حذرت أحزاب المعارضة بالجزائر من أن تكون قضية "مجمع
الخبر" الإعلامي بداية لشرارة اجتماعية وسياسية، في بلد لم يعد يستوعب مزيدا من الضغط.
واتخذت القضية أبعادا سياسية خطيرة موسومة بتجاذبات بين السلطة ممثلة في أحزابها وبعض الوزراء وبين
أسعد ربراب،
رجل الأعمال المعارض الذي صار يمتلك 95 بالمائة من أسهم مجمع "الخبر" الإعلامي الكبير، والذي يواجه متاعب قضائية إثر دعوى قضائية رفعها وزير الاتصال ضد صفقة تحويل الأسهم.
وقال ربراب في تصريح لقناة "بو تيفي"
الجزائرية، الثلاثاء، "إنهم يخشون أن آخذ الحكم منهم، بشرائي مجمع الخبر الكبير"، وتابع "لا يمكن لهذا الصرح الإعلامي أن يندثر لذلك قررت امتلاك أغلب أسهمه بالاتفاق مع مالكيه السابقين".
وشن صحفيو وموظفو مجمع الخبر، المتألف من الصحيفة الأكثر انتشارا بالجزائر وقناة "كاي بي سي" وشركات توزيع ومطابع، وقفتين احتجاجيتين أمام محكمة بئر مراد رايس بالعاصمة الجزائر، بالتوازي مع المحاكمة، وقد أجل القاضي محمد دحمان، الموكلة إليه القضية، النطق بالحكم إلى الأربعاء 25 من شهر أيار/ مايو الجاري.
وقالت صحيفة "لوموند" الفرنسية، في تقرير الجمعة، ترجمته صحيفة "
عربي21"، إن "جريدة الخبر" تدفع ثمن موقف رجل الأعمال أسعد ربراب من العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة. لكن القضية تحولت من تجارية إلى سياسية ذات علاقة وطيدة بحرية التعبير.
وأوضحت صحيفة "لوموند" أن "الخط الافتتاحي لجريدة الخبر أوجدها في وضع محرج بين دفاعها عن حرية التعبير والرهانات السياسية والاقتصادية"، وربطت الصحيفة الفرنسية بين "الخبر" كأكبر وسيلة إعلامية بالجزائر وبين مالكها الجديد أسعد ربراب، الذي قالت عنه إنه كان له موقف متميز من انتخابات العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة عام 2014.
وتطرقت الصحيفة إلى ما أسمته "سياسة الكيل بمكيالين" في تعامل السلطة مع رجال الأعمال الذين يمتلكون وسائل إعلام، وقالت "لماذا المحسوبين على السلطة يمتلكون أكثر من صحيفة وقناة، بينما معارضيها لا يسمح لهم بذلك؟".
وقصدت الصحيفة، المبرر الذي استندت إليه الحكومة في إبطال صفقة تحويل أسهم مجمع الخبر إلى رجل الأعمال أسعد ربراب، الذي يعود إلى البند 25 من قانون الإعلام والذي ينص على أنه لا يجوز لشخص معنوي أن يمتلك أكثر من صحيفة أو قناة.
لكن كل هذه القضايا القانونية والتقنية تجاوزتها الأحداث بالجزائر بتحول القضية من تجارية إلى سياسية دخلت حسابات السلطة، بينما يرى المراقبون أن النظام يريد تحييد مجمع الخبر عن المشهد الإعلامي قبيل الانتخابات الرئاسية 2019.
واعتبرت "لوموند" أن صحيفة "الخبر"، التي تأسست عام 1990 مباشرة بعد إقرار التعددية السياسية والإعلامية، تعتمد على نفسها في كل شيء "عكس أغلبية العناوين الصحفية في الجزائر التي تعتمد كليا على موارد الدولة"، ونقلت الصحيفة الفرنسية تصريحات الحقوقي علي يحي عبد النور الذي وصف في تصريحه بصحيفة "ليبرتي"، أن ما يحدث للخبر من قبل وزارة الاتصال بـ"خطأ السياسي".
ودعت زعيمة حزب العمال، لويزة حنون، بتجمع شعبي، الجمعة، بمحافظة سيدي بلعباس، غرب الجزائر، "كل القوى الحية في البلاد إلى التعبئة الشعبية الشاملة وتشكيل درع واق دفاعا عن الخبر". مشيرة إلى أن الحملة الوطنية للدفاع عن رمز "الصدق والمصداقية" تدخل في إطار نضال الشعب الجزائري ضد الغطرسة والظلم.
ويتخوف صحفيو المجمع والأحزاب السياسية التي لم يتبق لها من منبر إعلامي سوى "الخبر"، من أن يؤدي النزاع بين الحكومة ورجل الأعمال أسعد ربراب إلى غلق المجمع. وقال محامي المجمع، خالد برغل، في تصريح لـ "
عربي21"، الجمعة، "إذا غامرت السلطة بقرار الغلق، فكل ما سيصدر عنها في هذا الاتجاه سيكون تعسفا، بينما عملية الغلق التي تلوح بها وزارة الاتصال ستكون ضربا عرض الحائط للخطاب الرسمي للدولة، ولمشروع الدستور الجزائري الذي أتى بفضاء أكبر وأوسع لحرية التعبير".