منعت قوات
الشرطة المصرية تنظيم وقفة أمام
نقابة الصحفيين من قبل عمال محتجين أعلنوا، سابقا، عن تنظيمها بمناسبة يوم العمال العالمي، لكن حصار قوات الأمن للنقابة، وإغلاق كل الشوارع المؤدية إليها، حال بينهم وبين تنظيم الوقفة وبين الصحفيين والوصول إلى نقابتهم.
وأغلقت قوات الأمن جميع مداخل ومخارج محيط نقابة الصحفيين بالحواجز الحديدية والجنود تحسبا لتنظيم الوقفة، ووضعت العديد من الحواجز الحديدية أمام شارع عبد الخالق ثروت ومنعت مرور السيارات فيه، كما تمركز عدد من مدرعات الأمن المركزي وقوات مكافحة الشغب قرب النقابة، ووضع ضباط الإدارة العامة لمرور القاهرة حواجز حديدية أمام بوابتها.
في المقابل، سمحت قوات الأمن في الإسكندرية لعدد محدود من أنصار رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي ممن قيل إنهم "أهالي الإسكندرية"، الأحد، بالاحتفال بيوم العمال أمام مسجد القائد إبراهيم.
ورفع المتظاهرون لافتات كتبوا عليها عبارات التهنئة، كما رفعوا صورة للسيسي يتوسطها البابا تواضروس الثاني، والشيخ أحمد الطيب، ووزير الداخلية، والفريق صدقي صبحي، ورددوا هتافات: "تحيا مصر".
مطالب العمال في يومهم العالمي
وكانت "تنسيقية تضامن"، العمالية المستقلة، دعت للوقفة الجمعة، تحت شعار "يوم حداد العمال المصريين"، أمام نقابة الصحفيين على أن يعقبها مؤتمر حاشد بالنقابة تحت شعار "معا للحريات النقابية".
وقالت إن الوقفة تأتي احتجاجا على أوضاع العمال هذا العام، وتنديدا بالهجوم المستمر لتحالف الحكومة وأصحاب الأعمال عليهم، واعتراضا على تدهور أوضاع العمال، وللمطالبة بحد أدنى للأجور، وقانون للعمل، وتنظيمات نقابية تحقق الأمان الوظيفي.
وأضافت التنسيقية في بيان أصدرته: "إن العمال لن يقبلوا بأجور زهيدة لا تسمن ولا تغني من جوع، وسيدافعون عن حقهم في أجور عادلة تضمن معيشة لائقة، مؤكدين أنهم لن يتوقفوا عن المطالبة بالحد الأدنى للأجور، وإنه لابد من احترام وجود حد أقصى للأجور لا يتجاوز لأي سبب 30 ضعف الحد الأدنى".
وتابعت "لن نقبل بشركات توظيف العمالة التي لا تضمن لنا حقوقنا في التثبيت أو الأجور العادلة أو المعاملة المتساوية مثل زملائنا، ولن نقبل بتخسير وإغلاق وبيع المصانع.. لابد من تنفيذ أحكام القضاء بإعادة فتح المصانع التي أغلقها الفاسدون".
وأضافت "لن نقبل بأن يظل سيف الفصل التعسفي مسلطا على رقابنا، ولن نقبل بالمزيد من التدهور في التأمين الصحي، وبيع مستشفياته، وتشريد العاملين فيه، كما تم بيع المصانع وتشريد العمال من قبل.. نحن نستحق تأمينا اجتماعيا صحيا شاملا، يضمن لنا جميعا العلاج من جميع الأمراض باشتراكاتنا التي ندفعها ودفعناها بدون زيادات".
واستطردت التنسيقية "لن نقبل بأن يكون أكثر من نصف عمال مصر من العمالة غير المنتظمة بدون أمان وظيفي، وبدون رعاية صحية، وبدون رعاية اجتماعية، وبدون نقابات".
وقال البيان "لابد من ضمان حقوق العمال بإصدار قانون العمل الموحد، وقانون الحريات النقابية، اللذين أعدهما العمال، ولن نقبل باستمرار هذه المعاشات الهزيلة، ولابد من زيادتها على ألا تقل عن الحد الأدنى للأجور، ولابد من رد الأموال التي استولت عليها الدولة كاملة، وهي تتجاوز 6 مليارات جنيه غير الفوائد.. هذه حقوق كبار السن في بلادنا، وثمار اشتراكاتهم".
منع الوقفة
وبالرغم من أن التنسيقية أخطرت أجهزة الأمن بموعد الوقفة، إلا أن الأخيرة احتجت بأنه لا يجوز إرسال الإخطار قبل موعد الوقفة بأقل من 12 ساعة.
وفي منشور لها عبر صفحتها الرسمية بموقع "فيسبوك"، قالت التنسيقية، الأحد، إن "قوات الشرطة المتواجدة أمام شارع عبد الخارق ثروت ألقت القبض على أحد عمال النقل العام بحجة أنه يرتدي ملابس مموهة".
