يعيش قطاع
التعليم بالجزائر، أزمة حقيقية، على خلفية مسابقات توظيف ستنظم يوم 30 نيسان/ أبريل الجاري، بكامل القطر
الجزائري. المسابقات رفض المئات من المدرسين الذين سبق لهم
التوظيف بعقود محددة الآجال، المشاركة بها، باعتبار أقدميتهم بقطاع التدريس.
ويتجمع المئات من المدرسين الجزائريين، بالأطوار الثلاثة: الابتدائي والمتوسط والثانوي، بما صار يوصف بـ"ميدان
الإدماج"، ببلدة بودوار شرقي العاصمة الجزائر، بعد أيام وليال قضوها مشيا على الأقدام، حيث التحق بالميدان، مدرسون من شتى محافظات الجزائر. بقوافل بشرية صنعت مشاهد مفزعة، إزاء مربي أجيال يقولون إن الحكومة أهانتهم.
قصة هؤلاء المدرسين الذين سبق لهم أن قضوا بين 5 و12 سنة يدرسون بشتى المحافظات بالجزائر، بدأت عندما أعلنت وزيرة التربية بالجزائرية، نورية بن غبريت، تنظيم مسابقة توظيف بالقطاع، ودعت هؤلاء المدرسين المحتجين، إلى المشاركة بالمسابقات بغرض توظيفهم بشكل دائم، حيث يتساوى هؤلاء مع المترشحين للمسابقات من حديثي العهد بالتخرج من المعاهد والجامعات.
ويرفض هؤلاء المدرسين "المتعاقدين" الذين تجدد عقودهم كل سنة، أن يتساووا مع مترشحين جدد وهم الذين قضوا سنوات بالخدمة، حيث يطالبون بالإدماج وترسيم وظائفهم بعقود دائمة دون اجتياز المسابقات.
وقال حسن باجي، مدرس متعاقد يرابط رفقة المئات من المدرسين، في تصريح لـ"
عربي21"، الأربعاء: "نحن باقون هنا إلى أن تتحقق مطالبنا بالإدماج المباشر بسلك التعليم الذي قضينا فيه سنوات عديدة، أتساءل كيف قضينا كل هذه الفترة لتأتي الوزيرة اليوم وتطلب منا إجراء مسابقات من أجل توظيفنا".
وبقرب حسن، كان علي دواري، ملقى على الأرض من شدة التعب، وطفله الصغير يداعبه فوق بطنه، يبدو مرهقا من أيام يقضيها بميدان الإدماج، يقول علي لـ"
عربي21": "لقد قضيت 10 سنوات بخدمة التدريس، تزوجت في السنوات الأولى وها هو ابني أمامكم، يلاعبني، ومازلت متعاقدا ويريدون مني اجتياز مسابقة من أجل التوظيف وإلا سأطرد".
ولم لا تجتاز المسابقة؟ يجيب علي: "تعرفون جيدا مآل مسابقات التوظيف بالجزائر.. إنهم ينظمون مسابقات من أجل توظيف أقربائهم وأحبابهم، لقد عشنا الكثير من المهازل المثيلة، سأمكث هنا إلى أن تتحقق مطالبنا بالإدماج المباشر". ويضيف علي: "لقد درست تلاميذ صاروا اليوم صحفيين مثلك، وأطباء وطيارين، أما أنا فما زلت أبحث عن الإدماج الدائم بالوظيفة".
ظروف إنسانية مأساوية يعيشها هؤلاء المحتجون بميدان الإدماج، في ظل نقص الأفرشة والطعام، وانعدام دورات المياه.. يقضون ليالي برد وشتاء لا تحتمل، وعشرات المدرسات والمدرسين، أغمي عليهم، وسيارات الإسعاف صارت لا تبرح المكان.
ويقتات هؤلاء المدرسون بما يتوزع عليهم من عطايا أهالي بلدة بودواو الذين أعلنوا تضامنهم مع المحتجين، ويصلونهم بالأفرشة والأغطية، والمأكولات وبعض الأدوية بالنسبة للمرضى.
ويلتق بالميدان، قادة أحزاب سياسية معارضة وتنظيمات مدنية، لدعم هؤلاء بمطالبهم، وتحول "ميدان الإدماج" إلى قضية وطنية، ضمن أجندات الطبقة السياسية.
والتحق، الأربعاء، العشرات من تلاميذ المدارس بميدان الإدماج، تضامنا مع المدرسين المحتجين، مشكلين صورة مواساة وتضامن غير مسبوقة. وأعلنت نقابات قطاع التعليم بالجزائر عن إضراب عام بالمدارس، تضامنا مع المدرسين المتعاقدين، يجري مشاورات لتحديد موعده.
وتتشبث وزيرة التعليم بالجزائر، نورية بن غبريت، بموقفها بضرورة مشاركة المحتجين بمسابقات التوظيف.