رغم التحسن المحلوظ في أسعار
النفط خلال الأيام الماضية، فإنه يبدو أن شبح العجز العام دفع الدول المنتجة للنفط إلى البحث عن حلول للأزمة التي لا تشير أي توقعات إلى قرب تجاوزها.
يأتي ذلك في الوقت الذي استقرت فيه أسعار النفط مع تراجعها في أواخر تعاملات الخميس الماضي، عن معظم خسائرها الأولية بعد بيانات أظهرت هبوطا جديدا في عدد الحفارات النفطية في الولايات المتحدة.
لكن محللين ومتعاملين قالوا إن السوق قد تشهد موجة مبيعات أخرى الأسبوع المقبل إذا سجلت مخزونات الخام الأمريكية مستوى قياسيا مرتفعا جديدا.
وهبطت عقود الخام الأمريكي، صباح الخميس الماضي، بنحو أربعة في المئة، وتراجع خام
برنت عن مستوى 40 دولارا للبرميل، مع استمرار التأثير السلبي لتقرير حكومي يوم الأربعاء، أظهر أن مخزونات النفط الأمريكية سجلت الأسبوع الماضي قفزة بلغت ثلاثة أضعاف توقعات السوق.
وبدأت دول النفط في البحث عن آليات لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية، في توجه يشير إلى اتجاه هذه الدول إلى تنويع مصادر دخلها القومي، بما يساهم في التخفيف من وطأة الضغوط الاقتصادية الناتجة عن التقلبات في أسواق النفط العالمية.
وقال تقرير أصدرته شركة نفط "الهلال" الإماراتية، إن نجاح هذه المساعي يتطلب الكثير من المقومات الأساسية التي تبحث عنها الاستثمارات بالعادة، ومنها تحقيق عنصري الأمن والاستقرار السياسي، إلى جانب توفر بنية تحتية متطورة وهيكل تشريعي وقانوني، يتيح أكبر قدر ممكن من الحرية في تنقل رؤوس الأموال، فضلا عن خطط استثمارية قابلة للتطبيق على أرض الواقع.
وإذا تمكنت هذه الدول من توفير هذه الشروط، فإنها ستتمكن حتما من تعزيز مكانتها وجهة جاذبة للاستثمارات الاجنبية، كما أن ذلك سيساهم أيضا في زيادة مستوى التنافسية فيما بينها، لزيادة مساهمة هذه الاستثمارات في الناتج المحلي الإجمالي لها.
وبات من الواضح أن قطاع الطاقة أكثر المرشحين لقيادة تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى الدول التي تتمتع بأفضل المقومات الاستثمارية خلال السنوات المقبلة.
وأوضح التقرير أن وجود قوانين وأطر تشريعية جاذبة للاستثمار الأجنبي له دور كبير في تعزيز بيئة الأعمال عموما والاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة تحديدا، في وقت تتوقع فيه دراسات صدرت مؤخرا إلى وصول حجم سوق الطاقة النظيفة في الدول العربية إلى أكثر من 300 مليار دولار بحلول العام 2030.
وهذا الحجم الهائل من الاستثمارات يتطلب تركيز خطط الترويج للفرص الاستثمارية على نوعية المشاريع وطبيعة الاستثمار، مستندة في ذلك على دراسات جدوى اقتصادية، لتبيان أهمية المشاريع الاستثمارية ذات الصلة بقطاع الطاقة.
ومع زيادة حدة المنافسة، بات من الضروري قيام الدول النفطية بالتركيز على سياسات الانفتاح الاقتصادي، باعتبارها ركنا أساسا في تشجيع القطاع الخاص على لعب دور أكبر في مسيرة التنمية الاقتصادية الشاملة، وذلك بالتزامن مع قيامها بدعم قطاع الطاقة، وتقديم حزمة متنوعة من التسهيلات والمزايا للشركات، وتطوير بنية تحتية ذات معايير عالمية، إلى جانب تبسيط الإجراءات الخاصة بممارسة الأعمال، من أجل ضمان قدرتها على المنافسة، واستقطاب مزيد من الاستثمارات الأجنبية في قطاعات الطاقة المتجددة والتقليدية في مختلف الظروف.
ويلعب التحفيز الاستثماري الحكومي والخاص في القطاع الصناعي دورا كبيرا في تعزيز التكامل بين الاستثمارات المحلية والأجنبية، وجذب الاستثمارات ذات القيمة المضافة، التي تساهم في توفير بيئة ملائمة للاستثمارات التي تنسجم مع الأولويات الاقتصادية والتنموية الرئيسة، وتلبي في الوقت ذاته معايير الشراكة بين القطاع الخاص محليا وخارجيا، وهذه العوامل مجتمعة ستؤدي بلا شك في نجاح مشاريع الطاقة المتجددة والتقليدية، وتساهم في إيجاد آليات تمتاز بالفعالية في الترويج للفرص الاستثمارية بهذه القطاعات محليا وخارجيا.
ولذلك، فإن قدرة الدول على جذب الاستثمارات الخارجية ستكون محل اختبار أمام سعيها لتذليل العقبات والتغلب على التحديات التي تواجه الاستثمارات والمستثمرين الأجانب في الوقت المناسب، ونجاحها في ذلك سيكون أكثر الحلول كفاءة للتعامل مع التحديات والتقلبات في أسواق المال العالمية، كما سيضمن لها أيضا زيادة معدلات النمو الاقتصادي، وتعزيز تنافسيتها في جذب الاستثمارات، بما يحقق مردود إيجابي على زيادة نسبة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الاجمالي في ظل تراجع عوائد قطاع النفط، بسبب انخفاض الأسعار.