كتاب عربي 21

أوباما... ارحل!

1300x600
خلال الأسبوع الجاري نشرت بعض الأخبار التي تحمل دلالات عميقة على الصعيد الدولي رغم أنّها مرّت مرور الكرام في نشرات الأخبار، الأوّل يتعلّق بالصين والثاني يتعلق بإيران والثالث يتعلق بروسيا وكلّها تقول شيئا واحدا، وهو أنّ إدارة أوباما بلغت من الضعف مبلغاً لم تعد معه قادرة حتى على حفظ ماء وجهها كما يقال. 

مسلسل التنازلات لروسيا والصين وايران لا يزال مستمرا على جميع المستويات. لأوّل مرة تقوم الصين بإرسال 16 طائرات مقاتلة إلى مناطق متنازع عليها (جزيرة وودي في بحر الصين الجنوبي) لتؤكّد من خلال ذلك أحقّيتها في بسط سيطرتها عليها بالقوّة العسكرية، رغم ادعاء السلطات الصينية قبل عدّة أشهر أنّها لن تفعل ذلك، وأنّ ما سبق وأرسلته له طابع دفاعي فقط لا غير. 

صحيح أنّ الصين لم تقم بما قامت به روسيا من غزو لأراضي دولة أخرى -حتى الآن- لكنّ النتيجة واحدة، استخدام القوّة للتأكيد أنّه من غير الممكن ردعها. لم تكتف الصين بهذا العمل أيضا بل أتبعته باختبار صاروخ بالستي عابر للقارات قادر على حمل رأس نووي (DF-41) من بحر الصين الجنوبي، في رسالة واضحة إلى كل من يحاول أن يتحدّاها. والغريب أنّ هذه الأخبار جاءت على شكل تسريبات لكي تتجنّب الإدارة الأمريكية حرج الإعلان عنها خاصّة أنّها لن تفعل أي شيء حيالها.

أمّا الجانب الإيراني فقد هدد علنا بترك الاتفاق النووي إذا لم يحصل على المزيد، بالرغم من أنّ الاتفاق نفسه لا ينص من قريب أو من بعيد على ما يطالب به الجانب الإيراني الآن، ووصل الأمر بجواد ظريف إلى أن يتذمّر بسبب عدم قيام إدارة أوباما بشرح الطرق الالتفافيّة التي يمكن من خلالها للمؤسسات المالية تجاوز العقبات الحالية والتعامل مع إيران، علما أنّ ايران لم تظهر أي نوايا حسنة ولم تعدّل من سلوكها العدواني الطائفي الداعم للإرهاب قيد أنملة خلال الفترة السابقة، لكنّ أوباما لا يمتلك أي خيار آخر سوى تقديم التنازلات حفاظا على ما يسمّيه إرثه التاريخي الذي هو عبارة عن كارثة قابلة للانفجار في أي لحظة.

الإدارة الآن تحاول تسهيل التفاف ايران على بعض العقبات المالية القائمة لأنّها لا تمتلك القدرة على رفعها. ليس هذا فقط، إدارة أوباما أعلنت بالأمس أنها ستشتري 32 طنا من المياه الثقيلة التي تنتجها إيران بملايين الدولارات، ليس لتشريع ما هو غير شرعي فقط بل لتشجيع الآخرين على الشراء أيضا، والجميع يعلم أين تذهب الأموال بعد ذلك!

أمّا روسيا فهي تقوم علنا بدعم الأسد وإرسال المزيد من القوات والأسلحة وحشد المزيد منها قرب اللاذقية، في حالة استعداد على ما يبدو للانقضاض على ما تبقى من المعارضة السورية حال استمرار الأزمة الحالية. ليس هذا فقط، بل أرسلت موسكو الأسبوع الماضي الدفعة الأولى من نظام الدفاع الصاروخي (أس-300) إلى إيران، وبموازاة ذلك بدا أنّ هناك تضخّما في سلوك موسكو الإقليمي والدولي نتيجة التراجع الأمريكي الطوعي، وخير مثال على هذا ما قالت وزارة الدفاع الأمريكية إنّه اعتراض مقاتلة روسية "بطريقة خطرة وغير مهنية" لطائرة استطلاع أمريكية، في أثناء قيام الأخيرة بطلعة «روتينية» في الأجواء الدولية فوق بحر البلطيق، علما أنّه الحادث الثاني في غضون أسبوع، بعد قيام مقاتلتين روسيتين بالتحليق على مسافة تسعة أمتار فقط فوق المدمرة الأمريكية «يو.أس.أس دونالد كوك» في ما يشبه «محاكاة هجوم»، وذلك في أثناء وجود المدمرة في بحر البلطيق في المياه الدولية على مسافة حوالي70 ميلا بحريا من كالينينغراد.

خلاصة القول، إنّ العالم تعب من ولايتي أوباما ومن الطبيعي أنّ الأخير قد خسر الحلفاء والأصدقاء كما أظهرت جولته على الخليج وعلى أوروبا، ولم يكسب في المقابل الأعداء أو الخصوم، ونخشى أن يحصل أسوأ مما هو حاصل  الآن خلال الأشهر القليلة المتبقية له في البيت الأبيض.