ديلي ميل: كوارث الطيران والإرهاب تقضي على السياحة المصرية

نشرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية صورا للمعالم السياحية المصرية من الأهرام إلى شرم الشيخ، حيث تقول: "لم يعد هناك أي زائر في منطقة الأهرامات، التي تشهد عادة ازدحاما، حيث إن المنطقة خالية، بالإضافة إلى خلو السوق؛ لأن الخوف يبعد الناس عنها". 

وجاء في التقرير، الذي أعده كل من آرثر مارتن ونيك فاغين، أن مجلس السياحة والسفر العالمي أشار إلى المعاناة التي تمر بها صناعة السياحة المصرية، لافتا إلى أن تحطم الطائرة المصرية "مصر للطيران"، التي كانت في طريقها من باريس إلى القاهرة الأسبوع الماضي، جاء بعد ستة أشهر من تحطم طائرة "متروجيت" الروسية. 



ويقول الكاتبان إن "كوارث الطائرات والتهديدات المستمرة من تنظيم الدولة دمرت السياحة المصرية المتعثرة أصلا، حيث إن اقتصاد مصر يقف على حافة الانهيار، خاصة بعد ابتعاد السياح عن منطقة الأهرامات ومنتجع شرم الشيخ"، مشيرين إلى أن تحطم الطائرة المصرية، ومقتل 66 راكبا كانوا على متنها، هو آخر ما كانت تتمناه مصر، حيث أصبحت منطقة يتجنبها السياح.

وتذكر الصحيفة أن مديري الفنادق في شرم الشيخ خفضوا أسعار الغرف إلى 18 جنيها إسترلينيا في الليلة الواحدة، حيث يقول الخبير في مجال السياحة بوب أتكينسون إن منتجع شرم الشيخ "ركع على قدميه"، لافتة إلى أنه حتى فندق "رينسانس" الراقي، الذي يوفر لزواره مشاهد خلابة على البحر الأحمر من غرفه الـ384، أجبر على تخفيض سعر الغرفة إلى 23 جنيها في الليلة. 

ويلفت التقرير إلى أنه في السياق ذاته، فإن منتجع "دايموند بيتش" خفض أسعار غرفه إلى 35 جنيها إسترليني لليلة، مشيرا إلى أنه سعر لا تقدمه سوى الفنادق الرخيصة، فيما يعرض فندق "راديسون بلو، أسعارا للغرفة بـ18.6 جنيه إسترليني، شاملة الضريبة إن تم الحجز كجزء من إقامة سبعة أيام، من خلال موقع "ترفل سوبر ماركت". 



وينوه الكاتبان إلى أن زوار شرم الشيخ كانوا يدفعون 200 جنيه إسترليني لليلة، حيث تعود رئيس وزراء بريطاني سابق على زيارة المنتجع مع عائلته بشكل متكرر، مشيرين إلى أنه مقارنة مع الأسعار الزهيدة، فإن فرع فندق "راديسون بلو" في ميناء العقبة الأردني تبدأ أسعار غرفه بـ117.50 جنيه لليلة.

تنقل الصحيفة عن أماندا ديبول التي زارت تركيا وتونس ومصر في رحلات سابقة، قولها: "من الواضح تعرض هذه المناطق كلها لعدد من الحوادث الكبيرة بشكل جعلنا نشعر أن الخطر كبير، ولا يمكن معه المخاطرة بالزيارة مرة أخرى". 

ويفيد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، بأن مصر عانت من اضطرابات تبعت الربيع العربي عام 2011، ثم تظاهرات وانقلاب عام 2013، تلتها هجمات قام بها فرع تنظيم الدولة في منطقة سيناء، حيث استهدف مقرات الشرطة والجيش هناك، لافتا إلى أن مجلس السياحة والسفر العالمي يقول إن نفقات السياحة انخفضت العام الماضي في مصر بنسبة 4%، حيث يتوقع الحصول على نسب مشابهة هذا العام. 

ويورد الكاتبان أن الحكومة البريطانية منعت مواطنيها من السفر إلى شرم الشيخ، وحصل انخفاض كبير في نسبة السياح الروس، لافتين إلى أن البرتغال وإسبانيا هما المستفيدتان الوحيدتان، فيما شهدت اليونان انتعاشا واضحا في نسب الزوار، مستدركين بأنه رغم العروض التي يقدمها مديرو الفنادق في شرم الشيخ، مثل تقديم طعام العشاء بالمجان، إلا أن القطاع يشهد معاناة. 

