شهور قليلة كان يفترض أن تفصل
مصر عن انتخاب رئيس جديد، وفق السيناريو الذي كان متوقعات بعد انتخاب محمد
مرسي رئيسا لمصر في منتصف عام 2012، وكان الشعب أمام خيارين إما التجديد له أو اختيار رئيس جديد.
ورأى عدد من المحللين والسياسين، في تصريحات لـ"
عربي21"، أن إكمال الرئيس مرسي لولايته الرئاسية؛ كان سيؤسس لتداول السلطة في مصر بشكل ديمقراطي وسلمي، إلا أن الانقلاب عليه أطاح بالتجربة
الديمقراطية برمتها، وعاد بالبلاد لحقبة حكم الفرد وعصابته.
تداول السلطة
ورأى المتحدث الرسمي باسم المجلس الثوري المصري، أحمد الشرقاوي، أن الشعب خسر فرصة حقيقية لتداول السلطة بطريقة ديمقراطية.
وقال لـ"
عربي21": "كان يجب على الجميع التكاثف مع التجربة الجديدة حتى وإن شابها بعض العيوب والأخطاء، فلا توجد تجربة كاملة".
وأكد أن "الاحتكام للصناديق أقصر الطرق لتداول السلطة، وإحداث التغيير المطلوب بدون أي خسائر. وقد حان وقته الآن، بعد أربعه أعوام من انتخاب أول رئيس مدني، ولكن حفنة من الأغبياء والجهلة قدموا مصالحهم عن مصالح الوطن"، على حد تعبيره.
وتابع: "ما قام به السيسي هو انقلاب على الإرادة الشعبية، صاحبه تراجع في جميع مناحي الحياة الاقتصادية والأمنية والاجتماعية، كان يمكن تفاديه؛ لأن ما تحقق بعد الانقلاب انتقص من كل شيء في مصر"، معتبرا أن النخب الاقتصادية والثقافية والسياسية، بما فيها الكنيسة بالإضافة إلى دول إقليمية "كانت وبالا على البلاد".
الانقلاب على إرادة الشعب
بدوره، قال المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة، أحمد رامي، إن المشهد السياسي في مصر كان يُفترض، في حال استمرار الرئيس محمد مرسي، أن "يعكس حالة النضج السياسي للشعب الذي أُتيحت له تجربة ديمقراطية ثرية تمكنه من الحكم على الرئيس مرسي"، مضيفا لـ"
عربي21": "كانت الكلمة للناخب وحده، ونكون قد قطعنا شوطا هو الأهم في تاريخ مصر السياسي".
واعتبر أن "الانقلاب لم يجلب إلا الخراب والدمار، وبقاء مرسي كان كفيلا بتجنبه، بل وتعزيز المسار الديمقراطي". وتابع: "الآن جزء كبير من الشعب المصري فقد الثقة في مؤسسات الدولة على رأسها المؤسسة العسكرية، والقضاء، والداخلية"، متسائلا: "هل هي ملك الشعب، أم ملك قادتها؟".
وشدد على أن "وجود الرئيس مرسي لم يكن بإرادته، و(هو) لم يفرض نفسه رئيسا، بل كان بإرادة شعبية خالصة، والآن الشعب المصري هو الخاسر الأكبر بعدم وجود آلية سلمية لتداول السلطة مثل شعوب العالم كافة"، محذرا من أن "آثار هذا الانقلاب لن تنتهي، بعد أن انتقلت البلاد إلى حظيرة الحكم الفردي، الذي يتحكم فيه عصبة من المنتفعين"، وفق تعبيره.
الجيش ومرسي
أما المتحدث باسم حزب الأصالة، حاتم أبو زيد، فذهب إلى أنه بالانقلاب على الرئيس مرسي "خسرت مصر مسار الحرية".
وقال لـ"
عربي21": "كان يمكنك الآن متابعة برامج المرشحين على شاشات الفضائيات، وتقييم تجربة الرئيس مرسي، وهل يبقى في سدة الحكم أم يذهب ونأتي برئيس جديد، وسط أجواء من التنافس الديمقراطي الحر والشريف، وترسيخ قاعدة تاريخية أن الحكم للصندوق"، وفق تقديره.
وأضاف: "بالرغم من المناكفات السياسية والأمنية التي صاحبت فترة حكم مرسي، لم نكن نشهد هذا الانقسام المجتمعي، الذي بدأ "بنحن شعب، وأنتم شعب"، ولم نكن نشهد حالة التسول التي وصلت لها البلاد، في المجمل كانت الأحوال السياسية والأمنية والاجتماعية ستكون أفضل بكثير مما هي عليه الآن".
وأكد أن الرئيس مرسي كان "مستمرا نحو استكمال فترة رئاسته، بالرغم من الحرب الإعلامية، لولا تدخل المؤسسة العسكرية، واتخاذها من رجال السياسة والاقتصاد والدين الناقمين على أي حكم ديمقراطي ذي مرجعية إسلامية؛ غطاء لتحركاتها التي انتهت ليس بعزل مرسي فقط، بل بعزل الجميع أيضا"، كما قال.
الثورة المضادة
في المقابل، رأى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، كارم يحيى، أن الرئيس مرسي لم يكن ليكمل فترة حكمه، حيث "كان هناك اتجاه لإجراء
انتخابات رئاسية مبكرة؛ بسبب الأزمات التي وضع فيها مرسي البلاد، ولكن أحداث 3 تموز/ يوليو قطعت الطريق على هذا الأمر"، وفق قوله لـ"
عربي21".
وأضاف أن "الانتخابات المبكرة كانت تعني الحفاظ على فرص الديمقراطية في مصر، ولكن تجاهل هذا الطرح، أدخل مصر في نفق مظلم"، معتبرا أن الإطاحة بمرسي "عكست مصالح قوى اجتماعية وسياسية تمثل الثورة المضادة التي لا ترغب في الديمقراطية التي من أدواتها الشفافية والمحاسبة، في أمور الحكم، وفي كل مؤسسات الدولة بما فيها المؤسسة العسكرية".
ولفت إلى أن "جزءا أساسيا من القوى المشاركة في 3 يوليو لم تكن تعنيها التجربة الديمقراطية، بل الحفاظ على مصالحها الممتدة منذ 1952، والجزء الآخر غرر به، وضلل وأخرج من المعادلة السياسية، وجزء آخر في السجون"، بحسب تعبيره.