تدور أحاديث وراء الكواليس، عن ترتيبات سرية بين
الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي الذي يترأسه على عبدالله صالح؛ لتشكيل حكومة موالية لهم في
صنعاء، لكنها لا تزال رهينة نقاط خلافية، يسعى الطرفان لتجاوزها.
ويبدي الحوثيون المتمثلون بما يسمى "اللجنة الثورية العليا"، التي شكلوها عقب اجتياحهم العاصمة صنعاء، موقفا متشددا إزاء مصيرها، بينما يسعى صالح ومعاونوه إلى تعليق عملها، وإسقاط الإعلان الدستوري الذي خولها في شباط/ فبراير من العام الماضي.
واعتبر محللون سياسيون أن توجه حلفاء صنعاء نحو هذه الخطوة سيكون صعبا، في ظل انعدام الإطار الدستوري، كما أنه لا شرعية حقيقية سيستند عليها صالح والحوثي في تشكيل الحكومة، سيما بعدما حل الحوثيون البرلمان، الذي يشكل حزب صالح أغلبية فيه، فضلا عن انحسار جغرافيا السيطرة للقوات الموالية لهم لصالح قوات المقاومة والجيش الوطني المؤيد للشرعية.
تحديات صعبة
ويعتقد رئيس تحرير صحيفة "الوسط"
اليمنية، جمال عامر، أنه لن يكون سهلا تشكيل حكومة وطنية من قبل حلفاء صنعاء؛ كون ذلك يستدعي تنازلات من قبل جماعة "أنصارالله" (الحوثيين)، تتمثل بـ"إلغاء الإعلان الدستوري، الذي خول لجنة ثورية عليا تابعة للجماعة إدارة شؤون البلاد منذ شباط/ فبراير مطلع العام الماضي.
لكن عامر استبعد، في حديث خاص لـ"
عربي21"، حصول هذه الحكومة المزمع تشكيلها على أي "اعتراف دولي"، ليأتي تحدّ آخر، وهو "صعوبة حصولها على ثقة الأغلبية البرلمانية"، الذي يمثل الحد الأدنى للنصاب، مفسرا هذه الجزئية بأنها ناتجة عن أن معظم البرلمانيين الجنوبيين لن يحضروا، بالإضافة إلى الكتل البرلمانية لحزبي الإصلاح والاشتراكي، والتنظيم الناصري.
ولفت رئيس تحرير أسبوعية الوسط إلى أن تشكيل حكومة موالية لصالح والحوثي في صنعاء، سيغلق باب الحل السياسي، بل سيكون ذريعة لاستمرار التحالف بقيادة السعودية في عملياته العسكرية ضدهما". وفق تعبيره
غير أنه رأى طريقة بديلة، وهي "تشكيل لجنة وطنية لإدارة الأزمة"، يشارك فيها مجلس يمثل كل الحلفاء السياسيين للحوثي وصالح، "ينبثق عنه مجلس وحكومة مصغرة تدير الدولة"، في تلميح منه إلى المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الموالية لعبدالملك الحوثي وعلي عبدالله صالح.
وحول الصفة الشرعية التي ستستند إليه تشكيلة الحكومة في صنعاء، قال رئيس تحرير الوسط إنه من الممكن الاستناد إلى ما يمكن اعتباره توافقا وطنيا داخليا. وفي الحقيقة، ستكون أشبه بشرعية "الأمر الواقع" التي استندت عليها "الثورية العليا" التابعة لجماعة الحوثي.
وأوضح الصحفي عامر أن هناك إشكالية أخرى، تتمثل في إيجاد عمل لهذه اللجنة الثورية العليا، التي يتزعمها " محمد علي الحوثي"، التي يفترض أن يكون عملها مؤقتا منذ تأسيسها"؛ ذلك أنها تفتقر لأي نوع من الشراكة. حسب وصفه.
عجز وخداع
من جهته، اعتبر رئيس تحرير موقع "الموقع" الإخباري، عامر الدميني، أن تلويح مليشيا الحوثي والمخلوع صالح بتشكيل حكومة موالية لهم، لا يعد سوى نوع من أنواع التأثير والمغالطة على أتباعهم، وخداعهم مجددا بانتصارات وهمية توحي بأنهم قادرون على الإمساك بزمام الوضع العام في البلد.
وتابع قائلا: "الحوثيون وصالح عاجزون عن اتخاذ خطوة كهذه"، مبررا ذلك بتساؤله: لماذا لم يفعلوها في اليوم الأول لانقلابهم؟
وسرد الدميني لـ"
عربي21" عددا من المسارات التي ستربك الحوثيين وحليفهم صالح، أهمها أن "جميع المعطيات الميدانية والسياسية تؤكد بأنهم غير قادرين على الإقدام على هذه الخطوة؛ فعلى المستوى الجغرافي، فقدوا العديد من المحافظات التي باتت تحت سيطرة الحكومة الشرعية.
أما سياسيا، بحسب الصحفي الدميني، فإن الطرفين يعيشان صراعا مستمرا، برزت ملامحه بينهما مؤخرا بشكل واضح، ما يشير إلى أن "رقعة الخصومة تتسع تدريجيا كلما مضى الطرف الآخر نحو الأمام".
واستدل بوجود صراع بين حلفاء صنعاء، من خلال "تمسك كل طرف بمواقفه وتصوراته للحل السياسي، فالمخلوع يسعى لحل لجنة الحوثيين الثورية، بينما الحوثي يتمسك بها، وهذا سيكون بحد ذاته أحد العوامل القوية التي ستقف عائقا أمام الطرفين، ليبقى خيار واحد أمام صالح إذا دخل في حكومة وحدة مع الحوثيين، وهو "الذوبان الكلي معها".
وأورد رئيس تحرير" الموقع" الإخباري التحدي الاقتصادي الذي سيعيق تشكيل أي حكومة في صنعاء، وهو تردي الوضع الاقتصادي في الداخل، وغياب أي مصادر دخل أخرى من موارد الدولة الأساسية، ويتضح هذا الأمر بعمليات الجباية القسرية التي تمارسها المليشيا على رجال الأعمال المحليين.
وتسعى جماعة الحوثي وصالح للتموضع السياسي من جديد، عبر الظهور في المفاوضات المرتقبة مع الحكومة المعترف بها دوليا بوجه آخر، ينطلق من "سلطة أمر واقع"، ويشمل كل الحلفاء السياسيين والقبليين الموالين لهما.