أعادت مبادرة "
النفط مقابل الرواتب" التي أطلقتها بغداد للتسوية مع أربيل، إلى الأذهان برنامج مجلس الأمن الشهير "النفط مقابل الغذاء" بعد فرض الحصار الاقتصادي على
العراق، جراء غزوه لدولة الكويت عام 1990، فبالرغم من قبول أربيل للمبادرة، فإن نشطاء عراقيين قابلوها بموجة من السخرية.
وكان رئيس الحكومة العراقية حيدر
العبادي قال في مقابلة مع قناة "العراقية" الرسمية، إن بغداد ستدفع رواتب موظفي الحكومة المحلية في شمال العراق، إذا ما أوقف الإقليم بيع النفط للخارج، مبينا أن الإقليم يحصل على إيرادات النفط الذي يصدره.
ويعاني إقليم شمال العراق، من أزمة مالية حادة، بسبب تراجع أسعار النفط والمشكلات العالقة بين بغداد وأربيل، بشأن ملفات النفط والموازنة والحرب ضد
تنظيم الدولة.
أربيل تقبل المبادرة
وافقت حكومة إقليم
كردستان العراق، على عرض رئيس الوزراء حيدر العبادي بتسلم حكومته واردات نفط الإقليم، لتقوم بغداد بدفع مرتبات موظفيه المليون ونصف المليون موظف مدني وعسكري، والبالغة قيمتها حوالي 800 مليون دولار شهريًا.
وقالت حكومة الاقليم في بيان الليلة الماضية، اطلعت عليه "
عربي21 "، إنها لا تستطيع "تفسير طرح السيد العبادي لهذا المقترح في مقابلة تلفزيونية، مع أنه كان يستطيع أن يطرح هذه الحلول، وانطلاقًا من موقعه كرجل دولة في الاجتماعات واللقاءات، التي عقدت بين الجانبين، وخصوصًا أثناء الزيارة الرسمية التي قام بها وفد إقليم كردستان (برئاسة نجيرفان بارزاني رئيس الحكومة) إلى بغداد في الفترة الأخيرة".
وأكدت بالقول: "نحن في حكومة إقليم كردستان نقبل بهذا المقترح، الذي قدمه العبادي، القاضي بتأمين رواتب جميع الموظفين في الإقليم من قبل الحكومة العراقية، وفي المقابل ستقوم حكومة إقليم كردستان بتسليم كل وارداتها النفطية إلى الحكومة العراقية".
واردات الإقليم من النفط
من جهته، أشار نائب رئيس حكومة إقليم كردستان قوباد الطالباني، إلى أنه إذا كانت الحكومة في بغداد تستطيع أن تؤمّن رواتب موظفي الإقليم وقوات البيشمركة فإن الإقليم مستعد للاتفاق مع بغداد.
وأوضحت وزارة الثروات الطبيعية في حكومة الإقليم، أن الإيرادات التي حققتها الوزارة من عمليات تصدير وبيع النفط خلال النصف الثاني من العام ذاته كانت أكبر مما كانت تحل عليه من بغداد، مقارنة بالنصف الأول من العام نفسه.
وقالت إن إيرادات النصف الثاني من العام الماضي 2015 من بيع النفط بشكل مباشر، كانت أكبر من تلك التي كان الإقليم يحصل عليها في النصف الأول من العام نفسه من جانب الحكومة العراقية بعد تسليمها الإيرادات كاملة، مضيفة أنه خلال الفترة من الأول من كانون الثاني/ يناير وحتى 23 حزيران/ يونيو 2015، فقد حصلت حكومة الإقليم على مبلغ مقداره 1.99 مليار دولار مقابل قيامها بتسليم إيرادات تصدير النفط إلى بغداد.
وأشارت إلى أن الفترة من 24 حزيران/ يونيو وحتى 31 كانون الأول/ ديسمبر 2015، حصلت حكومة الإقليم على مبلغ مقداره 3.95 مليار دولار كإيرادات من قيامها ببيع النفط بشكل مباشر في ميناء جيهان التركي، دون الرجوع إلى بغداد، موضحة أن الإيرادات كانت في وقت كان قيه سعر النفط في النصف الأول من العام الماضي يبلغ 60 دولارًا للبرميل الواحد، فيما إنخفض السعر في النصف الثاني من العام الجاري إلى 47 دولارًا للبرميل.
النفط مقابل الغذاء
بدورهم، سخر ناشطون عراقيون من مبادرة العبادي، عبر مواقع التواصل الإجتماعي، ففيما قال البعض منهم، إن "العبادي رجعنا إلى العصر الحجري.. أيام النفط مقابل الغذاء المشؤوم"، في إشارة إلى الحصار الاقتصادي، فإن آخرين غردوا تهكما: "بعد ما سرقتوا نفط البصرة رجعتوا على نفط أربيل".
يشار إلى أن مجلس الأمن الدولي طرح برنامج "الغذاء مقابل الدواء" نتيجة الجزاءات الشاملة، التي فُرضت على العراق، في نيسان/ أبريل 1995، القرار 986، بسبب غزوه الكويت.
وتضمن القرار صيغة النفط مقابل الغذاء، بصفتها تدبيرا مؤقتا، لتوفير الاحتياجات الإنسانية للشعب العراقي. ويجري تنفيذه في سياق نظام للجزاءات، بكل ما يواكبه من أبعاد، سياسية ونفسية وتجارية، إلى أن ينفذ العراق القرارات ذات الصلة في تعويض الكويت بسبب ما لحقها من الغزو.
وكانت بغداد وأربيل قد توصلتا إلى اتفاق في نهاية عام 2014، يقضي بأن يسلم الإقليم حكومة بغداد 550 ألف برميل نفط من تلك المنتجة من حقوله، فضلاً عن كركوك، لتتولى بغداد صرف حصة الإقليم من الموازنة العامة، والبالغة 17 بالمائة، لكن الاتفاق لم ينفذ نتيجة عدم التزام الطرفين به، بحسب ما صدر من الجانبين من اتهامات، رغم أن قانون موازنة عام 2016 الحالي تضمن تجديد ذلك الالتزام.