انكبَّ المحللون السياسيون بعد مظاهرة الجمعة "العظيمة" في تقدير عمر السيسي وقدروا أنه حان الأجل، ونأمل أن يكون آخر الفراعنة، وهو أغرب فرعون رأته
مصر والعالم وفي بقية الكواكب في مجموعة درب التبانة، أقول تاني: فرعون وبلياتشو فسبحان من جمع الصفتين في دكر بط واحد... والخشية كل الخشية أن يصبح سدنة هيكل الدولة الفرعونية العميقة السحيقة من الإعلاميين وأصحاب الأحزاب ثوارا وأن نراهم أبطالا من جديد!
مالكو الأحزاب مثل حمدين وأبو الفتوح وحتى المستشارة أبلة تهاني وعبد الحليم قنديل باتوا شجعانا وناطقين في زمن الصم والبكم والرقص، والسبب في ذلك هو أنّ الدولة القومية المعاصرة المتخلفة من الاستعمار قدست في أدبياتها الأرض تقديسا أكثر من الإنسان، وأكثر من الله في علاه!.. فقد احتجوا وطالبوا.... باستفتاء! والاستفتاء يكلف أموالا طائلة ويشغل القضاء الشامخ عن تحقيق رسالة العدل في الأرض.. وهم يعرفون أن الصناديق فيها أصوات فاسدة من أيام الفراعنة التي عرفت كيف تحنط البشر و... السلطة. تجنبوا اتهام السيسي بالخيانة وحرصوا على الاختباء وراء قناع قدسية الأرض، وفي شعار الجمعة الجديدة باتت الأرض تساوي العرض، والعرض منتهك منذ أن "تحمّل السيسي المسؤولية".. و"العرض مستمر" بنجاح متواصل في الانتهاك في شباك العساكر. أين شعبولا ومرتضى منصور في هذه الملاحم؟ سؤال مهم: أين المغرد الشهير صاحب نوبل؛ السيد البرادعي؟ لكل شيءٍ إذا ما تم نقصانُ، فلا يُغرّ بطيب الرز إنسانُ. الاستفتاء لا ينزع شرعية في بلاد مفتي ديارها يفتي بالضرب في المليان...
يقول الله تعالى: "وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا"، فآتيناهم دولا! ورقابا. أم الدنيا صارت خادمة الدنيا: تشتري طائرات رافال قديمة، وتعقد صفقات سيمنز مع ألمانيا، وتغرق غزة بالماء المالح، وتحرص على لعب الغميضة مع ميكروفونات الجزيرة وتخفيها تحت الطاولة، الجزيرة هذه المرة لعبت الاستغماية مع مظاهرات مصر، نصف استغماية، وواضح أن فضائية الجزيرة محرجة، وقد جاء خبر المظاهرات المصرية في النشرة الإخبارية في الترتيب الرابع، في ميزان التمييز الطبقي بين أخبار الست وأخبار الجارية، فهي تتجنب إحراج شقيقتها السعودية، وتمشي على صراط الحبل، وتختبئ تحت الطاولة، خشية أن تسقط في أمرين، هما: حامضٌ وحلو، فهي مع حلو إسقاط السيسي مثل الأحرار، مع أنني أتفق مع الجزيرة أن المظاهرات هي على حمض البطش وسياسات السيسي وليس على حلو الجزيرتين. لكن هذا خبر فيه تحليل وتأويل، والخبر غير التحليل.
المؤكد أن السيسي الذي يرتكب الجريمة تلو الجريمة قد ارتكب غلطة كبيرة، وصفها أكثر المحللين بالقاتلة. الإنسان هو أغلى من جزيرتين ومن شعابهما المرجانية وسمكها الملون، ومما في الدنيا جميعا، وحبس بريء واحد كان يجب أن يجلب ثورة كما في إيطاليا، لكن الإعلام العربي المعاصر وأدبياته وثّنت الأرض وجعلتها مقدسا أكثر من الله في السماء كما أسلفنا القول.. والجزاء من جنس العمل. لنتذكر أن الوطن حضن والرز حضن أيضا.