وتنقل الصحيفة عن صاحبة مقهى بريطانية، تدعى لورين غرين، قولها: "أصبح شرم الشيخ مكانا ميتا"، مشيرة إلى أن "الفنادق الكبيرة تعرض أسعارا سخيفة، وانخفضت السياحة بنسبة 90%"، وتقول: "كان هناك بعض السياح الأوكرانيين، ولا وجود للبريطانيين أو الروس، الذين كانوا يأتون في السابق بأعداد كبيرة".



ويشير التقرير إلى أن لورين (58 عاما)، تدير مقهى الإسكندرية في شرم الشيخ، وهي شريكة مع مصري اسمه محمد، حيث تقول: "إنه أمر مروع، خاصة أن شرم الشيخ بدأ يقف على قدميه بعد الثورة عندما سقطت الطائرة الروسية"، وتضيف: "الآن أغلقت الفنادق كلها حولي، ولا يوجد طيران مباشر من روسيا أو بريطانيا، رغم حضور مصريين إلى هنا"، وتضيف: "رغم أن الأمور سيئة، إلا أن شرم الشيخ سينجو، ونشعر أن الحكومة البريطانية نسيت شرم الشيخ، وهذا مثير للحزن". 

ويبين الكاتبان أن "مرافق المنتجع من مسابح وشواطئ وفنادق كلها فارغة، حيث تقف الجمال، التي كان يركب عليها السياح بهدوء، وتعيش على النفايات في السوق القديم، كما أن معظم الأكشاك في السوق فارغة، إلا أن المطاعم التي لا تزال مفتوحة عادة ما تكون مهجورة في المساء". 



وبحسب الصحيفة، فإنه كان يعمل في شرم الشيخ، قبل الثورة وحوادث تحطم الطائرات، ستة ملايين شخص. أما اليوم، فلا يزيد العدد عن 300 ألف، بحسب التقديرات المحلية. ويقول أحد موظفي قطاع السياحة: "شرم الشيخ اليوم مدينة أشباح، ومن المحزن رؤيتها على هذه الحال"، مشيرا إلى أن السياح البريطانيين والأمريكيين كانوا أفضل الزبائن، أما اليوم فلا يزورونها، ويقول إن "هذا يقضي على مصدر رزقنا، وأخشى أنهم لن يعودوا، حيث إنه كلما حدث هجوم إرهابي تقل جاذبتيه (شرم الشيخ) للسياحة".

ويكشف التقرير عن انخفاض مستوى السياح في القاهرة؛ بسبب عدم الاستقرار السياسي، حيث أصبحت أهرامات الجيزة فارغة تماما، ويتسابق أصحاب الأكشاك على السياح القلائل الباقين، مشيرا إلى أنه كان يزور مصر 15 مليون سائح في العام، منهم مليون بريطاني، مستدركا بأن العدد قل بعد كارثة الطائرة الروسية، وتوقف الرحلات البريطانية المباشرة، حيث لا تزال النصيحة من وزارة الخارجية البريطانية بتجنب الرحلات كلها من وإلى شرم الشيخ، وتقول إن شركات الطيران البريطانية وشركات الرحلات والسياحة ستستأنف رحلاتها مع وضع الإجراءات الأمنية المناسبة.

ويستدرك الكاتبان بأن تحطم الطائرة المصرية فوق البحر المتوسط سيعيق جهود عودة الرحلات الجوية إلى شرم الشيخ مثل السابق، حيث يقول خبير سياحة إن حدوث كارثة جديدة سيجعل صناعة السياحة المصرية تنهار بالكامل.



وتنقل الصحيفة عن يغاني موركاباتي، من جامعة "بورنيموث" البريطانية، قوله: "من الحيوي والمهم ألا تسمح مصر بحدوث أي أحداث أخرى، التي ستترك أثارها القاتلة على ما تبقى من صناعة السياحة"، مضيفا أن الحادث الأخير جاء بعد تعرض طائرة مصر للطيران لاختطاف في 29 آذار/ مارس، وكانت السياحة تحاول التعافي من الأحداث المتعلقة بتحطم الطائرة الروسية.

وتختم "ديلي ميل" تقريرها بالإشارة إلى أنه زار مصر في شباط/ فبراير 346 ألف زائر، مقارنة مع 640 ألفا في العام الماضي، لافتة إلى أن  الأمر ذاته حدث في تونس، حيث تراجعت نسبة السياحة البريطانية هناك بنسبة 90%، بعد هجوم سوسة، الذي قتل فيه 37 سائحا، معظمهم من بريطانيا، ولا تزال مصر تعاني خطر الإرهاب، كالذي وقع في هجوم الغردقة في كانون الثاني/ يناير.