تبذل الحكومة
المصرية في الوقت الحالي قصارى جهدها لإقناع البرلمان بالموافقة على
الموازنة الجديدة، التي تتضمن مزيدا من الإجراءات المؤلمة التي يسدد
الفقراء والبسطاء فقط ثمنها.
وأقر البرلمان المصري بنود برنامج الحكومة، ولكن لم يقر بعض بنود الموازنة الجديدة حتى الآن.
وزير المالية المصري، عمرو الجارحي، قال عقب اجتماع مع صندوق النقد في واشنطن، إن تحقيق العدالة
الاقتصادية هدف رئيس تعمل الحكومة على تحقيقه بشكل واضح خلال الفترة القادمة، مشيرا إلى أنه لن يتم الانتظار لوصول ثمار النمو الاقتصادي إلى الفئات غير القادرة على الاستفادة المباشرة.
ولكن سيتم الوصول لهذه الفئات من خلال سياسات وبرامج محددة وآليات استهداف أكثر فاعلية، تشمل استمرار التحول لبرامج الدعم النقدي وتحسين آليات برنامج دعم الغذاء، بالإضافة إلى الاهتمام بتطوير الخدمات العامة الأساسية من خلال زيادة الاستثمارات بقطاع البنية الأساسية.
وأشار الوزير المصري وفقا لما نقلته صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، إلى ضرورة خفض معدلات عجز الموازنة والدين العام لتحقيق الاستقرار المالي، كما توقع وصول الشريحة الأولى من قرض البنك الدولي بمليار دولار، من إجمالي الـ3 مليارات دولار على مدار 3 سنوات، خلال شهرين.
شروط قرض البنك الدولي
ووقعت مصر اتفاقية القرض مع البنك الدولي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ونص الاتفاق على شروط واجب تنفيذها من قبل الحكومة المصرية، وبسبب تأخر التنفيذ تأخر تسلم القرض.
وينص الاتفاق على خفض فاتورة أجور موظفي الحكومة إلى 7.5 في المائة من الناتج المحلي، وزيادة مساهمة ضريبة الشركات والمبيعات إلى 6.7 في المائة من الناتج المحلي بحلول عام 2018، وخفض فاتورة دعم الطاقة من 6.6 في المائة إلى 3.3 في المائة من الناتج المحلي في 2016، وتقليص الحصة السوقية لشركات الطاقة الحكومية من 92 في المائة إلى 85 في المائة.
يضاف إلى ذلك، زيادة متوسط تعريفة الكهرباء على جميع فئات المستهلكين إلى 45 قرشا للكيلووات، وتفعيل قانون الكهرباء والطاقة يكون قائما على قواعد السوق بحلول عام 2018، وخطة لتحويل عجز الطاقة الكهربائية إلى فائض قدره 1000 ميغا واط خلال 3 سنوات، وزيادة مشاركة القطاع الخاصة في مشروعات الطاقة المتجددة لترتفع حصتهم إلى 1500 ميغا واط نهاية 2018، وزيادة عدد منافذ الشباك الواحد إلى أربعة خلال فترة البرنامج، وتندرج معظم هذه الشروط تحت مسمى "الإجراءات المؤلمة".
أرقام مفزعة
ويقول وزير المالية إن عجز الموازنة في العام المالي الُمقبل سيكون 319 مليار
جنيه بنسبة 9.8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل عجز متوقع بنسبة 11.5 في المائة من الناتج خلال العام الجاري، متوقعا زيادة الإيرادات بنحو 20.5 في المائة، مقارنة بزيادة أقل (12.9 في المائة) في المصروفات.
والسعر الرسمي للجنيه مقابل الدولار هو 8.83، إلا أن سعره في السوق الموازية تخطى حاجز الـ11 جنيها خلال الأيام الأخيرة، ووصل عصر الأربعاء إلى 11.30 جنيه.
ويبلغ حجم الإيرادات نحو 631 مليار جنيه من بينها 433.3 مليار جنيه إيرادات ضريبية، ومن المتوقع أن تقوم الحكومة بتطبيق ضريبة القيمة المضافة خلال العام المالي الجاري، ما سيتسبب في زيادة محدودة في معدل التضخم وفقا لتقديرات الحكومة.
التضخم والأجور
ويدور معدل التضخم السنوي في مصر حول نسبة 10 في المائة منذ سنوات. وستبلغ إجمالي المصروفات العامة نحو 936 مليار جنيه، ومن بينها نحو 228 مليار جنيه لمصروفات الأجور، و201 مليار جنيه للدعم والمنح والمزايا الاجتماعية، ونحو 292.5 مليار جنيه مصروفات فوائد الدين الحكومي.
وبهذا يكون معدل ارتفاع الأجور 4.6 في المائة، وهو أقل من نصف معدل ارتفاع الأسعار في السوق المحلية، أي أن الأجور الحقيقية للمواطنين ستنخفض.
عجز الموازنة
وحول الملفات الأساسية التي ستركز السياسة المالية للحكومة علي إصلاحها خلال الفترة المقبلة أكد أحمد كجوك نائب وزير المالية للسياسات المالية، أهمية العمل على خفض عجز الموازنة من خلال زيادة موارد الدولة، وهو ما يتطلب زيادة حجم ومعدلات نمو النشاط الاقتصادي، ورفع كفاءة الإدارة الضريبية بما يعمل على زيادة الحصيلة الضريبية بشكل كبير وزيادة درجة ارتباطها بالنشاط الاقتصادي ورفع درجة الالتزام وضبط المجتمع الضريبي، مع التأكيد على ضرورة تحسين جودة الخدمات المقدمة للممولين وإعادة بناء شراكة حقيقية بين مصلحة الضرائب والجمارك من جهة والممولين ومجتمع الأعمال من جهة أخرى.
وسيتم العمل على تنمية الإيرادات غير الضريبية، من خلال تعظيم إيرادات وأرباح هيئات ومؤسسات الدولة ووضع آليات لضمان تحويل فوائض تلك الجهات إلى الخزانة العامة بشكل دوري.
وتعاني أهم الهيئات الاقتصادية المصرية في الفترة الحالية، هيئة قناة السويس، من انخفاض حركة التجارة العالمية، وتتأثر إيرادات الهيئة العامة للبترول بانخفاض أسعار النفط.
تجنيب الفقراء
وتسعى الحكومة لتجنيب فقراء مصر، والذي تزيد نسبتهم على ربع السكان وفقا للبيانات الحكومية، حيث أشار كجوك إلى وجود برامج محددة للحماية الاجتماعية سوف تتم متابعتها بشكل دوري لتحقيق أكبر استفادة منها، وتشمل منظومة دعم السلع الغذائية التي يبلغ عدد المستفيدين منها نحو 73 مليون مواطن في منظومة دعم السلع التموينية، و83 مليونا في منظومة دعم الخبز ودقيق المستودعات، أي أكثر من 92 في المائة من إجمالي المواطنين.
يضاف إلى ذلك دعم المحاصيل الإستراتيجية بنحو 4.7 مليار جنيه في مشروع موازنة العام القادم، وكذلك تمويل نظم معاشات الضمان الاجتماعي وبرامج تكافل وكرامة للدعم النقدي بنحو 11.2 مليار جنيه، ومشروعات إسكان محدودي الدخل، وتطوير العشوائيات، والتغذية المدرسية، وتحسين خدمات المواصلات العامة وباقي خدمات البنية الأساسية.