المواجهة، كما أشار السفير البريطاني السابق في الرياض ويليام باتي؟ أم كان محاولة للفت نظر الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأن اتفاقه مع إيران لاحتواء ملفها
النووي هو مكافأة لعدو السعودية اللدود؟
ويرى بويز أنه مهما كانت الأسباب، فإن القضية تذهب أبعد من كونها مشاحنة دبلوماسية. مشيرا إلى أن حرق السفارة السعودية يمثل المبرر لبداية سباق تسلح بين البلدين.
ويعتقد الكاتب أن "القيادة السعودية الجديدة تنظر للعالم من خلال عين باردة، بخلاف الطريقة التي تعامل فيها الأباء والأجداد من قبل. وإذا كان امتلاك السلاح النووي هو الوسيلة الوحيدة لمنع القنبلة النووية في المستقبل، فعندها سيتم الحصول عليه. فما هو على المحك هو بقاء عائلة آل سعود، وما يراه الأمراء الشباب الجدد قصر عمر الاتفاق النووي النسبي، وينظرون إليه على أنه فتيل مشتعل تحت المملكة. ويعتقدون أنه يجب التركيز على حماية حدود المملكة، وهو ما يعني ملاحقة الأقلية الشيعية المضطربة في المنطقة الشرقية. ولم يعدم الشيخ نمر النمر بسبب دعوته إلى إلغاء الحكم في السعودية (أدعو الله أن يأخذ مملكة آل سعود وخليفة في البحرين)، ولكن بسبب شعبيته بين المتحمسين الشيعة، ولأنه أبقى على حالة الغليان في المنطقة، ولم يكن رجل دين محبا للسلام".
ويشير المقال إلى دعوة النمر إلى الاحتفال عندما توفي وزير الداخلية السعودي قبل سنوات، ودعا بأن "يأكله الدود ويصلى في نار جهنم".
ويلفت بويز في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن السعوديين ينظرون لمحاولات إيران للهمينة بنوع من القلق، حيث يرون أن طهران تحاول ممارسة هيمنتها في حديقتهم الخلفية، فهي تقوم بإثارة الشيعة ودعمهم في البحرين، وتساعد المتمردين الحوثيين في اليمن، وتتابع عن قرب المزاج العام في المنطقة الشرقية، التي يخرج منها معظم النفط السعودي. ويعلق الكاتب: "إيران لا تريد الخير، ورغبتها بالإطاحة بآل سعود سر يعرفه الجميع، ولا تبحث عن سبل للتعايش".
ويقول الكاتب إن "العقوبات سترفع عن إيران قريبا، وستمتلئ خزينتها بالمال. ويشير الرد الأمريكي على اندلاع التوتر الحالي إلى أن أمريكا أصبحت أسيرة لإرث أوباما، فالرئيس يريد مغادرة البيت الأبيض، ويظهر قوة الدبلوماسية على الحرب. وكل ما لديه هو اتفاق نووي مع إيران مليء بالعيوب، ولهذا يتم حرف النظر عن المشكلات التي تتسبب بها إيران".
ويتهم بويز أمريكا بأنها أخرجت نفسها بكونها عرابا شريفا للسلام بين الطرفين، وتفقد وبشكل سريع القدرة على التأثير على السياسة السعودية. ويرى الكاتب أن الدول الغربية تدعم وجهة نظر أوباما، وهي أن إيران جزء من الحل، وأن السعودية جزء من المشكلة، مشيرا إلى أن الغربيين في هذه الحالة يدعمون الحصان الخاسر.
ويعترف الكاتب بأن الإعدام في حد ذاته مدعاة على الغثيان، وأن معاملة المرأة في السعودية سيئة، وأن هناك أمراء فاسدين، مستدركا بأنه لا توجد مقارنة أخلاقية بين السعودية وإيران.
ويذكر بويز أن السعودية قامت في الآونة الأخيرة ببناء تحالف من الدول الإسلامية لمحاربة تنظيم الدولة، وحاولت بناء مظلة موحدة للمعارضة السورية، وقامت بحملة قمع ضد الجهاديين في الداخل، وسجنت الآلاف منهم، ومنعت المئات من السفر للخارج.
وتورد الصحيفة أن السعوديين يتعاونون في المجال الأمني مع عدد من الدول الغربية بمن فيها بريطانيا، وشارك الطيارون السعوديون في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، مشيرة إلى أن
الإعدامات الاخيرة ضمت عددا من ناشطي تنظيم القاعدة، منهم قتلة مصور "بي بي سي"، الذين تسببوا كذلك بإصابة مراسلها فرانك غاردنر، الذي نجا بأعجوبة، لكنه فقد القدرة على المشي.
ويخلص بويز إلى القول: "قارن هذه الجهود بمحاولة إيران تحقيق الاستقرار في المنطقة، فهي تدعم الشيعة في العراق وسوريا، وتمول حزب الله، ونشرت قواتها لدعم بشار الأسد، ومدت مخالبها إلى اليمن، وتقدم السلاح لحركة حماس. وحان الوقت لأن نكون واضحين حول هذا؛ فالسعودية حليف غير تام، ولكنها حليف رئيسي للاستقرار في المنطقة، ولا يمكن سحب هذا على طهران. وتحدثنا مرة عن صدام الحضارات القريب، ولكننا نتحدث اليوم عن الصدام داخل الحضارات، حضارة قديمة يمكن إن أتيح لها أن تأخذنا إلى الحافة، ولهذا يجب أن نختار أصدقاءنا بعناية".