وسط تشديدات أمنية بمحيط السجون ومراكز الشرطة تحسبا للتصعيد، اتجهت الأمور بين رقباء الشرطة المصريين، وعددهم قرابة 350 ألفا، ووزارة الداخلية، إلى تصعيد متسارع، الأحد، بعد أن أشعلت الأخيرة فتيل المواجهة بالقبض مساء السبت على عدد من أمناء الشرطة المنتمين لـ"ائتلاف أمناء الشرطة".
وقبض على أمناء الشرطة الذي كان من ضمنهم رئيس الائتلاف، منصور أبو جبل، والمتحدث الرسمي باسمه، إسماعيل مختار، وأربعة رقباء آخرين، على أبواب مدينة الإنتاج الإعلامي، قبل مشاركتهم في برنامج تليفزيوني، حيث حرر محضر لهم بتهمة الظهور بالبرنامج بدون تصريح، ثم تقديمهم إلى النيابة العامة التي قضت، الأحد، بحبسهم.
ومن جهتهم، تبادل الرقباء الدعوات عبر صفحتهم على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" من أجل الحشد والبدء في إضراب عن العمل احتجاجا على القبض على زملائهم، ثم توجهوا للاجتماع بمقر إدارة المرور في الزقازيق لبحث الأزمة.
وحذرت صفحة "أمناء مصر"، الخاصة بأمناء "رقباء الشرطة" في مصر، على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، الأحد، من أن إضرابهم عن العمل احتجاجا على القبض على زملائهم يمثل "آخر مسمار في نعش الدولة المصرية والأمن".
يأتي ذلك فيما قرر عدد من رقباء الشرطة بقسمي أول وثاني أكتوبر الإضراب عن العمل، وقطع عدد آخر من الرقباء طريق الواحات صباح الأحد للمطالبة بالإفراج عن زملائهم.
حبس 7 رقباء
في الوقت نفسه، قررت نيابة أمن الدولة العليا، الأحد، حبس رقباء الشرطة، 15 يوما على ذمة التحقيقات، لاتهامهم بالتحريض ضد جهة عملهم، وإخلاء سبيل اثنين آخرين بينهما "مدنيان" كانا مرافقين لهم.
ووجهت النيابة للمتهمين بـ"التحريات الأمنية"، التي قالت إنهم حاولوا التحريض على جهة عملهم، وهي وزارة الداخلية، من خلال التخطيط للظهور في برنامج تلفزيوني.
وونقلت وكالة "فرانس برس" عن مسؤول
مصري قوله إن "نيابة أمن الدولة قررت حبس
أمناء الشرطة السبعة 15 يوما بتهم التحريض على الإضرار بجهة عملهم، والدعوة لتحريض المواطنين على الشرطة بالامتناع عن العمل والانضمام لجماعة مشكلة بشكل غير قانوني"، في إشارة إلى تشكيلهم لائتلاف يضم أمناء الشرطة.
وأوضح المسؤول ان ظهور الشرطيين على شاشة التلفزيون كان سيثير الرأي العام أكثر ضد الشرطة.
غضب الإبراشي
ومن جهته، قال الإعلامي وائل الإبراشي، إن سبب غياب ضيوفه عن حلقة برنامجه "العاشرة مساء" السبت، وكانوا مجموعة من أمناء الشرطة، هو اعتقالهم قبل وصولهم إلى الأستوديو.
وقال الإبراشي: "إذا صحت أنباء القبض على ضيوفي من أمناء الشرطة، فذلك يعتبر وصمة عار كبيرة، ومصيبة جديدة".
وأضاف، وهو على الهواء: "أمناء الشرطة اختفوا، وهواتفهم مغلقة، وتقريبا اتقبض عليهم كلهم، وفيه أمناء شرطة عاملين وقفة احتجاجية اعتراضا منهم على ضبط زملائهم".
نائب يتهمهم بالخيانة العظمى
وناقش مجلس النواب، الأحد، سلوك رقباء الشرطة وقتلهم أحد الشباب بمنطقة الدرب الأحمر الخميس، ومن قبله الاعتداء على عدد من الأطباء بمستشفى المطرية التعليمي.
وأعرب النائب أحمد رفعت (ضابط شرطة سابق) عن استيائه من الوقفة الاحتجاجية التي نظمها أفراد الشرطة في محافظة الشرقية، الأحد، معتبرا أن تعطيل العمل والإضراب في جهاز الشرطة والجهات العسكرية النظامية "جريمة عظمى".
وادعى، عبر مداخلة هاتفية على فضائية "سي بي سي إكسترا" الأحد، أن منظمي إضراب أمناء الشرطة لهم اتصال مع جماعة الإخوان المسلمين، وأن لهم تاريخا في الإضرابات، وأنهم يطالبون بمصالح ومطالب غير شرعية، وفق زعمه، مطالبا بعودة "المحاكمات العسكرية" لضباط وأمناء وأفراد الشرطة لعودة الانضباط.
الرقباء يتحدون
وفي نبرة لا تخلو من التحدي، قال المنسق العام لأمناء وأفراد الشرطة والعاملين المدنيين بوزارة الداخلية، أحمد مصطفى، إنه لا أحد يستطيع إعادة المحاكمات العسكرية للرقباء، لأن ذلك سيخالف القانون.
وعلق على طلب السيسي لوزير الداخلية بسن تشريعات جديدة لضبط الأداء الأمني في الشارع بالقول إنهم سيتابعون هذه التشريعات، وسينظرون فيها جيدا حينما يناقشها أو يقرها البرلمان، ومن ثم اتخاذ موقف مناسب منها.
تحذير من انهيار الشرطة
وكان وكيل جهاز أمن الدولة الأسبق، اللواء فؤاد علام، قد حذر، في حوار مع صحيفة "الشروق"، السبت، من احتمال وقوع أحداث ما بعد ثورة 25 كانون الثاني/ يناير قريبا، من انفلات أمني وفوضى وانهيار لجهاز الشرطة، إذا استمر البعض في تركيزه على التجاوزات النسبية لأمناء الشرطة في مصر، وفق قوله.
ويذكر أن الاعتصام الذي بدأ، الأحد، بالشرقية ليس المرة الأولى للرقباء هناك، إذ كان أول مرة منذ خمسة أشهر للمطالبة بزيادة رواتبهم، وقد تم القبض في أثنائه على رئيس الائتلاف منصور أبو جبل بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية.
ويواجه رقباء الشرطة انتقادات حادة خلال الفترة الأخيرة بعد تجاوزات طالت عددا من فئات المجتمع، كان آخرها مقتل السائق "دربكة" على يد أمين شرطة بالقرب من مديرية أمن القاهرة.