نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا، قالت فيه إن التنافس السياسي يؤخر الهجوم لاستعادة ثاني أكبر مدينة عراقية من
تنظيم الدولة، وهو ما يبطئ الاستفادة من الانتصارات الميدانية التي تم تحقيقها ضد التنظيم.
ويستدرك التقرير بأنه بالرغم من الدعوات المحلية للهجوم، إلا أن الأشخاص المتفاوضين حول الموضوع يقولون إن هناك خلافات بين القوى المختلفة التي تحارب تنظيم الدولة، مشيرا إلى أن المجموعة التي تتضمن أمريكا والمليشيات التي تدعمها
إيران والمقاتلين
الأكراد، تمنع أي تخطيط جاد للهجوم على
الموصل.
وتقول الصحيفة إن ما قدمه المسؤولون الأمريكيون هو برنامج زمني متحرك للهجوم على الموصل، منذ الإعلان في كانون الثاني/ يناير 2015 عن أن هناك استعدادات تتم للهجوم، ثم قال المسؤولون قريبا إن العملية قد تبدأ هذا الصيف، لكن مبعوث الرئيس الأمريكي أوباما بريت ماكغيرك رفض تحديد وقت للهجوم أثناء زيارته إلى بغداد نهاية الأسبوع الماضي.
ويذكر التقرير أن ماكغيرك قدر خسارة تنظيم الدولة بنسبة 40% من الأراضي التي كان يسيطر عليها في
العراق، حيث قامت القوات العراقية، مدعومة بالطيران الأمريكي، باستعادة مدينتي تكريت والرمادي، كما سقط عددا من بلدات الصحراء الغربية التي كان يسيطر عليها تنظيم الدولة.
وتنقل الصحيفة عن وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر، قوله الأسبوع الماضي إنه تمت استعادة بلدة الشدادي السورية من التنظيم، حيث تم قطع شريان حياة بين الموصل والرقة، التي تعد عاصمة تنظيم الدولة في سوريا، ووصف ماكغيرك تحرير الشدادي والانتصار في مدينة سنجار العراقية بأنهما بداية جهود عزل الموصل.
ويلفت التقرير إلى ان الجيش العراقي قام خلال عطلة نهاية الأسبوع بإلقاء منشورات من الطائرات، موجهة إلى "أبناء الموصل الصابرين"، وكتب في تلك المنشورات: "لقد حسمت القوات الأمنية القتال في الرمادي لصالح العراق، والآن هم يتجهزون لأكبر معركة، كونوا جاهزين".
وتستدرك الصحيفة بأن إيران تصر من خلال
المليشيات التي تدعمها على أن يكون لها دور في الموصل، بعد تهميشها في الرمادي، التي حررت قريبا، وبحسب المسؤولين العراقيين والأمريكيين، فإنه سنة العراق يخشون إن تؤدي مشاركة المليشيات إلى تغذية التوترات الطائفية، وتوسع نفوذ إيران في العراق.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن المسؤولين الأكراد يصرون على وجود دور لقواتهم في الحرب لاستعادة الموصل أيضا، مستدركا بأن لدى بغداد تخوفات من استخدام الأكراد هذه المعركة لتوسيع رقعة الأرض التي يقيمون عليها حكما ذاتيا كرديا.
وتعلق الصحيفة بأن هذا التنافس بين المجموعات العراقية المنقسمة والقوى الأجنبية التي تدعمها تسبب في تأخير البرنامج الزمني لاستعادة الموصل، مشيرة إلى أنه نتيجة لذلك، فإن بعض المسؤولين الأمريكيين والعراقيين يتوقعون ألا يكون الهجوم حتى خلال هذا العام.
ويورد التقرير نقلا عن النائب شيعي وعضو لجنة الدفاع والأمن في البرلمان العراقي عمار طعمة، قوله:"يحاول كل جانب تحقيق النصر في الموصل؛ للحصول على نفوذ سياسي أعظم، واستخدام المنافسة السياسية على حساب الشعب، وهذا أمر غير مقبول".