وتم إطلاق سراح العامل بعد 15 دقيقة، وفق تصريحات مسؤول لجنة التدريب بالاتحاد المصري للنقابات المستقلة، رفعت حسين، الذي أضاف أن قوات الأمن منعته هو وزملاؤه من الوصول للنقابة، وأنه أبلغ أحد اللواءات المشرفين على التأمين بأن وقفتهم قانونية، فرد عليه: "ما فيش قانون.. وما فيش وقفات".
واندلعت مشادات كلامية بين عدد من العمال وقوات الأمن بعد منعهم من دخول نقابة الصحفيين، وعدم السماح لهم بالعبور من الجانب الآخر من شارع رمسيس إلى جهة النقابة، حيث أغلقت قوات الأمن رأس شارع عبد الخالق ثروت، ومنعت حركة مرور السيارات وعبور المشاة فيه.
ومن جهتها، أوضحت عضوة الاتحاد نهى مرشد، أن "الأمن أبلغهم بأنهم إذا استمروا في الوقوف سيتم استخدام القوة في تفريقهم"، مشيرة إلى أن الأمن يتعنت ضد وجود أي وقفة للعمال، ورفض المؤتمر الذي كان مقررا عقده، بالإضافة إلى "وجود تعليمات للأمن بعدم السماح لنا بتنظيم أي فاعلية".
وقال محب عبود، أحد منسقي وقفة العمال، إن وزارة الداخلية أغلقت الشوارع أمامهم لمنعهم من التظاهر أمام النقابة، الأمر الذي أثار انفعال إحدى العاملات التي كانت ترغب بالمشاركة في المظاهرة لكنها مُنعت من المرور إلى النقابة أصلا.
متضامنون مع الوقفة
ولقيت وقفة العمال، التي لم تتم، تعاطف العديد من القطاعات الشعبية، والتيارات السياسية.
وأصدر عدد كبير من الشخصيات العامة والنشطاء السياسيين والقوى الثورية بيانا قالوا فيه إنهم يؤكدون تضامنهم الكامل مع عمال مصر في مواجهة السياسات التي يتبناها النظام الحاكم، والتي تستهدف أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، والتي تدفع العمال إلى المزيد من الفقر والبطالة والتهميش.
وشددوا على دعمهم لأي تحرك عمالي يطالب بالعدل الاجتماعي، والحرية النقابية، وحملوا السلطات المصرية المسؤولية الكاملة في حال التعرض لوقفة العمال أو المساس بقياداتهم، باعتبار أن التظاهر والاعتصام والإضراب من أسلحة الطبقة العاملة المصرية التي انتزعوها بنضالهم العالمي الطويل، ومنصوص عليها في المواثيق القانونية والدستورية كافة.
رسالة من ممدوح حمزة للعمال
ووجه الناشط السياسي، ممدوح حمزة، رسالة لعمال مصر في عيدهم قائلا: "غير قادر أن أهنئكم، وأنا أعلم حالتكم، وأتمنى السنة القادمة أن يكون هناك ما نهنئكم عليه".
وأضاف "لعمال مصر الكادحين: أخرجوكم معاش مبكر.. باعوا مصانعكم.. فتحوا الاستيراد والتهريب فأغلقت مصانعكم.. فشلوا في الإدارة، وحملوكم المسؤولية".
وتابع حمزة "4000 مصنع وورشة مغلقين وعمالهم مشردين في حين أن نصف ميزانية مجاري مدينة جبل الجلالة الترفيهية بتاعت الأكابر كانت تشغل معظم المصانع المغلقة".
واستطرد "إجمالي أجور العمالة في مصر في أي مؤسسة لا تتعدي 5 من دخلها، والنسبة العالمية لا تقل عن 15، بمعنى أن العامل المصري المجتهد مسروق".
واختتم حمزة رسالته بالقول: "لم نر مشروعا واحدا تبنيه أو ترعاه الدولة يوفر فرص عمل مستديمة.. أين سيعمل عمال مصر؟ أين المصانع؟ والورش؟".
سيف الدولة: الاحتفالات ممنوعة للشعب حلال للجيش والشرطة
واستنكر الباحث القومي العربي، محمد سيف الدولة، منع الوقفة، وقال في تدوينة بحسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، الأحد، "الاحتفالات ممنوعة لعموم الشعب المصري، ومباحة فقط للجيش والشرطة، حصار نقابة الصحفيين، وإغلاق شوارعها، لمنع الوقفة والاحتفال بعيد العمال".
يذكر أن الاحتفال بذكرى يوم العمال في أول أيار/ مايو من كل عام ارتبط بقيام رئيس الجمهورية بإلقاء خطاب للشعب يتضمن علاوات مالية، لكن السيسي لم يمنح العمال في عامي 2015 و2016 أي منحة أو علاوة.
واكتفى بالقول في خطابه بمناسبة يوم العمال الخميس الماضي إنه سيدعم صندوق الطوارئ المخصص للعاملين بمائة مليون جنيه من صندوق "تحيا مصر"، برغم أن اتحاد العمال نفسه دعم هذا الصندوق بأكثر من 500 مليون جنيه، وفق مصادر عمالية لـ"
عربي21".