نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، تقريرا حول تجاهل
أوروبا للمعلومات الأمنية الهامة التي قدمتها
تركيا بهدف حماية القارة من هجمات "إرهابية" محتملة.
وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "
عربي21"، إنه على الرغم من استمرار السياسيين الغربيين ومن يسمون بـ"الخبراء" بإلقاء اللوم على وجود
تنظيم الدولة على حدود تركيا، فإنه لا يمكن إنكار حقيقة أن أنقرة قد قدمت معلومات أمنية هامة لأوروبا.
وأضاف أن الهجوم "الإرهابي" الأخير الذي استهدف بروكسل، حدث إثر فشل متكرر للدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي في التفطّن لتحذيرات تركيا، ما أدى إلى خسارة فادحة في الأرواح، مشيرا إلى أن إبراهيم البكراوي، أحد الشقيقين اللذين حمّلتهما بلجيكا مسؤولية الهجمات التي قتلت حوالي 31 شخصا على الأقل في بروكسل في 22 آذار/ مارس، كان قد دخل تركيا في 11 حزيران/ يونيو الماضي، وقامت السلطات التركية باعتقاله في 14 حزيران/ يونيو مع ثلاثة مشتبهين آخرين في غازي عنتاب، ومن ثم قامت بترحيله مع أجنبي متشدد من تنظيم الدولة.
وأكد الموقع أنه رغم تبليغ أنقرة للسلطات البلجيكية وهولندا بمكان إقامة البكراوي، فإنه تم إطلاق سراحه بعد ترحيله، بحجة أنه "لا وجود لدليل يثبت تورّطه في الجريمة". أما المسلحان الآخران تركيّا الجنسية؛ فهما لا يزالا رهن الاعتقال بسبب "انتمائهما لمنظمة إرهابية"، كما أن السلطات البلجيكية كانت قد اشتبهت خلال العام الماضي بوجود علاقة بين البكراوي وهجمات تشرين الثاني/ نوفمبر التي استهدفت العاصمة الفرنسية باريس.
وأوضح أن الحكومة البلجيكية اعترفت بأخطائها المتعلّقة بالتصدي للهجمات في بروكسل، حيث صرّح وزير العدل كوين جينس -مشيرا إلى المنطقة الحدودية بين تركيا وسوريا- بأنه "كان ينبغي على قوات الأمن البلجيكية أن تولي انتباها أكبر للمكان الذي اعتقل فيه ذلك الشخص"، مضيفا أنه "عندما يُعتقل شخص ما في مدينة يعرفها قليل من الناس؛ يكون واضحا للمطلعين أنه من الممكن أن يكون إرهابيا".
وأفاد الموقع بأن تركيا قامت أيضا بتحذير فرنسا مرتين حول عمر إسماعيل مصطفاي، أحد المهاجمين الثلاثة في قاعة احتفالات باتاكلان في فرنسا، إلا أن مسؤولا تركيا صرح سابقا بأن تركيا لم تسمع ردّا من فرنسا في هذا الشأن.
وفي وقت سابق؛ صرّح مسؤول تركي بأن حياة بومدين، الشريكة المطلوبة سابقا على إثر قتلها لأربعة أشخاص، ومشاركتها في كل من عملية حبس الرهائن في باريس وعمليات القتل في حادثة "شارلي هيبدو" والتي قُتِلَت بعد ذلك من قِبَل الشرطة؛ "قد دخلت إلى تركيا قبل عمليات القتل، ومن المحتمل أنها الآن في سوريا"، كما أن المخابرات التركية كانت قد تتبعت تحركاتها خلال وجودها في تركيا "وطلبت معلومات استخباراتية من نظرائها الفرنسيين، الذين تجاهلوا هذا الطلب".
