يكمن منجم ذهب يمتد على مسافة أكثر من 300 في مدينة واحدة فقط، فهناك تحت رصيف أحد الشوارع مجمع يضم ثماني
خزائن ذهب، تضم كل منها سبائك تصل قيمتها لما يقرب من 141 مليار جنيه استرلييني (200 مليار دولار).
وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، فإن هذا المجمع تابع للبنك المركزي البريطاني،
ويقع تحت شوارع العاصمة البريطانية لندن، في حي المال بقلب المدينة، فهناك تحت رصيف شارع ثريدنيدل الشهير، مجمع
الذهب الذي يضم الخزائن الثماني.
ولفتت إلى أن السبائك تصطف على أرفف زرقاء مرقمة، وتزن كل سبيكة منها 400 أونصة بالضبط (حوالي 12 كيلوغراما)، وتبلغ قيمتها حاليا نحو 350 ألف جنيه استرليني (حوالي 500 ألف دولار)، أي أكثر من متوسط سعر منزل في المملكة المتحدة.
وكل سبيكة من هذه السبائك مختلفة بشكل طفيف عن الأخرى، بناء على المكان الذي تم استخلاصها وتنقيتها فيه، فبعض السبائك حوافها منسابة لتسهيل حملها، بينما يبدو البعض الآخر مشابها لرغيف من الخبز الإفرنجي.
وأشار تقرير "بي بي سي" إلى أن نحو خمس الذهب الذي تملكه حكومات العالم موجود في لندن، إذ تضم العاصمة البريطانية وما حولها ما مجموعه 6.256 طنا من الذهب، بقيمة إجمالية تصل إلى 172 مليار جنيه استرليني (248 مليار دولار).
وأوضحت أن خزائن
البنك المركزي البريطاني (بانك أوف إنغلاند)، تضم وحدها 5.134 طنا، بما في ذلك الاحتياطي الرسمي لوزارة المالية البريطانية، والغالبية العظمى من الذهب الذي يتم التعامل به في لندن.
وقالت إن كمية الذهب الأخرى، مملوكة لثلاثين دولة أخرى في العالم، ومحفوظة أيضا في هذه الخزائن، إلى جانب ممتلكات حوالي 25 مصرفا.
وبحسب التقرير، فإن الكثير من الذهب يحفظ في العاصمة البريطانية لإبقائه قريبا من أسواقه، وهو ما يعكس أيضا الأمان الذي تتمتع به خزائن لندن.
وذكر التقرير أن خزائن البنك المركزي البريطاني شيدت في ثلاثينيات القرن الماضي. وفي أثناء الحرب العالمية الثانية، عندما نقلت السبائك البريطانية سرا إلى كندا، لمواصلة المجهود الحربي في حالة اجتياح
بريطانيا، واستخدمت إحدى هذه الخزائن مقصفا لموظفي البنك المركزي البريطاني، وما زال هناك إعلانات قديمة لسفينة السفر "بي أند أو" لتشجيع موظفي البنك بقضاء عطلة ملصقة على الجدران. وفي وقت لاحق في الأربعينيات، استخدمت الخزانة ملجأ من القنابل، لكن منذ 1945، أصبحت الخزانة تستخدم بشكل رئيسي لتخزين الذهب.
وتستخدم لهذه الخزائن مفاتيح عدة، يبلغ طول الواحد منها ثلاثة أقدام للدخول إلى تلك الخزنات. ويقول عاملون، إن استخدام الأساليب الإلكترونية في الدخول سيكون أكثر عرضة للانتهاك والاختراق.
تحديد سعر الذهب
وأورد التقرير البريطاني، أنه علاوة على أن أماكن الخزانات محاطة بالسرية، فإن سوق الذهب نفسه يتميز بالسرية، وله طقوس وتقاليد معينة، خصوصا فيما يتعلق بنظام تحديد السعر.
وأوضح أنه تعقد اجتماعات تحديد سعر الذهب، التي يدعى إليها 12 مشاركا من بريطانيا وكندا والولايات المتحدة والصين وفرنسا، مرتين في اليوم. وعندما يتطابق السعر مع العرض والطلب، يتم تثبيت السعر.
حتى عام 2015، كان ذلك يحدث بالكلام المباشر، وخلال الفترة بين عامي 1919 و2004 كانت اجتماعات تثبيت السعر تتم بالحضور الشخصي في مدينة لندن.
وإذا رغب أحد المشاركين في التوقف لبرهة لكي يغير ما بين الشراء والبيع على سبيل المثال، كان يلوح بعلم بريطاني صغير.
وفي 2004، انتقلت اجتماعات تثبيت السعر إلى نظام المكالمة الهاتفية الجماعية (كونفرنس كول). ولم يتغير هذا النظام إلا العام الماضي، ليتخذ شكل منصة مزاد إلكتروني حديثة، تديرها البورصة الدولية، التي تملك أيضا بورصة نيويورك.
خلال أوقات الرخاء الاقتصادي، يقل الطلب على الذهب. لكن عندما يكون الوضع الاقتصادي صعبا، ترتفع قيمة الذهب رصيدا في أوقات الأزمات، ليس الذهب بالطبع بقوة المال المتوفر في اليد، ولكنه وسيلة حمائية من مخاطر أسواق المال.
يشار إلى أن حكومات العالم والبنوك والمستثمرين يحتفظون بنسبة 32 في المئة من الذهب في خزائن مغلقة. بينما يستخدم 12 في المئة منه في الصناعة مثل صناعة الدوائر الإلكترونية، ويستخدم أكثر من نصف الذهب في العالم مجوهرات.
وختم التقرير بالقول إنه في ظل التقلب الذي تشهده أسعار العملات الرئيسية وأسواق الأسهم، لن يكون غريبا أن يعود الذهب إلى وضعه الجيد، والدليل على ذلك افتتاح أول معرض للذهب في لندن في كانون الثاني/ يناير.