انتخب رجل الدين
الإيراني المحافظ، البالغ من العمر 89 عاما،
أحمد جنتي، قبل يومين رئيسا لمجلس
خبراء القيادة، وهو الذي يتمتع بنفوذ قوي في البلاد، ويعد أحد القلائل من رموز التيار المتشدد في إيران، الذين أعيد انتخابهم في الانتخابات البرلمانية في شباط/ فبراير الماضي.
ويثير انتخابه رئيسا لمجلس الخبراء تساؤلات عدة، أبرزها: "ما المعطيات التي دفعت إلى انتخابه، على الرغم من تصدر الإصلاحيين والمعتدلين انتخابات مجلسي الشورى وخبراء القيادة؟ وما أبعاد هذه النتيجة؟".
من جهته، رأى الخبير في الشأن الإيراني، الدكتور علي نوري زادة، في حديثه لـ"
عربي21"، الخميس، أن انتخاب جنتي يعطي إشارة إلى أن الخط المتشدد ما زال القوة الرئيسة في العملية السياسية في إيران، على الرغم من المكاسب التي حققها مؤخرا السياسيون الإيرانيون، الإصلاحيون منهم والمعتدلون.
وقال زادة الذي يرأس مركز الدراسات الايرانية العربية، إن انتخاب جنتي جاء مدروسا ومحددا قبل اختياره، فهو العضو الذي يحظى بثقة المرشد الأعلى على الرغم من أن فوزه بعضوية المجلس جاء بصعوبة.
ويعد اختيار رئيس مجلس الخبراء، أمرا حساسا، فالمجلس له صلاحية اختيار المرشد الأعلى للثورة الإيرانية بحسب المادة 107 من الدستور الإيراني، كما أن مجلس الخبراء هو الهيئة الدستورية الوحيدة التي تملك الصلاحيات لعزل المرشد بحسب المادة 111، على الرغم من عدم استخدامه هذا الحق منذ تشكيله عام 1979.
وجاء اختيار جنتي بعد صراع اندلع بين التيارات الدينية الإيرانية، أخذ منحى آخر على رئاسة المجلس، بعد خسارة رئيسه السابق محمد يزدي، في الانتخابات الماضية، وهو المقرب من الحرس الثوري الإيراني ومرشد الثورة.
اقرأ أيضا: ما أهمية انتخابات مجلس الخبراء بإيران.. ومن أبرز مرشحيها؟
وكان
المحافظون يتخوفون من وصول علي أكبر هاشمي رفسنجاني -وهو الشخص غير المفضل لدى
خامنئي- إلى هذا المنصب الحساس والهام، في ظل الوضع الصحي غير المستقر الذي يعاني منه الأخير.
وعلّق زادة قائلا إن رفسنجاني يحظى بحضور كبير في المجلس، وباستطاعته أن يغير من اتجاهات أعضاء المجلس والنواب في مجلس الشورى، وهو في الوقت الحالي مهتم بشكل أساسي بالتركيز على كتلته في المجلسين، الشورى والخبراء، لتغيير مسار الأحداث في إيران.
وتعرّض رفسنجاني رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام، إلى هجوم حاد من قبل المحافظين، الذين اتهموه بالخيانة، وحذروا من انتخابه رئيسا للمجلس، ووصفوه بأنه عدو للثورة الإيرانية.
وكان أعضاء المجلس المنتخبين، انقسموا بين مؤيد للمعتدل رفسنجاني، ورافض لترشحه لمنصب رئاسة المجلس، وأغلب هؤلاء الرافضين لرئاسته مقربون من مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، ويبدو أن انتخاب جنتي يعكس ربما نجاح الحملة الشرسة التي تعرض لها رفسنجاني الذي لم يتقدم للمنافسة في الترشح لهذا المنصب، لاعتقاده بأن رئاسة مجلس خبراء القيادة لم تعد تحظى بأهميتها السابقة، بحسب زاده.
اقرأ أيضا: تهمة الخيانة تطارد رفسنجاني وسط تصعيد المحافظين ضده
وفاز جنتي بـ51 صوتا من بين 88 عضوا في المجلس، وسيباشر عمله رئيسا للمجلس لمدة عامين، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية (إيرنا).
وبذلك، تفوق جنتي في الانتخابات التي جرت الثلاثاء الماضي، على منافسيه في التقدم لنيل هذا المنصب، وهم رجل الدين المعتدل إبراهيم أميني، والمحافظ محمود هاشمي شهروردي.
