اتخذ
المغرب سلسلة قرارات تصعيدية ضد تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة، وقرر تقليص أعضاء بعثة
المينورسو (بعثة
الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء في
الصحراء) في المغرب، والتهديد بحسب التجريدات المغربية لحفظ السلام، فيما اعتبر مسعى أمميا لتحويل المغرب قسريا إلى "فيدرالية".
ويمنح المغرب سنويا ما قيمته 3 مليون دولار كمساعدة طوعية للمغرب في الإيواء والنقل وغيرها من المساعدات اللوجستيكية لتسهيل مهام البعثة الأممية.
تخفيض بعثة الأمم المتحدة
وقررت حكومة المملكة المغربية اتخاذ ما وصفتها بـ"التدابير الفورية"، والمتمثلة في إجراء "تقليص ملموس خلال الأيام المقبلة لجزء كبير من المكون المدني وخاصة الشق السياسي من بعثة المينورسو، وإلغاء المساهمة الإرادية التي تقدمها المملكة لسير عمل البعثة".
وهددت الرباط في بلاغ أصدرته في ساعة متأخرة من ليلة الثلاثاء، بـ"بحث صيغ سحب التجريدات المغربية المنخرطة في عمليات حفظ السلم".
ووصفت وزارة الخارجية المغربية، في بيان أصدرته عقب لقاء وزير الخارجية، صلاح الدين مزوار، مع الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، "تصريحات الأمين العام بـ(غير المقبولة) والتصرفات (المرفوضة) للأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، خلال زيارته الأخيرة للمنطقة".
وتابع البيان إن "المملكة المغربية تحتفظ بحقها المشروع في اللجوء إلى تدابير أخرى، قد تضطر إلى اتخاذها، للدفاع، في احترام تام لميثاق الأمم المتحدة، عن مصالحها العليا، وسيادتها ووحدتها الترابية".
رسالة احتجاج
وكشفت الرباط أنه "بتعليمات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، توجه وزير الشؤون الخارجية والتعاون، السيد صلاح الدين مزوار، يوم 14 مارس الجاري إلى نيويورك، بهدف لقاء الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون".
وأوضح البلاغ أن "الوزير سلم رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة تعرض بتفصيل الاحتجاجات الرسمية للحكومة المغربية بخصوص تصريحاته غير المقبولة وتصرفاته المرفوضة خلال زيارته الأخيرة إلى المنطقة".
وأضاف أنه خلال هذا اللقاء أطلع مزوار الأمين العام الأممي على "شجب المملكة المغربية والشعب المغربي وكل القوى الحية الصارم ورفضهم التام لتصريحاته غير المقبولة وتصرفاته المدانة بخصوص قضية الصحراء المغربية، خلال زيارته الأخيرة للجزائر".
وشدد على أن "السلطات المغربية تعتبر أن مثل هذه التصرفات لا تتماشى مع مسؤوليات ومهمة الامين العام الاممي، التي تلزمه بواجب التحلي بالموضوعية والحياد واحترام المرجعية الموضوعة من قبل هيئات الأمم المتحدة".
وتم تذكير الأمين العام الأممي بأن مصطلح "احتلال" الذي استعمل لوصف وجود المغرب في صحرائه، يعتبر "هراء قانونيا وخطأ سياسيا جسيما".
ولهذا الغرض، ذكر البلاغ أنه "لم يستعمل أي قرار لمجلس الأمن قط مثل هذه المصطلحات"، مضيفا أن "استعمال هذه المرجعية يشكل إهانة للشعب المغربي، ولأمة بذلت تضحيات جسام لنيل استقلالها تدريجيا والدفاع عن وحدتها الترابية".
الأمم المتحدة: لنا ثقة لحل المشكل
في أول رد فعل للأمين العام للأمم المتحدة قرر بان كي مون تعليق زيارته إلى المغرب، بحسب تصريح صحافي أدلى به الناطق الرسمي باسم الأمم المتحدة ستيفان ديجاريك.
وقال ستيفان أن هذا القرار جاء بعد لقاء متوثر الثلاثاء الماضي جمع وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار وبان كيمون الأمين العام الأممي بنيويورك.
