انتقد السفير السعودي في لندن الأمير
محمد بن نواف بن عبد العزيز، ما أسماه التضليل الإعلامي في الصحافة الغربية، حول الحملة العسكرية التي تقودها بلاده في
اليمن ضد المتمردين الحوثيين، وقال إن الحملة هي من أجل تحقيق السلام والاستقرار في هذا البلد.
ويقول السفير في مقال له، نشرته صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية: "قبل فترة قريبة، توصلت لجنة في الأمم المتحدة تحقق في الحملة الجوية التي تقودها
السعودية في اليمن، إلى وجود ما أسمته هجمات (منظمة وواسعة) ضد الأهداف المدنية، التي تعد انتهاكا للقانون الدولي، وفي الرد على هذا التحقيق، تطالب جماعات ضغط الحكومة البريطانية بوقف بيع الأسلحة للمملكة، ودعا البرلمان الأوروبي إلى حظر تصدير السلاح للسعودية:.
ويضيف الأمير محمد بن نواف: "من جانبها، تعهدت الحكومة البريطانية بدعم قرارات مجلس حقوق الإنسان، الذي يطالب الحكومة اليمنية بالتحقيق في الحوادث، وقالت: (الطريقة الأكثر فعالية للقيام بهذا النوع من التحقيق هي بدء السعوديين بالعملية بأنفسهم)".
ويتابع سفير المملكة في لندن بأنه "في الوقت الذي تعبر فيه المملكة عن حزنها العميق لأي وفيات بين المدنيين، إلا أنها تنفي بشكل قاطع الاتهامات الموجهة إليها، بأنها استهدفت المدنيين بشكل مقصود، كما أن هذه المواقف ذات الطابع الساسي لن تثنيها عن سعيها بمتابعة تحقيق أهداف الأمن الوطني الحيوية".
ويدعو السفير إلى "فهم طبيعة الحرب الجارية في اليمن والجهود المكثفة، التي يقوم بها الجيش السعودي لتجنب وقوع ضحايا مدنيين، والطرق التي يتم فيها إيصال التضليل الإعلامي إلى الرأي العام، وعندما يتم النظر إلى هذه العناصر فعندها تصبح الصورة التي قدمتها جماعات ضغط متعددة للأمم المتحدة مختلفة بشكل جذري عن تلك الصورة التي تظهر في الإعلام".
ويشير الأمير في مفاله، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أهداف الحملة السعودية، قائلا: "في البداية يحب القول أن السعودية لا تشن حملة في اليمن من أجل الحفاظ على أمنها واستقرار المنطقة فقط بل وتقوم عبر حملة متعددة الجنسيات بالدفاع عن الحكومة المعترف بها دوليا والرئيس المنتخب بطريقة ديمقراطية عبد ربه منصور هادي ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من
إيران".
ويبين السفير أن بلاده بالإضافة لهذا كله "فقد تعرضت لهجمات قام بها المتمردون وهي تمارس حقها في الدفاع عن النفس، وأخيرا فقد أدت زعزعة الاستقرار، التي تسبب بها المتمردون، إلى انتعاش كل من تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة، ما يشكل تهديدا على المنطقة والمجتمع الدولي".
ويلفت الأمير محمد بن نواف إلى أنه "لهذا كله، فإن السعودية ترى أنه من المهم التصدي لمسألة الفوضى ومعالحتها باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الحرب على الإرهاب".
ويؤكد السفير أن "الحملة التي تقوم بها المملكة تلتزم، وبشكل كامل، بالقانون الدولي، ويقوم المستشارون العسكريون البريطانيون بتقديم التدريب لنظرائهم السعوديين".
ويقول الأمير محمد بن نواف: "مثلا، يقوم المستشارون البريطانيون بتقديم المساعدة في عمليات الاستهداف والجوانب القانونية، ويتم استخدام الأسلحة الدقيقة، وتفضل على الذخيرة العنقودية، كما يتم التأكد من الأهداف لتجنب الضحايا المدنيين، وعبر المراقبون الدوليون كلهم عن رضاهم عن الضمانات المستخدمة، وأخيرا، فقد أثبت خبراء مستقلون خطأ الاتهامات السابقة والادعاء بقيام الحملة الجوية التي تقودها السعودية باستهداف السفارة الإيرانية في العاصمة صنعاء".
ويرى السفير أن "ما يتجاهله الإعلام هو أن غالبية الضحايا المدنيين سقطوا بسبب قصف المتمردين غير الشرعيين، الذين لم يتحصنوا فقط في المستشفيات والمدارس وبيوت المدنيين، بل اعترفوا بقصفهم للمدنيين، وحملوا السعوديين المسؤولية، ويجب الملاحظة هنا أن تقرير الأمم المتحدة أقام نتائجه على الصور الملتقطة عبر الأقمار الصناعية وشهود العيان، وقد ثبت أنها لا تتمتع بمصداقية في السابق".
ويعلق الأمير محمد بن نواف قائلا: "أيا كان الحال، ولأن المملكة تتعامل بجدية مع الموضوع، وتلتزم بالقانون الدولي، فقد أعلن المتحدث باسم الجيش السعودي العقيد أحمد العسيري عن إنشاء لجنة مستقلة ستقوم بالتعاون مع البريطانيين وغيرهم من المستشارين الأجانب لفحص النشاطات العسكرية في المناطق المدنية؛ من أجل التقليل قدر الإمكان من الضحايا".
وينوه السفير إلى أن اللجنة "ستقوم بتقييم قواعد الاشتباك التي يعمل بها التحالف، التي تتعلق بالمدنيين بشكل تلتزم فيه بالقانون الدولي، وتمنع الوفيات العرضية، وستتكون اللجنة من ضباط كبار ومستشارين عسكريين وخبراء في ميدان السلاح والقانون الدولي، حيث ستقوم اللجنة بدراسة الحوادث، والتأكد من الإجراءات، بالإضافة إلى آلية ضرب الأهداف وكيف يمكن تحسينها، وسيكون هدف اللجنة إصدار تقربر واضح وكامل وموضوعي حول كل حالة، وسيتضمن نتائج ودورسا مستخلصة وتوصيات يعمل بها في المستقبل".
ويؤكد الأمير محمد بن نواف أنه "بالإضافة إلى هذه اللجنة، فإن القيادة العسكرية السعودية أكدت استعدادها للتعاون مع الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر واللجنة اليمنية المحلية، التي تتابع خروقات حقوق الإنسان، كما أعلنت السعودية عن فتح خط ساخن للتعاون مع منظمة أطباء بلا حدود؛ لحماية الطاقم الطبي اليمني، ووصفت مديرة تنسيق وحدة الطوارئ تيريزا سانكريستوبال القرار بأنه خطوة في الاتجاه الصحيح".
ويختم الأمير مقالته بالقول: "في النهاية، فإن السعودية تسعى إلى حل سياسي في اليمن، ولا تسعى إلى القضاء على الحوثيين بشكل كامل، أو إطالة أمد الحرب، فالمملكة تعرف أن هناك الكثير من الواجب عمله لحماية المدنيين من الأخطاء التي تعد داء مزمنا في الحرب؛ ولهذا السبب لم يعترف العقيد العسيري في مؤتمر صحافي قبل فترة بوقوع أخطاء، لكنه عبر عن التزام المملكة بالتغيير عبر الأفعال التي ذكرت أعلاه. وتعبر هذه الأفعال عن حرص السعودية على منع سقوط الضحايا المدنيين، وستقوم بعمل ما بوسعها لتقليل عدد الضحايا في المستقبل".