سياسة عربية

جدل بتونس بسبب قانون للمساواة بالميراث بين المرأة والرجل

اعتبر مفتي تونس دعوة بن غربية للمساواة في الميراث تحريفا للقرآن
أعلن النائب التونسي المُستقل، مهدي بن غربية، الإثنين، أنه تم إيداع مشروع قانون المساواة في الميراث بين الإناث والذكور؛ لدى مكتب الضبط في مجلس نواب الشعب التونسي.

وأوضح بن غربية خلال مؤتمر صحفي في تونس العاصمة، أن المشروع الذي وقعه 27 نائبا ينتمون لعدد من الكتل النيابية، ليس بينها حركة النهضة، أودع لدى مكتب المجلس يوم 4 أيار/ مايو.

وحملت المبادرة اسم "مقترح قانون أساسي  متعلق بتحديد نظام المنابات في الميراث". ويقترح المشروع، الذي اطلعت عليه "عربي21"، أن تُقسم التركة بالتساوي بين المرأة والرجل عند التساوي في الوضعيات، في حالة غياب أي اتفاق صريح ومكتوب مُخالف بين الورثة.

وفي حال تمت المُصادقة على مشروع القانون، سيحتاج مجلس نواب الشعب أن يعدل من النصوص القانونية التي يُعتمد عليها الآن، وخاصة مجلة الأحوال الشخصية، حتى تتلاءم مع هذه المُقاربة الجديدة المتعلقة بتقسيم الإرث بين الورثة.

تفرقة المجتمع 


وفي تعليقه على مبادرة بن غربية، اتهم الأمين العام لحزب "آفاق تونس" (ليبرالي)، فوزي عبد الرحمن، في تصريح لإذاعة "جوهرة إف إم"، النائب مهدي بن غربية بالعمل على تفرقة المجتمع وإثارة الانقسام بسبب هذا المشروع.

ورأى عبد الرحمن أن طرح القضية في هذه الفترة بالذات هدفها التغطية على المشكلات الحقيقية داخل المجتمع التونسي، وقال إن هذه الدعوة "حق أريد بها باطل"، بحسب تعبيره.

وطالب بن غربية بالاهتمام بطرح مبادرات تشريعية عاجلة تهم المواطن في حياته اليومية، "عوض إثارة مواضيع تُهدد الانسجام المُجتمعي"، وفق قول الأمين العام لحزب "آفاق تونس".

مُبادرة للنقاش بهدوء

من جهته، قال سامي الطريقي، عضو مجلس شورى حركة النهضة، في تصريح لـ"عربي21"، إنه من حق بن غربية أن يُقدم مبادرة تشريعية، وأن هذا الحق كفله له الدستور والقانون المُنظم لعمل مجلس نواب الشعب.

وأضاف: "يجب أن نتعود كتونسيين أن نحترم مُختلف الآراء، وعلى النخبة السياسية في تونس أن تُدير التنوع داخلها وأن تتناقش في كنف الهدوء وبدون مُصادرة لأي رأي".

وحول رأي حركة النهضة من هذه المُبادرة، قال الطريقي إن مُؤسسات الحزب ستدرس هذا المُقترح وستُفصح عن رأيها خلال الأيام القادمة.

لا مجال لتغيير القرآن أو تحريفه


وفي رده حول مبادرة المُساواة في الإرث، قال مفتي البلاد التونسية عثمان بطيخ، في تصريح لإذاعة موزاييك المحلية، إن طرح هذا الموضوع "ليس مُناسبا اليوم أو غدا"، وفق تعبيره.

وشدد بالطيخ على أنه "لا مجال لتغيير القرآن أو تحريفه"، مشيرا إلى أن "الآية القرآنية في هذا الصدد بينة وصريحة ولا تحتمل التأويل أو الاجتهاد".

ودعا بطيخ  النواب إلى إيجاد حلول للمشكلات الجوهرية بالبلاد بعيدا عن إثارة إشكاليات هامشية "نحن في غنى عنها"، بحسب قوله. 

جدل قديم جديد


ويعود جدل المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث لزمني حكم زين العابدين بن علي والحبيب بورقيبة، فبعد أن فشل بورقيبة طيلة فترة حكمه في أن يستصدر فتوى تُؤصل شرعيا لهذه المُساواة التي كان يُنادي بها، كان ذات الملف أحد نقاط الخلاف بين بن علي وجمعية النساء الديمقراطيات (جمعية نسوية ترفع شعار المُساواة الكاملة) لسنوات طويلة.

وكان آخر وزير شؤون دينية في حكومة بن علي، بو بكر الخزوري،  قد أعلن سنة 2009، في كلمة أمام البرلمان التونسي، أن السلطات التونسية ترفض إقرار مبدأ المساواة بين الجنسين في الميراث؛ لأن في ذلك "تصادما مع النص القرآني" الذي ينص على أن ترث المرأة نصف ما يرثه الرجل.

يُذكر أن مسألة الميراث في تونس تُنظمها مجلة الأحوال الشخصية التي صدرت سنة 1956، وقد سبق لجمعيات نسوية أن طالبت بالمُساواة في الميراث باعتباره أحد أوجه تطبيق فصول الدستور التونسي الذي أقر المُساواة بين المرأة والرجل.