وقال الناطق الرسمي باسم الأمم المتحدة، "حاليا لا يوجد برنامج لزيارة بان كي كون إلى المغرب"، فيما يعد تراجعا عن إعلان الأمم المتحدة عن زيارة الأمين العام الأممي نهاية فبراير إلى الرباط.
وعلق ديجاريك على قرارات الحكومة المغربية، قائلا: إن "ذلك ستكون له تداعيات وأن الأمم المتحدة تدرس تلك التداعيات، وأكد أن تقليص جزء كبير من المكون المدني سيؤثر على عمليات المينورسو.
وبخصوص دراسة سحب القوات المغربية المشاركة في قوات حفظ السلام حول العالم (الكونغو والكوت ديفوار وافريقيا الوسطى) والبالغ عددها 2321 قال الناطق الرسمي للأمم المتحدة "لنا ثقة لحل المشكل".
البوليساريو تهدد
في الجانب الآخر لم يتأخر جواب جبهة البوليساريو (الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب) الانفصالية، التي سارعت إلى تنظيم ندوة صحافية الأربعاء من قلب الجزائر لتعلن أن الاستقرار لن يكون دون استفتاء.
وقال وزير الشؤون الخارجية الصحراوي، محمد سالم ولد سالك محمد سالم ولد سالك، في مؤتمر صحافي في العاصمة الجزائرية "لن يكون هناك سلام ولا استقرار في المنطقة طالما بقي الشعب الصحراوي محروما من حقه في تقرير المصير".
وأضاف أن المغرب "يعرف جيدا أنه في حال أجري استفتاء، فان الشعب الصحراوي سيختار الاستقلال"، مؤكدا "لسنا مغاربة ونرفض أن نصبح مغاربة".
المغرب يرفض الفيدرالية
وفي تعليقه على تطورات الأزمة بين المغرب والأمم المتحدة قال الباحث في الشؤون الاستراتيجية، خالد يايموت، إن "المسألة تعود لمحاولة الأمم المتحدة فرض حل جديد بعد رفض المغرب لمخطط الفدرالية الذي اقترحه روس سنة 2015".
وتابع خالد يايموت في تصريح لموقع "
عربي21"، لقد "تفاقم المشكل منذ حوالي شهرين بسبب إصرار المبعوث الأممي والأمين العام للأمم المتحدة على طرح مسودة مشروع يمزج بين الحل الذي يقترحه المغرب وهو الحكم الذاتي والنظام الفدرالي وهو ما يرفضه المغرب بشكل مطلق".
وأضاف الباحث أن "المغرب يرفض المزج بين النظام الفدرالي والجهوية الموسعة، فالمغرب يصر على اقتراحه المتمثل في الحكم الذاتي".
وعن دلالة التصعيد المغربي قال الباحث، "الدلالة هي أن المغرب مستعد لتقليص حضور ومشاركة الأمم المتحدة في النزاع مادام الأمين العام ومبعوثه لا يتمتعان بثقة المغرب".
وأفاد وأنها "رسالة خاصة لأعضاء مجلس الأمن والقوى الدولية الكبرى، كما أن المغرب الرسمي يرى أن الأمم المتحدة لم تقدم الشيء الكثير فيما يخص النزاع المفتعل حول الصحراء، و أنها ملزمة بتغير طريقة التعامل مع الملف بشكل جدري يراعي ميثاق الأمم المتحدة وضمان وحدة أراضي دول الأعضاء في المنظمة الدولية".
وشدد خالد يايموت "رغم التهديد المغرب خلق خطا لتواصل مع أعضاء مجلس الأمن الخمسة وهذا ما يهم المغرب والمينورسو وضعت لمهام مركزية تتعلق بوقف إطلاق النار".
وخلص إلى أن "وجود بعثة الأمم المتحدة بالتراب المغربي يعني أن المغرب مع السلم وحل المشكل سلميا، دون أن تكون المينورسو بعثة أبدية في الصحراء، إذن المغرب يرسل رسالة واضحة تقول للنخرط جميعا في حل للمشكل بطريقة وشكل مختلف عن المحاولات الفاشلة التي رعتها الأمم المتحدة".