نجح "ألتراس
الأهلي" في فرض نفسه بقوة على الساحة، وأن يكون حديث السياسة والإعلام، في أعقاب حضوره القوي والمنظم في مدرجات ملعب مختار التتش بالقاهرة؛ من أجل إحياء الذكرى الرابعة لمذبحة بورسعيد التي راح ضحيتها 72 مشجعا في شباط/ فبراير 2012، تبع ذلك دعوة من عبد الفتاح
السيسي للقاء ممثلين عن
الألتراس.
وبرزت دعوات سياسية وأمنية وإعلامية إلى ضرورة احتواء هذه المجاميع، واستبعاد الأسلوب الأمني في التعامل معهم، ومحاورتهم؛ لمعرفة أفكارهم ومطالبهم، بالتزامن مع دعوات أخرى وصفتهم بالإرهابيين، والمخربين، والمخترقين لصالح أجندات جماعات معارضة.
اقرأ أيضا:
جماهير الأهلي المصري: الشعب يريد إعدام المشير (فيديو)
استراتيجية شاملة
وفي هذا السياق، رحب مدير مركز الدراسات الأمنية والاستراتيجية، اللواء علاء بازيد، بدعوة السيسي للحوار مع الألتراس. وقال لـ"عربي21": "لا بد من المواجهة من خلال استراتيجية شاملة، والاستماع إليهم"، مؤكدا أنه "لا الحل الأمني، ولا الطبطبة (اللين) يصلحان في مثل هذا الموقف، فالحل الأمني أثبت فشله".
واعتبر أن تصرفات الألتراس "تندرج تحت مسمى الأفعال الإرهابية، التي من شأنها خلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، بالرغم من أنهم ليسوا عناصر إرهابية". وقال إن "تلك الجماعة (الألتراس) اخترقتها بعض الجماعات الإرهابية، واستقطبت شبابها لتحقيق أهداف سياسية"، بحسب تعبيره.
محاكمة "المشير"
في المقابل، نفى "زيكو" عضو ألتراس الأهلي مزاعم السلطات بأنهم جماعة تحمل أجندات سياسية، أو يهدفون للفوضى.
وقال لـ"عربي21": "نؤكد على حقنا في القصاص للشهداء وتقديم المسؤولين عن قتلهم للعدالة، بمن فيهم المشير (حسين) طنطاوي نفسه، الذي كان يرأس المجلس العسكري وقت وقوع الكارثة".
ودعا "زيكو" إلى عدم الالتفات إلى اتهامات الإعلام والأمن لهم بالعمالة والتخوين والإرهاب، مؤكدا أن مواقفهم "نابعة من شعورهم بالوطنية، وحب البلاد، ومواجهة القتلة، وحقنا في القصاص، وإرساء العدالة"، كما قال.
أمر واقع
من جهته، استبعد أستاذ التشريعات واللوائح الرياضية في الجامعة الأمريكية بالإمارات، محمد فضل الله، أن يكون للألتراس "هوية أو أجندة سياسية". وقال لـ"عربي21": "لا أحد يمكنه أن يجزم أن لهم توجها سياسيا، ولكن هناك بعض الأفكار والثقافات بدأت تنتقل للملاعب الرياضية".
وأضاف: "هذه الحركات لا تنظم، وهم سيرفضون أي محاولات في هذا الاتجاه، ولا بد من تقبلهم في المجتمع، والتقارب معهم، والتواصل من خلال الحوار المشترك"، معتبرا أن "فقدان الثقة هو السبب الرئيس للإشكالية الموجودة حاليا، وما زاد حالة الاحتقان ترصدهم أمنيا وإعلاميا".
ومع ذلك، انتقد فضل الله "سلوكهم طريق التهجم والسباب والنيل من بعض الرموز أو المؤسسات الوطنية، بشكل يفتقد للروح الرياضية، ويتنافى مع قواعد الرياضة ولوائحها"، وفق تعبيره.
تصفية حسابات
وفي المقابل، حمّل الصحفي والمحلل السياسي، أحمد عبد العزيز، السلطات مسؤولية الصدام مع جماعات الألتراس، قائلا: "الفكرة بدأت رياضية، ولكن سياسة الدولة أجبرتها على الدخول معها في شقاق واختلاف".
وأضاف لـ"عربي21": "اعتماد سياسة تصفية الحسابات مع الألتراس طوال السنوات الماضية غيّر دفة المواجهات بين الطرفين"، لافتا إلى أن "مذبحة ستاد بورسعيد كانت نوعا من العقاب الجماعي، وفق تقدير كثيرين".
وأكد أن "ثورة 25 يناير دفعت بالجميع للعب سياسة وثورة، بما فيها مؤسسات الدولة كالجيش، ومحاولة إلصاق التهم بهم (الألتراس) يأتي في سياق الانتقام"، مشيرا إلى أن تلك الجماعات لها مطالب مشروعة "كحقهم في حضور مبارياتهم، وتشجيع فرقهم، والقصاص لزملائهم".
حوار الطرشان
بدوره، قال الناشط اليساري، خالد عبدالحميد، لـ"عربي21"، إن "هناك أمرين يجب إدراكهما، أولهما أن الألتراس جماعة من حقها أن تنظم نفسها، وتعود لمدرجاتها. الأمر الآخر، على السلطة أن تتخلى عن نظرتها الأمنية لكل ما حولها من قضايا، والاتهام بالعمالة والتخوين لمن يعارضها".
واستبعد حدوث أي حوار بين الألتراس والسلطة، معتبرا دعوة الرئاسة للحوار "هو للاستهلاك الإعلامي فحسب"، نافيا في الوقت ذاته أن يكون لديهم "رسالة سياسية، أو يحملون أجندات خاصة، أو بالوكالة"، مشيرا إلى أن الجميع "أمام مسار سياسي معقد ومرتبك".
عداء مستحكم
ووصف الناشط السياسي أحمد البقري، أعضاء الألتراس بأنهم "شباب وطنيون مخلصون، ومن حقهم التعبير عن رأيهم، إلا أن السلطة تدفع نحو جعلهم جماعة إرهابية؛ من خلال حالة العداء المستحكم بين الطرفين".
وقال لـ"عربي21": "ظاهرة الألتراس تؤكد فشل الدولة وعجزها، بسبب التعامل معهم بمنظور أمني"، لافتا إلى أن "دورهم في إنجاح ثورة 25 يناير وضعهم في دائرة الاستهداف، لكن كل المحاولات للقضاء عليهم باءت بالفشل"، وفق تقديره.
ورأى أن "مطالب الألتراس هي القصاص ممن قتل 72 شابا في ملعب كرة قدم على الهواء مباشرة، في جريمة مدبرة إبان فترة حكم المجلس العسكري برئاسة المشير طنطاوي".