كشفت
دراسة مسحية أجرتها مؤسسة استطلاعات لصالح القناة الرابعة في التلفزيون البريطاني حول مواقف المسلمين البريطانيين، عن معارضة الغالبية منهم للتفجيرات الانتحارية، ودعما واسعا للمؤسسات البريطانية العامة، حيث أظهروا شعورا قويا بالانتماء لبريطانيا.
وتظهر الدراسة، التي شارك فيها حوالي 1081 شخصا، مواقف مختلفة مقارنة ببقية مكونات المجتمع، حيث تعبر العينة عن مواقف غالبية المسلمين، وتعد أدق من بقية الاستطلاعات الأخرى؛ لأنها قامت بإجراء مقابلات شخصية، وتجنبت الاعتماد على مواقف منظمات وسيطة.
وتبرز الدراسة موقف المسلمين الحازم تجاه العنف الذي يرتكب باسم الإسلام، حيث قالت نسبة 90% من الذين شاركوا في الاستطلاع إنها لا تتعاطف مع الانتحاريين الذين يرتكبون أعمالا إرهابية للتعبير عن مواقفهم السياسية، وقالت نسبة 77% إنها لا تدعم تطبيق أحكام الشريعة في
بريطانيا، مقابل 7% قالت إنها تدعم تطبيقها.
وتشير الدراسة إلى أنه بالنسبة لقضايا أخرى لا علاقة لها بالعقيدة، عبرت نسبة كبيرة من المسلمين تقدر بـ 91% عن شعورها بالانتماء إلى المناطق التي تعيش فيها، وهي نسبة أعلى من المسجلة على المستوى الوطني وهي 76%، وبالإضافة إلى هذا، فقد قالت نسبة 88% إن بريطانيا بلد جميل للعيش فيه، فيما عبرت نسبة 86% عن شعور قوي بالانتماء للبلاد.
وتبين الدراسة أنه بعيدا عن موضوعات أخرى لها علاقة بالمدارس والقوانين، فإن نسبة 76% قالت إنها تفضل
الاندماج في المجتمع، وتكشف الدراسة عن عدد من النتائج التي تشير إلى عدم تماشي المسلمين مع بقية المجتمع البريطاني بشكل عام، حيث إن هناك نسبة 52% من المشاركين تعارض اعتبار المثلية قانونية، فيما قالت نسبة 47% إنها لا توافق على تدريس المثليين في المدارس.
وتلفت الدراسة، وفق ما ترجمته "
عربي21"، إلى أن نسبة 32% رفضت شجب الأشخاص الذين يرتكبون أعمال عنف ضد من يسخرون من المسلمين، وقالت نسبة 34% إنها ستقوم بإخبار الشرطة عن تورط أشخاص بنشاطات إرهابية أو من يدعمون الإرهاب في سوريا.
وكتب مسؤول لجنة المساواة العرقية وحقوق الإنسان في صحيفة "ديلي ميل" تريفور فيليبس، تقريرا عبر فيه عن قلقه من نتائج الدراسة، وقال فيه: "الاستماع من المسلمين البريطانيين وهم يتحدثون ويعبرون عما يفكرون، بدلا من الاستماع لمن يدعمونهم أو من يتحدثون باسمهم نيابة عنهم، أمر مهم لمنع نشوء أمة داخل أمة"، مشيرا إلى أن الكثير من النتائج ستكون مثيرة لقلق المسلمين وغير المسلمين على حد سواء.
ويضيف فيليبس أن تحليل مواقف وأعمار المشاركين تظهر أن مواقف المسلمين لن تتغير بشكل سريع، ويقول إن "دمج المسلمين سيكون من أصعب المهام التي ستواجهنا، حيث إنه يقتضي التخلي عن فكرة التعددية التي لا يزال يحبها البعض، ويبني احتمالا قويا للاندماج".
