بدأ العشرات من المعتقلين على خلفية
التظاهرات الرافضة للتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية إضرابا مفتوحا عن الطعام داخل أحد السجون
المصرية، وسط تضامن واسع معهم من نشطاء وحقوقيين وسياسيين.
وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض على مئات المواطنين بشكل عشوائي لدى إحباطها مظاهرات الأرض التي دعا لها نشطاء يوم 25 نيسان/ أبريل الماضي في ذكرى تحرير سيناء، احتجاجا على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، وأسندت النيابة إلى المتهمين العديد من التهم على رأسها التظاهر دون تصريح.
وفي محاكمة سريعة لم تستغرق أكثر من أسبوعين، أصدرت محكمة الجنح حكما بالحبس خمس سنوات مع النفاذ وغرامة 100 ألف جنيه على كل متظاهر، وقالت إنها وقعت عليهم أقصى عقوبة يسمح بها قانون التظاهر.
جوعى للعدل
وأكدت عدة مؤسسات حقوقية مصرية أن 47 من المعتقلين المعروفين إعلاميا باسم "سجناء الأرض" دخلوا في إضراب كلي عن الطعام تحت شعار "جوعى للعدل" للمطالبة بإعادة النظر في الأحكام الجائرة الصادرة بحقهم على خلفية مشاركتهم في تظاهرات يوم 25 أبريل الماضي.
وأضافت المؤسسات الحقوقية، في بيان لها السبت، حصلت "
عربي21" على نسخة منه، أن عشرة من المعتقلين كانوا قد بدؤوا الإضراب عن الطعام يوم الأربعاء الماضي، واتفقوا على أن يتبعهم باقي المعتقلين لاحقا بشكل تصاعدي لإيصال رسالة للنظام الحاكم مفادها أن غياب العدالة واحترام الدستور عن أي دولة لا يعني سوى مزيد من الفوضى والانفلات.
وأكدت المنظمات الحقوقية تضامنها مع المعتقلين، وطالبت بالإفراج الفوري عن كل المحتجزين على خلفية تظاهرهم ضد اتفاقية ترسيم الحدود، ودعت إلى إعادة محاكمتهم بشكل علني، كما حملت الدولة مسؤولية تدهور الحالة الصحية للمعتقلين المضربين عن الطعام جراء عدم الاستجابة لمطالبهم.
ووقع على البيان الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون والجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية والمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومؤسسة حرية الفكر والتعبير ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب ومركز حابي للحقوق البيئية ومركز هشام مبارك للقانون ومركز نظر للدراسات النسوية.
اعتصام وإضراب مواز
وفي سياق ذي صلة، نظم نشطاء ومعارضون حزبيون وعدد من أهالي المعتقلين وقفة احتجاجية، السبت، للتضامن مع المحتجزين أثناء نظر المحكمة اسئتناف مقدم من بعضهم للإفراج عنهم.
وكان سياسيون معارضون ونشطاء وعدد من أقارب المعتقلين قد بدؤوا الأسبوع الماضي اعتصاما داخل مقر حزب "العيش والحرية" للمطالبة بالإفرج عن المعتقلين، وأعلنوا يوم السبت الدخول في إضراب جزئي عن الطعام تضامنا مع سجناء الأرض.
وأعلن "محمد بسيوني"، أمين عام حزب الكرامة، أن عددا من قيادات التيار الديمقراطي الذي يضم أحزابا مدنية وقوى سياسية معارضة ورموزا سياسية من بينهم المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي سيستمرون في اعتصامهم المفتوح بمقر الحزب في إطار حملة "مصر مش للبيع" الرافضة لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع السعودية.
وأكد بسيوني، في تصريحات صحفية، أن المعتصمين يدرسون نقل اعتصامهم إلى مقر حزب التحالف الشعبي لاستيعاب أعداد أكبر من المتضامنين مع قضيتهم.
محاكمة دنشواي الثالثة
وأعلنت حركة "شباب 6 أبريل" تضامنها الكامل مع معتقلي "جمعة الأرض" في إضرابهم عن الطعام، الذي أعلنوه ضد الأحكام الصادرة بحقهم.
وقالت الحركة في بيان لها، اطلعت عليه "
عربي21"، إن الشباب المعتقلين لم يرتكبوا جرما سوى دفاعهم عن تراب الوطن ورفضهم للتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، مؤكدة أن التاريخ سوف يذكر أنه ولأول مرة منذ الاحتلال الإنجليزي وحادثة دنشواي، لم تصدر مثل هذه الأحكام لمواجهة حراك وطني شريف طال أطياف المجتمع المصري الذي ثار للذود عن أرضه وعرضه.
وتابعت الحركة، أن "التاريخ سيخلد أسماء شهداء محاكمة دنشواي الأولى في عهد الاحتلال الإنجليزي، وشهيد محاكمة دنشواي الثانية المجند سليمان خاطر في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وأسماء معتقلي محاكمة دنشواي الثالثة في عهد عبد الفتاح
السيسي".
وأوضحت 6 أبريل أن إضراب المعتقلين تعبير حقيقي عن واقع مأزوم نزع عنهم حقهم الإنساني في الحياة والحرية، فواجهوا ذلك بأمعائهم الخاوية.
واختتمت الحركة بيانها بالقول إنه أصبح من الواضح جليا أن حبات العقد قد انفرطت من هذا النظام ومؤسساته، مشيرة إلى أن القمع والتكبر لن يؤدي إلا لاستمرار هذا الحراك المقدس وصولًا إلى مبتغاه وهو تحرير الثورة ومبادئها من محاولات هذا النظام على مدار ثلاث سنوات لوأدها حية في التراب، على حد قولها.
كما أعلنت الناشطة الحقوقية ليلى سويف، والدة الناشط السياسي علاء عبد الفتاح، وابنتها منى سيف الدخول في إضراب رمزي عن الطعام لمدة 24 ساعة تضامنا مع معتقلي "جمعة الأرض".
وقالت منى سيف، عبر "فيسبوك"، إن المعتقلين يواصلون إضرابهم عن الطعام لليوم الرابع على التوالي، مشيرة إلى أن إدارة السجن تمارس حيلاً قذرة للضغط عليهم لإنهاء الإضراب كان آخرها منع زيارات أهاليهم لهم.