نشرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية تقريرا، حول دور
الخلايا النائمة لتنظيم الدولة في التخطيط لاستهداف الدول الأوروبية، بالاعتماد على دعم شبكة معقدة وسرية من الموالين له، مع نفوذه المتنامي في ليبيا التي قد تشكل قاعدة خلفية للتخطيط والتنفيذ، وفق الصحيفة.
وقالت الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن
تنظيم الدولة طور من طريقة عمله منذ ظهوره في سنة 2014، حتى يتمكن من تنفيذ هجمات خارج قواعده المركزية في العراق وسوريا، وتحديدا في الدول الأوروبية التي تقود منذ أشهر حملة عسكرية جوية ضد مناطق نفوذه.
وذكرت الصحيفة أن تنظيم الدولة يعتمد على خلايا نائمة في الدول الأوروبية، بهدف التخطيط لتنفيذ "هجمات إرهابية" تهدف إلى إرباك عمليات التحالف الدولي ضده، حيث يؤكد المختص في الشؤون العسكرية في معهد "أي هاش أس جاينس"، ليدوفيتش كارلينو، أنه "من غير المستبعد أن يسعى تنظيم الدولة إلى توظيف خلاياه النائمة لتنفيذ هجمات إرهابية، بهدف الضغط على التحالف الدولي".
وأضافت الصحيفة أن هجمات باريس في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي؛ تمثل مؤشرا قويا على خطورة الخلايا النائمة في
أوروبا، التي كان يعتبر العنصر البلجيكي المغربي في تنظيم الدولة، عبد الحميد أبا عود، أحد أبرز المشرفين على عمليات التخطيط والتنفيذ داخلها.
واعتبرت الصحيفة أن عملية التخطيط للعمليات
الإرهابية داخل الخلايا التنفيذية، تسبقها غالبا اتصالات مع "القاعدة المركزية" للتنظيم في سوريا والعراق، حيث يرجح ليدوفيتش كارلينو أن يكون عبد الحميد أباعود، العقل المدبر لهجمات باريس، قد تلقى مخطط العملية من قيادة تنظيم الدولة، أثناء زياراته المتكررة لمركز عمليات التنظيم في مدينة الرقة السورية.
وذكرت الصحيفة أن دور عبد الحميد أباعود الذي يحمل رتبة "أمير" مسؤول عن منطقة جنوب أوروبا في تنظيم الدولة، لم يقتصر على هجمات باريس، بل إنه شارك أيضا في التخطيط لتنفيذ هجمات في منطقة "فيرفيي" البلجيكية في كانون الثاني/ يناير 2015، ثم في محطة قطار "تاليس" الفرنسية في آب/ أغسطس.
وأضافت الصحيفة أن أبا نصيرة الأنباري، الذي أصبح يضطلع بمهمة "رئيس المخابرات" في تنظيم الدولة، بعد أن كان مسؤولا عن جهاز الأمن الخارجي في عهد صدام حسين، يلعب دورا رئيسيا لا يقل أهمية عن دور عبد الحميد أبا عود في تسيير الخلايا النائمة للتنظيم.
وذكرت الصحيفة أن الخلية "الإرهابية" المعنية بتنفيذ هجمات في الدول الأوروبية؛ تتكون من قرابة ستة عناصر برتبة "أمراء"، مسؤولين عن مناطق مختلفة في أوروبا، من بينهم عنصر بريطاني مسؤول عن منطقة الدول الأنغلوسكسونية.
واعتبرت الصحيفة أن العمليات التي تقوم بها الخلايا النائمة لتنظيم الدولة في أوروبا، غالبا ما تعتمد على الارتجال والتخطيط الفردي، ما يوفر للعناصر المنتمية لهذه الخلايا هامشا واسعا من الحرية قبل وأثناء تنفيذ العملية.
وقالت الصحيفة إنها حصلت على معلومات من مصادر خاصة لم تكشف عنها، تؤكد أن والدة أحد الجهاديين المقربين من عبد الحميد أباعود، قد تلقت قبل بضعة أيام من أحداث باريس؛ اتصالا هاتفيا حذرها فيه ابنها من مغادرة منزلها في باريس خلال الأيام التي سبقت الهجمات.
وذكرت الصحيفة أن العمليات العسكرية التي قادتها الولايات المتحدة ضد مواقع تنظيم الدولة في العراق منذ صيف سنة 2014، ساهمت، وفقا للباحث العراقي هشام الهاشمي، في دفع تنظيم الدولة لتكثيف اتصالاته مع الخلايا الموالية له في الخارج، بهدف التمهيد لاستهداف الدول الغربية.
واعتبرت الصحيفة أن هذه الخلايا أصبحت تعتمد بصفة متزايدة على محور الدعم المتنامي في ليبيا، التي أصبحت تستقطب أبرز قادة تنظيم الدولة، ومن بينهم أبو علي الأنباري، الذي انتقل لتسيير العمليات في ليبيا لأول مرة في خريف سنة 2014.
وأضافت الصحيفة أن تنظيم الدولة لا يسعى فقط من خلال التوسع في ليبيا إلى ضمان محور دعم إضافي لتنفيذ هجمات في دول أوروبية، بل يهدف أيضا، وفقا لليدوفيتش كارلينو، إلى إرباك عمليات الحلف الدولي ضده في العراق وسوريا، من خلال دفعه إلى التركيز على المحور الليبي.
وذكرت الصحيفة أن فرع تنظيم الدولة في ليبيا أصبح يستقطب أبرز قادته في العراق وسوريا، حيث تشير المعطيات إلى انتقال القائد البحريني في التنظيم، تركي البنعلي، الذي يعتبر المسؤول الأول عن الإفتاء داخل التنظيم، إلى ليبيا لنشر فكر التنظيم في تونس.
وقالت الصحيفة إن تنظيم الدولة تلقى ضربات موجعة في العراق وسوريا، ما دفعه إلى الانسحاب من مناطق شاسعة في الدولتين، حيث أكد القائد العسكري للتحالف الدولي، ستيفان فارن أن التنظيم خسر 30 في المئة من مناطق نفوذه.