ويتابع فيليبس في تقريره التحذيري قائلا إن أقلية من المسلمين تفضل العيش في نظام مختلف، لافتا إلى أن هذه الأقلية تعد بقية المجتمع البريطاني لا أخلاقيا.
ويلفت الكاتب إلى أن نتائج الدراسة المستفيضة عن مواقف المسلمين "تحمل رسالة قاتمة لنا، فهناك معركة حياة أو موت لكسب عقول المسلمين البريطانيين وقلوبهم، ولا يمكن في هذه الحالة الوقوف بموقف المتفرج، ويجب أن نتخذ مواقف".
وينوه التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى مشاركة غالبية المسلمين مواقف البقية من البريطانيين، الوظيفة والهموم المتعلقة بمستقبل العائلة، حيث يقول
المسلمون إنهم يفضلون العيش في بريطانيا لأنها تمنحهم الفرصة لممارسة دينهم، مستدركا بأن خلف النتائج هناك "شق" يتطور بين المسلمين وبقية المواطنين نابع، كما يقول المستطلعون، من التزامهم بدينهم.
ويركز فيليبس هنا على مواقف المسلمين من المثلية وتعدد الزوجات، حيث طالبت نسبة الثلث بالسماح بها، مشيرا إلى أن هناك حماسا للموضوع بين الشباب مثل حماس الكبار في السن، وقالت نسبة 39% إن على المرأة طاعة زوجها، مقارنة بنسبة 5% بين غير المسلمين.
وتذكر الصحيفة أنه بالنسبة للموضوع المتعلق باليهود، فإن هناك نسبة 35% من المسلمين البريطانيين يعتقدون أن اليهود يتمتعون بتأثير قوي في بريطانيا، مقارنة بنسبة 8% بين غير المسلمين.
ويرى الكاتب أن سبب ظهور هذه المواقف هي أن هؤلاء المسلمين يعيشون في بريطانيا مختلفة، حيث إن نسبة الخمس من المشاركين لم تدخل بيوت غير المسلمين في العام الماضي، وقد لا يكون هذا خطؤهم، إلا أن النتائج كما يرى "كارثية بالنسبة لموضوع الاندماج"، لافتا إلى أن هناك نسبة قليلة من المسلمين تفضل العيش في مناطق منفصلة، وتفضل نسبة الربع تطبيق الشريعة في المناطق التي تعيش فيها.
ويستدرك التقرير بأنه رغم تجنب الغالبية العنف، إلا أن نسبة 4%، أي ما يعادل 100 ألف مسلم، يتعاطفون مع العمليات الانتحارية كونها وسيلة لمكافحة الظلم، وهناك واحد من بين ثلاثة قد يقوم بالإبلاغ عن شخص يعلم بتورطه بالإرهاب في سوريا.
ودعا فيليبس إلى اتخاذ موقف أكثر تشددا من الاندماج، بدلا من الاعتماد على التعددية الثقافية، مشيرا إلى أنه في حالة المسلمين يجب التأكد من عدم سيطرة المتشددين، كما حصل في ملف "حصار طروادة" في مدارس برمنغهام على المدارس، والقيام بتمرير استراتيجية متشددة فيها.
ويبين الكاتب أن "هذا يعني التقليل من وجود أقلية واحدة في مدرسة ما، بحيث لا تزيد نسبة حضورها على 50%، وتجب مراقبة سياسات الإسكان لمنع تحولها إلى غيتوهات أو جزر معزولة عن بقية المجتمع، وهذا يعني تغييرا في مواقف الأحزاب السياسية، والتخلي عن سياسة غض الطرف عن ممارسات معينة مقابل الحصول على أصوات".
ويعترف فيليبس بأن سياسات كهذه قد لا تلقى ترحيبا من الكثيرين، مشيرا إلى أن هناك معلقا من اليسار يرى في أن هذا التحليل لا يختلف عن مواقف البريطانيين البيض.