أشاد الباحث والأكاديمي المعروف
سعد الدين إبراهيم بما أسماه "الخطاب السعودي القومي الوحدوي الجديد".
كما دافع إبراهيم عن تنازل السيسي عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وأشاد بشكل خاص بمشروع الجسر البري الذي سيربط
السعودية بمصر.
وهو المشروع الذي يقول عنه إبراهيم إنه سيكون الرادع الجيوسياسي لإيران لتنكفئ عن أطماعها التوسعية.
وقال إبراهيم في مقال له في صحيفة "
المصري اليوم" الجمعة، إنه لا بد للذين تجاوزوا السبعين من أعمارهِم، أن يتعجبوا ويُطربوا من الخطاب الوحدوي الجديد للمسؤولين السعوديين، وعلى رأسهم العاهل السعودي
الملك سلمان بن عبدالعزيز نفسه، فقد تكرر ذكره للوحدة العربية، وللأخطار المُحيطة بالأمة العربية".
ويرى إبراهيم أن اللغة التي يتحدث بها الملك سلمان تذكره بلغة جمال عبد الناصر، ويضيف "هي لُغة لم نسمعها كثيرا منذ رحيل الزعيم جمال عبدالناصر قبل نصف قرن".
ويعتقد إبراهيم أن هذا الخطاب القومي "أملاه إدراك الأخطار المُتزايدة على كيان المملكة من الحِصار الذي تحكمه الجارة الفارسية الإسلامية الشيّعية إيران على المملكة، التي تعتبر نفسها، ويعتبرها الكثيرون قلب الإسلام السُنّي الوسطي المُعتدل. وهو ما يُفسره تعمد زيارة الملك سلمان للأزهر الشريف، الذي شيّده الفاطميون الشيّعة القادمون من المغرب، ولكن المصريين ذوي الوجه السُنّي جعلوا منه منارة لكل المسلمين على اختلاف مذاهبهم".
ويؤكد إبراهيم أن الملك سلمان يعي ما وصفها بـ"الطبيعة الخاصة للوحدة المصرية"، فقد زار جامعة القاهرة "كرمز لمصر المدنية الحديثة، واستقباله للبابا تواضروس، رأس الكنيسة القبطية، وهي سابقة فريدة لملك سعودي".
ويرى إبراهيم أن مشروع الجسر البري بين السعودية ومصر ما هو إلا "خطوة عملاقة في تحقيق
الوحدة العربية، التي حلمت بها أربعة أجيال عربية خلال القرن الماضي؛ فالجسر كما قال بحق الملك سلمان سيربط بين عرب المشرق في آسيا، وعرب المغرب في إفريقيا، وهي العروة الوثقى التي كانت قد كُسرت بإنشاء الدولة الإسرائيلية. فالجسر يُحقق إعادة هذه العروة الوثقى بالالتفاف حول إسرائيل، جنوبا وشرقا. ومن خلال الجسر سيصبح عرب المغرب قادرين من خلال السعودية أن يتواصلوا بريا ببقية عرب المشرق، حيث إن ثمة حدودا مُشتركة، ليس فقط مع بقية دول مجلس التعاون الخليجي الست، ولكن أيضا مع كل من الأردن وسوريا والعِراق".
اقتصاديا يرى إبراهيم أن التقديرات الأولية تفيد بأن "حركة التجارة والحُجاج والمُعتمرين والسُيّاح المتوقفة ستكون قيمتها في السنوات العشر الأولى من إتمام الجسر، حوالي مائتي مليار دولار، وتتضاعف في السنوات الخمس التالية. وهو ما يعني ليس فقط توفير عدة ملايين من فُرص العمل للعرب على جانبي الجسر، ولكن أيضا تشجيع الاستيطان في شبه جزيرة سيناء بعدة ملايين من دلتا وصعيد مصر".
ويعتقد إبراهيم أن ثمن هذا هو الدعم المصري لأمن بُلدان الجزيرة والخليج، وخاصة ضد المطامع الإيرانية، التي نجحت إلى تاريخه في اختراقات لأربعة بُلدان عربية تُحيط بالسعودية، وهي العِراق وسوريا والبحرين واليمن. وربما، وهو المأمول، أن تتخلى إيران عن أطماعها التوسعية الجيوسياسية، التي ورثتها عن الأكاسرة، وعن أحلام الهيمنة المذهبية العقائدية الشيّعية. ولن يُقنع قيادات إيران بذلك إلا هذا التوازن الاستراتيجي العربي الذي تقوده مصر والسعودية، في شرق أوسط تعددي جديد، لا هيمنة فيه لفارسي على عربي، ولا لعربي فيه على عجمي، إلا بالتقوى والتنمية والإنصاف.
ودافع إبراهيم في مقاله عن تنازل السيسي عن جزيرتي تيران وصنافير، وقال "لابُد في هذا الصدد ألا يتم تفسير خطوات القيادة المصرية نحو السعودية كما لو كانت تفريطا في حقوق مصرية، مثلما في رد جزيرتي تيران وصنافير، إلى أصحابها الأصليين، بعد أن حرستها مصر، بناء على طلب من الملك عبدالعزيز آل سعود إلى الملك فاروق، عام 1950، خشية أن تحتلها إسرائيل، وحيث لم يكن لدى السعودية، في ذلك الوقت (1949) أسطول بحرى لحماية الجزيرتين. أما وقد استكملت السعودية كل مظاهر الدولة الحديثة، بما في ذلك قوات مُسلحة قادرة على حماية الشواطئ والمياه الإقليمية السعودية، فقد كان طبيعيا أن تُعيد مصر الجزيرتين إلى صاحبتهما".