وذكر الموقع أن مشتبها به آخر فرنسي الجنسية، ومسلحا في تنظيم الدولة، اسمه فراجة العابدات، قد تم ترحيله من تركيا في أيلول/ سبتمبر 2014، ثم أعيد إلى البلاد، واعتقلته القوات الأمنية التركية بالقرب من الحدود السورية، ليتمّ ترحيله للمرة الثانية، ومن غير المعروف ما إذا قامت السلطات الفرنسية بإطلاق سراحه أم لا.
ونقل "ميدل إيست آي" أن الأمن التركي كان قد اعتقل شخصين وصلا إلى مطار إسطنبول بتذكرة ذهاب فقط، وبزيّ مموّه، حيث تم إرسال كليهما إلى السويد، ما أدى إلى تجنب خطر وشيك، "ولكن بعد ثمانية أيام؛ عادا إلى تركيا في عبّارة من جزيرة كوس اليونانية، وعندما سئلوا عن المقاتلين السويديين الذين اعترضتهم تركيا؛ أجاب مسؤولون في ستوكهولم بأنهم عاجزون عن التصدّي لهم".
وفي هذا الصدد؛ قال الضابط الصحفي في الأمن السويدي، فريدريك ميلدر، إن "السفر من السويد إلى دول أخرى لا يُعد عملا غير قانوني، حتى إن كان إلى سوريا أو العراق، كما لا يُعد الانضمام إلى تنظيم الدولة أمرا غير قانوني أيضا.. نحن لدينا قوانين مختلفة، ولذلك فإنني لا أفهم ما الذي يتوقعه منّا زملاؤنا الأتراك".
وتحدّث الموقع عن الإجراءات الأمنية التي اتخذتها تركيا على امتداد حدودها الجنوبية بهدف مكافحة الإرهاب في البلاد، والتي تمثلت في بناء الحواجز، ونصب أسلاك السياج، وإنشاء مراكز إضاءة أمنية إضافية ومراكز تحليل المخاطر؛ للكشف عن المشتبه بهم في المطارات ومحطات الحافلات الداخلية.
وأضاف: "أن الترحيل ومنع المقاتلين الأجانب من الانضمام إلى جماعات كتنظيم الدولة؛ أصبح عملا اعتياديا في تركيا، تستخدمه ضد تسلل المجموعات الإرهابية إلى حدودها مع كل من سوريا والعراق، حيث منعت تركيا في 2011 أكثر من 38 ألف مشتبه بهم من 128 دولة، وقامت بترحيل أكثر من ثلاثة آلاف مشتبه بهم من 95 دولة".
واعتبر الموقع أنه بصرف النظر عن قلة التقدير للجهود التركية في منع الهجمات "الإرهابية"؛ فقد فشل الأوروبيون حتى بالمساعدة، أو على الأقل إظهار التضامن مع أنقرة أو إسطنبول؛ عندما قام شخص من تنظيم الدولة وآخر من حزب العمال الكردستاني بتفجير نفسيهما، "ورغم اعتراف
الاتحاد الأوروبي بحزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية؛ فإنه تغاضى عن العديد من الانتهاكات التي قام بها هذا الحزب".
وفي هذا السياق؛ انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الموقف الغربي الذي "لم ينأَ بنفسه عن الجماعات الإرهابية، مثل حزب العمال الكردستاني، وحزب التحرير الشعبي الثوري".
وقال الموقع إن "الحكومة التركية قد لا تعجب السياسيين الأوروبيين والغربيين، ومع ذلك فإن عليهم احترام الشعب التركي وممثليه، كما أنه ليس هناك أي منطق من شأنه تفسير تجاهل الاتحاد الأوروبي طلبات تسليم مئات الإرهابيين الذين يسعون إلى قتل الناس في تركيا".
وختم بأنه "كلما حاولت أنقرة جاهدة حماية أوروبا عبر تحذيرها بوجود
هجمات إرهابية محتملة؛ فإن بعض الأوروبيين يعمدون إلى الاستهتار بالأمن التركي".