كل ما يقوم به السيسي هو عطش مستمر للشرعية الخارجية، اقتصاديا وسياسيا. أو لعله يقوم بتسديد دين فواتير شرعية الانقلاب السياسية. سعى السيسي جاهدا إلى تسجيل براءة اختراع تأسيسي وطني باسمه، وأخفق: قناة السويس، العاصمة الجديدة، مليون فدان.. قام هذه المرة بعكس ما قام به صدام حسين الذي أعلن الحرب مع إيران واستعادة قريتي زين القوس وسيف سعد. فاستعادة الأراضي المحتلة من الجيران تثير لدى الشعب مشاعر العزة والفخار.. والسيسي الزاهد قام بعكس ما يقوم به الزعماء الأقوياء وفعل عكس شعاره المعروف: اللي ح يقرب لها حشيلو من وجه الأرض.. فصار: ح اديلو جزيرة جزيرتين كده ع الحساب..
إن جزيرتي تيران وصنافير، قد تكونان قطعتي أرض أو أراضي استراتيجية، والسعودية دولة عربية شقيقة لا حرب معها فهي أرض مقدسة، الرز فيها كثير والزيت أكثر، وواضح أن ثمة وثائق مضادة لوثائق التمليك التي يدعيها المصريون، وهي متاهة. لكن قرار منح الجزيرتين لشقيقتها السعودية غدر بالشعب ويرى المحللون أنها قد تقصف عمره الذي قصف كثيرا بمدافع لإنجازات الفنكوشية.
السيسي ساقط، لكنه تفاحة سقوطه معقودة إلى الشجرة المصرية بصمغ عالمي وفرعوني. ويذهب زميل دارسات الشرق الأوسط الأمريكي ستيفن كوك عكس المحللين العرب الذين يستشرفون المستقبل: بالأماني. كوك ذكر تحليلا ليس من اختصاصه أو فيه شطح فقال: إن (مبارك) أكثر حذقا من السيسي.. ذلك لأنه يسمع السيسي مترجما والترجمة تجعل السيسي طبيعيا لدى الغرب. قال الرجل إن السيسي قاعد على كنز لا ينضب من الشرعية: الخليج يدعمه بالرز من أجل منع الإسلام السياسي الخَطِر على الخليج، وتحييد إيران بمصر، و هو يحارب الإرهاب ويؤلفه، كما لايخفى دعم جهاز الجيش و الدولة العميقة للسيسي، وغياب البدائل.. كوك يقول إن التسريبات لم تضر السيسي شيئا، والأرجح أن تسريب الجزر لن يحقق شيئا .. ولذلك لا نعرف متى يسقط السيسي. المقال نفسه يمنح السيسي شرعية نسميها شرعية التحليل السياسي العلمي الذي لا يستحقه السيسي شخصا، وإن كان يستحقه سلطةً.
تفاحة نيوتن سقطت بفعل الجاذبية الأرضية، الجاذبية واحدة من سنن الله الكونية، هذا لا يعني أن السيسي تفاحة، وإن عشقه بعض الناس، ولا يعني أن الحياة سيصير لونها بمبي وزوزو.. بسقوط السيسي... هو دكتاتور ومضحك، ولا بمبي إلا في الجنة.
أظن أن عمر السيسي يمكن تقديره بواسطة الكربون-14 المستخدم كمقياس لتقدير أعمار المستحاثات، والتي قد يصل عمرها في بعض الأحيان إلى أكثر من 50000 سنة. ما هو الكربون-14؟ ذرة الكربون-14 ذرة غير مستقرة لأن عدد بروتوناتها لا يساوي عدد نيوتروناتها، وتسمى بالكربون المشع الذي يقدر نصف عمره بـ5730 سنة. الذي تقريبا هو عمر رمسيس التاني.
الأعمار بيد الله .. فزعماؤنا بعضهم ميت ولا يموت، وهذا أغرب من الخيال الأعصم.
أيضا: الكربون العادي بشرطي الزمن والضغط يتحول إلى الماس! هو ما حصل لعبد الفتاح كربون بشرطي الرز والعسكر.
اسم الكربون العلمي باللاتيني سي، ثنائي الجزيء هو سي اثنان أو: سيسي... المشع..