وتبين الصحيفة أن "الموصل تعد مهمة في شمال العراق، حيث سيؤدي تحريرها إلى تحدي تنظيم الدولة في جارتها سوريا، ويعتقد أنه لا يزال في المدينة مليونا شخص من سكانها، يعيشون تحت حكم تنظيم الدولة، وتعد الموصل مركزا للمنطقة السنية، ومع ذلك فإن المدينة ذاتها كانت الأكثر تنوعا، حيث يعيش فيها السنة والشيعة والمسيحيون والتركمان واليزيديون، كما أن فيها الكثير من المعالم الثقافية".
ويذكر التقرير أن المدينة تجاور اقليم كردستان، الذي يتمتع بحكم ذاتي محدود، وتسعى حكومته للاستقلال والانفصال عن العراق، حيث قامت القوات الكردية بدحر قوات تنظيم الدولة، ومدت نفوذها إلى المناطق الغنية بالبترول، بالذات مدينة كركوك.
وتورد الصحيفة نقلا عن الأكراد قولهم إنه لا مصلحة لهم بأن يحتلوا الموصل، وإنهم سيشاركون في الحملة العسكرية لتأمين حدودها، مشيرة إلى أن توقيت الحملة وشكلها لا يزالان غير واضحين، بحسب السكرتير العام للبيشمركة الكردية جبار ياور، الذي يقول: "هناك إعدادات، لكن ليست هناك خطة ولا ساعة صفر لبدء العملية، كما لا توجد خطة لما بعد التحرير".
ويجد التقرير أن استعادة الموصل ستكون أكبر وأعقد معركة ضد تنظيم الدولة إلى الآن؛ لأنها أكبر من الرمادي بأربع مرات، ويقول السياسي العراقي مشعان الجبوري: "من يقول إن المعركة ستكون عام 2016 فهو إما أنه جريء جدا أو أنه رامبو، صحيح كانت الرمادي نصرا كبيرا، لكن الرمادي عبارة عن قرية تبدو كأنها مدينة".
وبحسب الصحيفة، فإن الحكومة العراقية حركت وحدتي مشاة ومعدات ثقيلة إلى بلدة مخمور، وهي قاعدة على بعد 60 ميلا جنوب شرق الموصل، فيما يقود المسؤولون العسكريون جهودا للضغط على تنظيم الدولة قبل شن هجوم بري شامل على المدينة.
وينوه التقرير إلى أن تنظيم الدولة في محاولة منه لإظهار أنه يملك أسلحة متطورة قام بنشر صور من خلال الإنترنت، وقال فيها إنها لدفاعاته الجوية، وقال ماكغيرك إن أي قوات غير القوات العراقية تشارك في استعادة الموصل ستكون عبارة عن مقاتلين محليين من الموصل؛ تأكيدا على انزعاج أمريكا من المليشيات الشيعية، مستدركا بأن بعض المسؤولين الأمريكيين يقولون إنه رغم قلقهم من المليشيات التي تدعمها إيران، إلا أنهم يسلمون بأن حملة الموصل قد لا تنجح دونهم.
وتذكر الصحيفة أن حملة استعادة الموصل تحتاج إلى حوالي 30 ألف مقاتل، مشيرة إلى أن هناك 200 ألف جندي في الجيش العراقي، لكن 60% منهم تقريبا ينتشرون حول بغداد لحمايتها،
ويشير التقرير إلى أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي حاول إدخال المليشيات الشيعية تحت سيطرة الدولة وسط مخاوف من تهم الفساد والتجاوزات الطائفية في المناطق ذات الأكثرية السنية، لكنه أكد مشاركتهم في عملية الموصل.
وتختم "وول جورنال ستريت" تقريرها بالإشارة إلى أن هذا الموقف أغضب مجلس محافظة نينوى، الذي يعد الموصل عاصمة للمحافظة، وكان المجلس قد صوت قريبا على عدم مشاركة المليشيات الشيعية، وأيدت أكبر كتلة سنية في البرلمان العراقي تصويت المجلس.