عاد رئيس الوزراء
اليمني، أحمد عبيد
بن دغر، يرافقه الطاقم الوزاري لحكومته، الاثنين، إلى مدينة
عدن جنوبي البلاد، وسط تساؤلات عدة يطرحها اليمنيون بشأن الجديد الذي يحمله هذا الحدث، وهل ستكون هذه العودة نهائية بالتزامن تصاعد موجة الانتقادات للحكومة بسبب بقائها بعيدا عن هموم المواطن والأحداث الدائرة في البلد.
واعتبر محللون يمنيون أن عودة الحكومة الى مدينة عدن، يمثل قرارا مهما، يجعل منها قريبة من مستجدات الأوضاع التي تعصف باليمن، لا سيما المواجهة العسكرية ضد الحوثيين وعلي عبدالله صالح، فضلا عن خلق روح جديدة في صفوف الشارع المؤيد لها والرافض لتحالف الانقلاب.
عودة متأخرة لكنها جيدة
وفي هذا السياق، علق الصحفي والباحث السياسي، ثابت الأحمدي، أن عودة الحكومة أمر لا بد منه، وقد تأخرت كثيرا، لأن مجال عملها هو اليمن لا موفمبيك الرياض. لكنه وصف عودتها بـ"الخطوة الجيدة" التي تدفع باتجاه تحرير البلاد من الانقلابيين.
وأضاف حديث لـ"عربي21" أن بقاء الحكومة الشرعية خارج النطاق الفعلي للأحداث، لن يمكنها من تحرير حتى شبر واحد من قبضة الحوثيين وحلفائهم. على حد قوله.
وأشار الأحمدي إلى أن وصول الحكومة إلى مدينة عدن، قد لا يحمل بالضرورة مشاريع بناء أو ما أشبه كما قد يحلم البعض، لكنه مسعى نحو إزاحة العراقيل، والتعرف عن قرب علي متطلبات ومعاناة الناس، وصولا إلى إعادة الأوضاع نحو طبيعتها. لافتا الى أن العودة سواء أتت تحت ضغط الانتقادات أم بغيرها هي أمر لا بد منه، وهو جزء من النجاح لها.
وحول ما إذا كانت العودة نهائية، استبعد الباحث السياسي اليمني أن تكون كذلك، إلا أن استدرك قائلا: الحكومة مطالبة بإزاحة كل التحديات والعمل علي البقاء بشكل نهائي.
مطلب شعبي وضرورة سياسية
من جهته، اعتبر الإعلامي والسياسي اليمني، عبدالله إسماعيل، أن عودة الحكومة الى البلد أصبح أمرا تفرضه كل المسارات في اليمن سياسيا وخدميا وعسكريا، بل بات مطلبا شعبيا وضرورة سياسية في آن واحد.
وقال لـ"
عربي21" "إن وجود الحكومة في الخارج سيجعل تأثيرها محدودا في حل المشكلات" معتبرا أن عودتها التي يجب أن تكون دائمة، ستكون أقرب لملامسة متطلبات النهوض وتطبيع المناطق المحررة، واستيعاب المشكلات المتعلقة بالجوانب الأمنية، وإعادة بناء أجهزة الدولة، إضافة إلى ترتيب وضع المقاومة ومعالجة قضايا الجرحى.
وأفاد إسماعيل بأن وصول الطاقم الحكومة إلى عدن مهم جدا، في إطار المزاج العام للمواطنين في المناطق المحررة، والذين يرون في عودتها "مشاركة حقيقية في معاناتهم واستجابة لمتطلباتهم".
وأرجع السياسي اليمني هذه العودة إلى "الأصوات الشعبية المنادية بها"، رغم أن التحديات ستكون كبيرة وصعبة، لكن استقرار الحكومة ستكون البداية الحقيقية للتغلب عليها. وفق توقعاته.
رؤية وفق توقعات معقولة
من جانبه، أدلى رئيس الحكومة، أحمد عبيد بن دغر، بتصريحات صحفية، عقب وصوله إلى مدينة عدن، الاثنين، بأن لدى الحكومة، وهي تتواجد اليوم في العاصمة عدن، رؤية واضحة لما ينبغي عمله في الملف الأمني والخدمي"، مؤكدا أن سقف التوقعات يجب أن "يكون في الحدود المعقولة".
وقال بن دغر في تصريح تداولته وسائل إعلام يمنية: مثلما أثبتنا لأنفسنا وللعالم، قدرتنا على دحر مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية من غالبية أراضي الوطن، يجب أن ننتصر على مخططها المستمر للنيل من تماسكنا وشق صفوفنا.
وتابع : "وكما قاومنا على الأرض وانتصرنا، ها نحن اليوم مدعوون إلى الانتصار في مسيرة البناء وإعادة إعمار، فالنهوض يفترض منا أن نتعالى على الجراح والانقسام: لنبني البلد ونعيد أعماره".
البقاء في الرياض غير مجد
وفي شأن متصل، أكد عضو المنتدى السياسي للتنمية الديمقراطية، فهد سلطان، أن عودة الحكومة إلى الداخل اليمني تمثل "خطوة جيدة"، والتي جاءت عقب إصرار التحالف العربي بقيادة
السعودية على هذا المسار، كي تقوم بمهامها من المناطق المحررة، بعدما بات بقاؤها في الرياض غير مجد. على حسب وصفه.
وأوضح في حديث لـ"
عربي21" أن كل المحاولات التي أرادت الحكومة إدارتها من الخارج فشلت، بل لم تصل الى أي نتيجة مرضية. معتبرا أن بقاءها في الخارج كل هذه المدة لم يكن ذا مبرر موضوعي، بل زاد من حجم سخط الشارع اليمني، وعزز قوة ونفوذ سلطة الانقلابيين كأمر واقع في العاصمة وعدد من المحافظات الأخرى.
وتساءل سلطان: "كيف تتحدث الحكومة والتحالف الداعم لها عن مناطق محررة والخدمات الأساسية منعدمة، بينما الأولى في المنفى، في وقت يجد المواطن اليمني الانقلابيين متواجدين في المناطق التي يسيطرون عليها".
ولفت عضو المنتدى السياسي اليمني الى أن هذه ربما الفرصة الأخيرة أمام الحكومة الشرعية، ففي حالة فشلها، لا شك أن نتائجها ستكون قاسية، أهمها "فقدان المواطن اليمني الثقة بها".
الجدير بالذكر أن الأصوات تعالت في الشارع اليمني ضد بقاء الحكومة الشرعية في العاصمة السعودية الرياض، واتهامها بالعجز عن إدارة المناطق المحررة من الحوثيين وقوات صالح.