أردت أن أضع هذا السؤال أمامنا لنكتشف أخطاءنا فنصححها.
والإجابة عن هذا السؤال بلا تردد هي (لا)..
والسؤال الكاشف لماذا (لا)؟
1 - لأننا كإخوان عزلنا أنفسنا عن شعبنا ومجتمعنا، وانكفأنا نقضي جل وقتنا وتعاملاتنا داخل دفء كيان يغلب على أفراده الطهر والنقاء.
2 - غبنا عن لغة قومنا وشعبنا وجئناهم بمصطلحات غريبة عليهم، فسمعوا منا كلمات كالنقيب والكتيبة، رغم أننا هيئة مدنية وليست عسكرية.. ومكتب الإرشاد والمرشد العام والبيعة والتتظيم العالي كلمات ضخمه كبيرة ليست هي لغة أهلنا، فأشعرتهم بغربتنا عنهم، مع أن العبرة في المعنى وليس المبنى، وماذا علينا إذا تواصلنا معهم بأسماء يأنسون لها دون تغيير المسمى؟
3 - إقحام معاركنا السياسية في دروسنا وخطبنا المسجدية، مما لا يمس اهتمام عديد من المصلين، فلا ينالون زادهم الذي يرجون، فقل رواد معظم مساجدنا وانصرفوا يبحثون عن بغيتهم في مساجد أخرى.
4 - حالة التعالي على الآخرين مستقرة داخلنا وفي أدبياتنا: إحنا
الإخوان الله أكبر.. صمت أذن الدنيا إن لم تسمع لنا.. لو رشح الإخوان حيوانا لنجح.. (كلمة لأخي صبحي صالح فك الله أسره ولم يتصد لتصريحه أحد من الإخوان)، أو الكلمة الشهيرة (طز في
مصر) التي صدرت على لسان أكبر رأس فينا ولم يسارع بالاعتذار عنها على الملأ كما قالها على الملأ. وإذا سمعنا عن أحد من أفراد الشعب عمل عملا متميزا أو تميز بخلق رفيع نقول: ستجده من الإخوان أو له علاقة بالإخوان.
5 - تمايزنا بشعارات في التظاهرات والمؤتمرات والفعاليات المشتركة تفرق بيننا وباقي المشاركين حتى لو كانوا من نفس التوجه (في أحد مؤتمرات الإسكندرية في حشد كبير من المسلمين من كل الاتجاهات ومن ليس لهم علاقة بالجماعات، لكن حضروا هم وعائلاتهم نصرة للمصحف في نادي المحامين تنديدا بإهانة المصحف، فقام أحد شباب الإخوان يهتف في الجموع (إحنا الإخوان الله أكبر أقسمنا يمينا لن نقهر) فانتزعت من يده مكبر الصوت لأهتف (نحن المسلمون الله أكبر أقسمنا يمينا لن نقهر) فردده الجميع، بعد أن كانوا في حرج من ترديد الهتاف التفريقي الأول والذي يمايز بين المسلمين في دفاعهم عن كتاب ربهم المقدس.
6 - إذا مكنتنا قدراتنا الانتخابية على الاستحواذ على كل مقاعد نقابة أو غيرها فعلناها إلا فيما ندر دون مراعاة لوجود شركاء مخالفين بذلك لشعار لطالما رفعناه (مشاركة لا مغلبة).
7 - تعظيم رموزنا وتميزهم حتى في اللقاءات المشتركة بتحيتهم والهتاف لهم مما يحرج الرموز الأخرى المشاركة ويولد داخلهم هم وأتباعهم جدار عزلة يفصل بيننا وبينهم.
8 - وجهنا جهدنا لقضايا تهمنا ولم نلتفت لقضايا الشعب الملحة والعاجلة (قال لي أحد قادة الشرطة أثناء إحدى تظاهراتنا من أجل إحدى القضايا الإسلامية الخارجية يا دكتور تظاهروا ولو مرة واحدة من أجل تدني رواتب موظفي الحكومة أو غلاء الأسعار، أو البطالة أو..أو..).
9 - كنا نفرق في تناولنا لانتهاكات حقوق الإنسان بين ما إذا كان الضحية من الإخوان أم من غير الإخوان أو حتى من الجنائيين، فعزف الآخرون عن الوقوف معنا في محننا وتركونا وحدنا دون مشاركة كما تركناهم.
هذه السلبيات وغيرها أحدثت حالة تراكمية أنتجت تلك العزلة التي يحاول البعض انكارها بدلا من مواجهتها، رغم اعتراف الجماعة بها في السنوات الأخيرة قبل الانقلاب وتبني مبدأ الانفتاح على المجتمع الذي لم نستطع تحقيقه، للأسباب التى أورتها في هذه التدوينة وغيرها.
فالرهان بعد الله تعالى على التلاحم مع الشعب والحرص على وحدته وتماسكه وتبني قضاياه، وهو طريق رغم صعوبته والجهد المبذول فيه الطريق الأمثل لمن يبغي إحياء أمة ونشر دين وتكوين قاعدة صلبة يقول فيها كل فرد من الشعب لأخيه يا أنا، وهذا الطريق يتطلب إيمانا عميقا راسخا به لا يحيد ولا يتلون ولا يزيغ عنه إلى غيره، ولغة جديدة وأسلوب جديد وطاقة جديدة وقيادات شعبية جديدة لكل الناس وليس لناس دون ناس.