حذر النائب البريطاني المحافظ عن منطقة تونبريدج ومولينغ، والمستشار السابق لرئيس هيئة الأركان المشتركة توم توغندات، من تداعيات تصويت
الكونغرس الأمريكي حول الدول الداعمة للإرهاب، على
بريطانيا.
ويقول توغندات في مقالة نشرتها صحيفة "ديلي تلغراف" إن "السياسة الأمريكية في الكونغرس تتغير، وربما تغيرت في وقت قريب في البيت الأبيض، وهناك مزاج جديد يسيطر على الولايات المتحدة، وهو نهج (أمريكا أولا)، الذي يحتقر الدبلوماسية والتعاون الدولي، ولأول مرة منذ أجيال نتساءل عن مستقبل علاقاتنا الخاصة مع الولايات المتحدة، وهذا لا يتعلق بدونالد ترامب، الذي لم يخف تشككه من التحالفات الأمريكية الحيوية، بل إنه يتعلق بالنقاش الدائر في الكونغرس، الذي يفتح المجال أمام المحاكم الأمريكية لمقاضاة الأجهزة الأمنية البريطانية".
ويشير الكاتب إلى قانون "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي يناقشه الكونغرس، والمقصود به ليست وكالة الأمن الداخلي "إم آي 5" أو الأمن الخارجي "إم آي-6" البريطانيتين، حيث كتب القانون بية منح ضحايا هجمات أيلول/ سبتمبر 2001 الحق بمقاضاة الحكومة
السعودية، أو أي فرد من العائلة الحاكمة، غض الطرف بحس القانون عن الإرهاب، أو ساعد ودعم الإرهاب، لافتا إلى أن مجلس الشيوخ مرر القانون، وهو ما قاد الحكومة السعودية للتهديد بسحب إيداعات بقيمة 750 مليار دولار أمريكي.
ويعلق توغندات قائلا: "قد تكون السعودية هدفا للقانون، لكنه قد يترك تداعيات غير مقصودة على بريطانيا، فقد يؤدي القانون إلى الكشف عن الدور البريطاني، ويفتح الباب أمام الكشف عن أسرار العمليات السرية للأجهزة الأمنية، أو طلب تعويضات عن الفشل المزعوم لمنع الهجمات الإرهابية، وفي الحالتين ستتعرض العلاقة الخاصة بين البلدين للخطر".
وتلفت الصحيفة إلى أنه بناء على هذا القانون، فإنه يحق لأي مواطن أمريكي التقدم بدعوى قضائية ضد الحكومة البريطانية، يزعم فيها أنها فشلت، أو تجاهلت خطر التطرف الإسلامي، حيث إن هناك البعض في الولايات المتحدة يتهمون بريطانيا بالتسامح مع وجود دعاة متطرفين في لندن أو "لندستان" في التسعينيات من القرن الماضي، مشيرين إلى أنه موقف أدى إلى توسع الإرهاب ونموه.
ويذكر الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، أن نقاد الحكومة البريطانية يشيرون إلى حالات، مثل الهجوم الفاشل، الذي حاول ريتشارد ريد القيام به في عام 2001، وتفجير طائرة أمريكية، لافتا إلى أنه كان رجلا تافها واعتنق الإسلام، وتعرض للتشدد الإسلامي في مسجد فينزبري بارك، الذي كان معروفا لدى "إم آي 5" بأنه ساحة للمتشددين.
ويبين توغندات أنه "في حالة تقدم أحدهم بدعوى قضائية، بناء على القانون الجديد، فإن الحكومة البريطانية قد تجبر على الكشف عن المعلومات الأمنية حول المؤامرة، ولماذا فشلت المخابرات بإحباط خطة ريد منذ البداية، وقد تضطر بريطانيا إلى تسوية مالية، ومهما كان الأمر، فإن سمعة بريطانيا ستتعرض للضرر البالغ".
وتنوه الصحيفة إلى أن "الدبلوماسية الحديثة تقوم على الفكرة القديمة، وهي الحصانة السيادية المعروفة منذ عام 1648، وهي الفكرة التي قبلت بها بريطانيا، لكن مشروع القانون المطروح أمام الكونغرس يعني أن الولايات المتحدة تخلت عن هذا المبدأ، ومن هنا فإن الحكومات الأجنبية ستصبح عرضة للمحاكم الأمريكية، بل إنها ستكون عرضة للابتزاز القانوني أيضا، لتجنب الكشف عن المعلومات السرية، ولن يؤدي هذا القانون إلا إلى توتر علاقات أمريكا مع العالم وعزلتها".
ويرى الكاتب أنه "سيكون من الصعب رفض قضايا تقدم بناء على القانون، وستقوض سلطة الولايات المتحدة لوقف هذه المحاكمات، لأن السلطات الفيدرالية ستفقد السلطة للحكم على الحصانة السيادية خلال جلسات المحاكم، وهو ما سيسمح للمحامين في الولايات المتحدة بإجبار الحكومات الأجنبية على الكشف عن معلومات حساسة، أو ابتزازها وإجبارها على تسوية مالية، وقد يقوم الرئيس الأمريكي باستخدام صلاحياته الخاصة، المتعلقة بالكشف عن معلومات حساسة، الذي يمكن من خلاله حماية العلاقة الخاصة بين البلدين".
وتجد الصحيفة أنه "في ظل عدم احترام التعاون الدولي، فإنه من حقنا التساؤل، عما إذا كان (الرئيس) ترامب سيستخدم الصلاحيات الخاصة حتى نيابة عن دولة حليفة".
وبحسب توغندات، فإن "الرئيس باراك أوباما والبيت الأبيض يعارضان بشدة القانون، حيث إنهم يقدرون احتمالات الضرر الذي قد يتسبب به، ويرون أن هناك إمكانية لقيام الحكومات الأجنبية بإجراءات انتقامية مماثلة ضد الأمريكيين، فالنظام المصرفي العالمي يمر عبر برامج حاسوبية في الولايات المتحدة، وفي حال السماح باستخدام القانون ضد الدول الأجنبية، فكم سنحتاج من الوقت كي تسمح المحاكم بقبول قضايا ضد الولايات المتحدة بتهمة الإهمال حول تمويل الإرهاب؟".
ويخلص الكاتب إلى أن "مجلس الشيوخ أخطأ في قبول مشروع
القرار، وعلى مجلس النواب رفضه، مع أن كلا من المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون، والمرشح الجمهوري ترامب، قالا إنهما سيوقعان على القرار لو انتخبا، ومن شأن ذلك إلحاق الضرر بالعلاقة الخاصة، وإضعاف الولايات المتحدة، ويحتاج العالم إلى قيادة الولايات المتحدة، والشراكة معها، وقانون العدالة سيعرضنا جميعا للعزلة".