نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا حول تحقيق السلطات
المصرية مع صحافي مصري يعمل مع وكالة أنباء "
رويترز"؛ بسبب نشرها تقريرا الأسبوع الماضي، يقول إن جوليو
ريجيني، الذي عذب وقتل في القاهرة، اعتقلته الشرطة المصرية ليلة اختفائه.
ويشير التقرير إلى أن منظمات الدفاع عن حرية
الصحافة انتقدت احتجاز السلطات المصرية لصحافي يعمل مع "رويترز" والتحقيق معه، بعد نشر التقرير الذي أنكرت مصر صحته بشدة، لافتا إلى أن الرئيس المصري عبد الفتاح
السيسي قد قال إن "الكذب والادعاءات" في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي حول وفاة ريجيني يضعان البلاد في خطر.
وتورد الصحيفة أن وكالة "رويترز" ذكرت في تقرير الخميس الماضي أن ستة من رجال الشرطة والمخابرات قالوا إن طالب الدكتوراة الإيطالي "تم اعتقاله من الشرطة، وتحويله إلى مركز تابع للأمن الوطني في اليوم الذي اختفى فيه".
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن ريجيني قد اختفى في 25 كانون الثاني/ يناير، وتم اكتشاف جثته، التي كانت تحمل آثار التعذيب في 4 شباط/ فبراير، على شارع صحراوي يصل إلى القاهرة، حيث رفضت الحكومة المصرية بشدة الادعاءات باحتمال أن تكون قوات الأمن على علاقة بمقتله.
وتذكر الصحيفة أن هناك تقارير ظهرت يوم الجمعة الماضي، تفيد بأن رئيس محطة شرطة الأزبكية، الذي ذكر تقرير "رويترز" أن ريجيني احتجز مبدئيا فيه، قام برفع قضية ضد "رويترز"، وسمى فيها مدير مكتب القاهرة مايكل جورجي، يتهم فيها "رويترز" بنشر "أخبار كاذبة تهدف إلى الإخلال بالنظام العام"، و"نشر الشائعات للمساس بسمعة مصر".
وينقل التقرير عن وزارة الداخلية المصرية، التي تدير الشرطة، قولها إن تقرير "رويترز" "لا أساس له"، حيث شجبت الوزارة تقرير وكالة الأنباء، واعتماده على مصادر مجهولة الهوية، للاستدلال على صدقية تقريرها، وتضيف أن الوزارة "تحتفظ بحقها في اتخاذ إجراءات قضائية ضد مثيري هذه الإشاعات والأخبار الكاذبة".
وتورد الصحيفة نقلا عن المدعي العام في مركز شرطة قصر النيل في القاهرة، حيث تم رفع القضية، أحمد حنفي، قوله: "لم يوجه الادعاء بعد تهمة ضد (رويترز)، ونقوم بجمع المعلومات حول القضية، بحسب الدعوى المرفوعة من الضابط في الأزبكية".
وأضاف حنفي أنه لم يتم استدعاء أحد من "رويترز" للتحقيق، حيث قد يواجه جورجي قضاء عام في السجن، وغرامة قد تصل إلى 20 ألف جنيه مصري "1600 جنيه إسترليني"، إذا وصلت القضية إلى المحكمة وتمت إدانته، بحسب التقرير.
وينقل التقرير عن نائب رئيس ثومسون "رويترز" ديفيد كرندويل، قوله: "نقف ما التقرير الذي نشرناه في 21 نيسان/ إبريل 2016، بخصوص اعتقال الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، حيث لم يذكر التقرير من هو المسؤول عن وفاته، وهو ما يتماشى مع التزام (رويترز) بدقة صحافتها واستقلالها"، وأضاف: "لا نستطيع تأكيد إن كانت هناك دعوى رفعت ضد (رويترز) بخصوص هذا التقرير، حيث لم يصلنا أي إشعار بأي إجراءات قانونية".
وتنوه الصحيفة إلى أن التحقيق في عمل "رويترز"، واحتمال أن تقرر وزارة الداخلية متابعة القضية في المحاكم، أقلقا المراقبين؛ لاستمرار التراجع في حرية الصحافة منذ عام 2013، مشيرة إلى أن ما يلقي بظلال ثقيلة على هذه القضية هو محاكمة ثلاثة من صحافيي "الجزيرة" من فترة قريبة، بتهمة نشر "أخبار كاذبة".
ويذهب التقرير إلى أن محاكمة الصحافيين الثلاثة عامي 2014 و 2015 من مصر وكندا وأستراليا تسببت بالصدمة للمراقبين، حيث تم العفو عن المتهمين باهر محمد ومحمد فهمي من السيسي لاحقا، وتم إبعاد بيتر غريستي من مصر، لافتا إلى أنه تم الحكم غيابيا على ثلاثة صحافيين آخرين، بينهم الصحافي البريطاني دومينيك كين، والصحافية البريطانية سو تيرتون.
وتنقل الصحيفة عن أتش اي هيللر من معهد "رويال يونايتد سيرفيسز"، الذي يتخذ من لندن مقرا له، قوله إن "احتمال أن تفكر الحكومة المصرية بالقيام بهجوم رفيع المستوى على صحافة أجنبية هو أمر مقلق، وستكون الحكومة أحرص من أن تجلب لنفسها مثل هذا الصداع"، مستدركا بأن "هذا لا يعني أنهم لن يجدوا طرقا أخرى لجعل عمل (رويترز) صعبا"
ويضيف هيللر أن أحد الخيارات هي رفع قضية على "رويترز"، وهي شركة مقرها لندن، وتملكها الشركة الكندية "ثومسون رويترز"، ومدير مكتبها في مصر جورجي هو مواطن أمريكي، ولذلك استبعد هذا قائلا إن ذلك سيؤثر سلبا في العلاقة مع ثلاث دول تحرص مصر على علاقات طيبة معها، بحسب الصحيفة.
ويذكر التقرير أن وزارة الخارجية البريطانية رفضت التعليق على احتمال رفع قضية على "رويترز"، مستدركا بأن متحدثين باسم الوزارة قالوا: "تقلقنا التقارير التي تفيد بأن ريجيني تعرض للتعذيب، وقد قمنا بإثارة قضيته مع السلطات المصرية في كل من لندن والقاهرة، وأكدنا الحاجة إلى إجراء تحقيق كامل وشفاف، ولا نزال على اتصال مع السلطات الإيطالية والمصرية".
وتورد الصحيفة نقلا عن شريف منصور من لجنة حماية الصحافيين، قوله: "هذه التقارير والتهديدات مقلقة، خاصة أنها تأتي في ظل تزايد في التضييق على الصحافة المستقلة، وعلى السلطات المصرية إلغاء القوانين الواسعة، التي تسمح بالمقاضاة الجنائية لنشر ما يسمى بالأخبار الكاذبة".
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أنه في دراسة حديثة قامت بها اللجنة، حول حرية الصحافة في أنحاء العالم، كانت مصر ثاني دولة من حيث عدد المعتقلين الصحافيين، حيث يقبع 23 صحافيا في سجونها.