ولحساسية هذه الانتخابات، أرسل القائد الأعلى للثورة إيرانية، علي خامنئي، رسالة قبيل التصويت إلى مجلس الخبراء، يحض فيها رجال الدين على العمل على حماية الشخصية الإسلامية و"الثورية" للبلاد.
الجدير بالذكر أنه لا يترشح لعضوية المجلس سوى رجال الدين البارزين، الذين حصلوا على درجة الاجتهاد بعد الدراسة الدينية، أو الذين يحظون بتأييد عدد من رجال الدين البارزين، ويشترط أن يؤيد ترشيحهم مجلس صيانة الدستور.
ومن المفارقة أن جنتي يتولى أيضا أمانة مجلس صيانة الدستور في إيران، الذي يتولى عملية الإشراف على اختيار المرشحين لمجلس الخبراء، فضلا عن إقرار المتقدمين للترشيح في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
نقاط خلافه مع معارضيه:
- يعارض مطالبة الإصلاحيين بتحديد صلاحيات الولي الفقيه.
- يعارض التقارب مع الولايات المتحدة الأمريكية.
- من أبرز الناقدين للمعتدل هاشمي رفسنجاني.
- يتهمه خصومه بأنه وظف الصلاحيات الممنوحة له في مجلس صيانة الدستور لإقصاء الخصوم السياسيين، ورفض المصادقة على ترشيحهم في الانتخابات.
- قدم دعما كبيرا للرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد، خاصة في فترته الرئاسية الأولى وخلال أزمة الانتخابات الرئاسية عام 2009، واتخذ موقفا متشددا من زعماء المعارضة (موسوي وكروبي).
عضويته بعدد من أبرز المجالس في مؤسسة الحكم:
- مجلس خبراء القيادة، الذي بات رئيسه الآن.
- مجلس تعديل الدستور.
- المجلس الأعلى للثورة الثقافية.
- مجمع تشخيص مصلحة النظام.
تولى رئاسة عدد من الهيئات والمنظمات:
- رئاسة هيئة إحياء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- منظمة التبليغ الإسلامي.
- مجلس تنسيق التبليغ الإسلامي.
- رئاسة "المجلس المركزي لممثلية قائد الثورة الإسلامية في الجامعات" الإيرانية.
- عمل جنتي أيضا أمام جمعة تنقل في طهران وقم والأهواز وكرمنشاه.
- منصب القاضي في المحكمة الثورية في الأهواز، وعرف بشدته في التعامل مع المعارضين.
من هو أحمد جنتي؟
يعدّ أحمد جنتي سياسيا وعالم دين إيرانيا من التيار المحافظ، وهو أحد فقهاء الحوزة العلمية في مدينة قم، ومدافع قوي عن ولاية الفقيه، ويرأس مجلس صيانة الدستور.
ويثير منصبه في مجلس صيانة الدستور كثيرا من الجدل، فمعارضوه يتهمهونه باستغلال المنصب لتصفية خصومه السياسيين.
وبحسب ما أوردته الوكالات الإيرانية، فإن جنتي ولد عام 1927 في مدينة أصفهان الإيرانية لعائلة دينية، وتلقى دراسته الأولية في مدينة أصفهان، وواصل تعليمه في قم والمدرسة الفيضية، على يد عدد من الأساتذة المعروفين، شملت دراسته اللغة الإنجليزية والأدب العربي.
ومن بين أبرز تجاربه السياسية، مشاركته قبل الثورة في الكثير من الفعاليات المناهضة للشاه، ومن خلال عضويته في مجمع مدرسي الحوزة العلمية في قم قام بتنظيم الكثير من المظاهرات المناهضة للشاه، وتعرض للاعتقال في قم والإبعاد إلى مدن أخرى أكثر من مرة.
وشغل منصب قاضي محكمة الانقلاب التي شكلها الخميني، التي قضت بإعدام الكثير من المخالفين، كان من بينهم ابن جنتي نفسه، الذي اتهم بالانتماء إلى منظمة مجاهدي خلق، وقتل هو وزوجته فاطمة سروري في مواجهات مسلحة مع حرس الثورة.
وكانت لجنتي نشاطات في الإشراف على الحركة الطلابية والجمعيات الإسلامية، إذ شغل موقع ممثل القائد الأعلى للثورة الإسلامية في البلقان، وممثله أيضا في اتحاد الجمعيات الإسلامية لطلبة المدارس.