في أشبه ما يكون بالانقلاب داخل البيت الواحد، استطاعت الأجهزة الأمنية في
مصر تحويل دفة معركة
الصحفيين مع وزارة الداخلية، إلى معركة بين الصحفيين أنفسهم، في أعقاب دعوة لمؤسسة
الأهرام لاجتماع من أجل الانقلاب على النقابة.
وكشفت مصادر مطلعة لـ"
عربي21"، أن جهاز المخابرات قام بالترتيب مع عدد من الصحفيين البارزين الموالين للانقلاب، بالتحرك ضد قرارات الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين الأسبوع الماضي، ردا على اقتحام نقابتهم واعتقال الصحفيين عمرو بدر ومحمود السقا من داخلها.
أجهزة سيادية تغير الدفة
وبحسب المصدر، فقد أفضت التفاهمات مع المخابرات إلى دعوة مؤسسة الأهـرام الصحفية الحكومية؛ لاجتماع تحت عنوان "لقاء الأسرة الصحفية"، حضره إلى جانب هيئة تحرير الأهرام؛ عدد من صحفيي المؤسسات الصحفية المختلفة، وخمسة من أعضاء مجلس النقابة، وعدد من النواب الصحفيين، لإعلان انقلابهم من هناك.
وأوضحت المصادر أن جهاز المخابرات أجرى اتصالات بالقنوات الفضائية لنقل الاجتماع على الهواء مباشرة، بالرغم من اعتراض بعض مديري تلك القنوات، التزاما ببيان غرفة صناعة الإعلام التي تضامنت مع قرارات الصحفيين في اجتماعهم الأول بنقابة الصحفيين.
السيسي وأذرعه الإعلامية
في هذا السياق، قال الباحث في المرصد العربي لحرية الإعلام، أحمد أبو زيد، لـ"
عربي21"، إن "السيسي يستخدم أذرعه الإعلامية المناهضة لحرية الصحافة في حشد مضاد لإجهاض قرارات الصحفيين".
وأكد أبو زيد أن "اجتماع ما يسمى بالأسرة الصحفية بالأهرام أثبت فشل الحشد الذي لم يحضره سوى 150 صحفيا، من المؤسسات الصحفية الرسمية الخارجين على إجماع الصحفيين نقابتهم بالإضافة إلى خمسة من أعضاء مجلس النقابة لإظهار مشهد مغاير لحقيقة إجماع الصحفيين".
وأضاف: "في الحقيقة أن محاولات الوقيعة بين الجماعة الصحفية، وصرف الغضب عن مساره الطبيعي إلى معركة داخلية، هي محاولات رخيصة سيفشلها إصرار الجماعة الصحفية على مواقف جمعيتها العمومية"، وفق قوله.
لعبة قديمة
بدوره، وصف المحلل السياسي والصحفي، أحمد عبد العزيز، اجتماع الأهرام بأنه "اجتماع أمني بامتياز، لمحاولة شق الصف الصحفي، وهذه لعبة قديمة يلعبها النظام مع الأحزاب والنقابات، وخاصة نقابة الصحفيين".
وأضاف لـ"
عربي21": "تلك المحاولات وقعت في عهد (الرئيس الراحل أنور السادات) عندما ارتأى تحويل النقابة إلى ناد، وفشل في مسعاه، وحدثت في زمن (الرئيس المخلوع حسني مبارك) لعمل نقابة موازية، وحدثت مرة ثالثة بمحاولة ضم الإعلاميين للصحفيين لتمييع النقابة لصالح النظام".
وتعليقا على اتهام البعض داخل النقابة بأنهم غير صحفيين، "أكد أنه يجب التمييز بين أمرين، فهناك صحفيون أعضاء نقابة، وهناك أعضاء تحت التمرين، وهم صحفيون ولم يحصلوا بعد على العضوية، ومن حقهم التضامن مع نقابتهم التي يوشكون على الانضمام إليها".
لعبة مخابراتية
في المقابل، رأت الصحفية مروة أبو زيد؛ أن ما يجري "هو لعبة مخابراتية، من أجل تحويل الرأي العام عن قضية جزيرتي تيران وصنافير، وخلق أزمة مع الصحفيين، ربما بعلم بعضهم، وربما دون علم البعض الآخر، لكنهم استخدموا في هذا المخطط"، وفق تقديرها.
وتساءلت، في حديث لـ"
عربي21": "لماذا الآن يهب الصحفيون من أجل القبض على اثنين منهم في هذا التوقيت بالذات، في الوقت الذي يقبع عشرات الصحفيين داخل سجون الانقلاب ولم يتحرك أحد؟ ولطالما دعوناهم لتنظيم وقفات احتجاجية ولم يستجب إلا عدد قليل، وتعرضنا لهجوم من قبل بلطجية الداخلية على سلالم النقابة، ولم تحرك النقابة ساكنا، فلماذا الآن؟".
وأكدت أن "ما يحدث من تصعيد إعلامي وصحفي يأتي في سياق التمويه والتستر على التنازل عن الجزيرتين، بافتعال أزمة كبيرة للرأي العام تلهيه عن أزمته الأولى، ولقد نجح النظام في لعبته حتى الآن".
جماعة تخريب المسار
بدوره، ذهب منسق حركة "قوميون وناصريون ضد المؤامرة"، سيد أمين، إلى أن اجتماع الأهرام "محاولة لتصديع البيت الصحفي من داخله، بدلا من هدمه من الخارج، وإثارة الغضب على النظام، ومحاولة أخرى لإلهاء المجتمع عن قضية تيران وصنافير"، وفق قوله.
وقال لـ"
عربي21": "موقف نقابة الصحفيين متماسك، وعبر (الصحفيون) عنه من خلال جمعيتهم العمومية الأخيرة، وما حدث هو محاولة بالزج بجماعة تخريب المسار لإفشال قرارات الجمعية، وشق الصف، ولكن المؤشرات العامة تؤكد أن تلك المحاولات فشلت".
ورأى أن "الدعوات المتزايدة لعقد الجمعية العمومية الثلاثاء المقبل؛ ستشهد حضورا وزخما كبيرا من أجل التأكيد على مطالبهم (الصحفيين)، وتأييدهم لموقف مجلس النقابة من قضيتهم"، مضيفا: "قضية تيران وصنافير كانت وما زالت في القلب من احتجاجاتهم التي تؤرق النظام".