تداول نشطاء موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، الثلاثاء، مقطع فيديو مُصور بواسطة هاتف جوال بطريقة خفية بإحدى مناطق محافظة قابس، بالجنوب
التونسي، حيث يظهر عنصر شرطة وهو يطلب رشوة من سائق سيارة يبدو أنه ارتكب مخالفة.
وفي المقطع، الذي تبلغ مدته دقيقة و22 ثانية، أصرّ الشرطي على أن يحصل على رشوة بمبلغ 40 دينارا (حوالي 20 دولارا) من السائق، الذي جلست إلى جانبه سيدة، قال بعض النشطاء في تعليقاتهم إنها والدته وهي التي قامت بالتصوير، حيث توّجهت الأخيرة بالقول للشرطي بأنه ليس لديها المبلغ المطلوب، مضيفة أنها دفعت مبلغ 250 دينارا (125 دولارا)، في إشارة إلى الضريبة الخاصة بالسيارة، لكن الشرطي ردّ على كلامها بطلب رخصة القيادة ووثائق السيارة في محاولة لحجزها.
حلال أم حرام؟
وتابع حديثه للسائق: "رخصتك ركوبة عامة وسيتم حجز السيارة، ورأس أمي من بعدها يأتي أيّا كان، فلن يخرجها من الحجز".
وتساءلت السيّدة في الفيديو، الذي تمّ تصويره، يوم الاثنين في أول أيّام رمضان: "ولدي هل ما سنقوم به حلال أم حرام؟"، قبل أن يظهر الشرطي من جديد أمام العدسة ويرفض الحصول على أي مبلغ يقل عن 40 دينارا، مضيفا أنه أقسم بالله ولا يمكنه التراجع، وأنه سيضطر للصوم ككفارة.
من جانبه، قال مصدر مسؤول بوزارة الداخلية لـ"
عربي21" إن المصالح الإدارية المختصة بالوزارة اطلعت على مقطع الفيديو، وانطلقت فعلا في إجراءاتها التأديبية ضد عنصر
الشرطة، حيث تمّ إيقافه عن العمل في انتظار إحالته إلى القضاء.
العزل النهائي
وأضاف المصدر أن مصالح الداخلية تعمل على مدار السنة على التجاوزات التي يرتكبها عناصرها. وقال إن الوزارة تتعامل مع جميع الحالات التي حصلت سابقا، وحتى قبل ثورة 2011، حيث تكون العقوبات في الغالب العزل النهائي من العمل وأحيانا السجن، تبعا للإجراءات القضائية الموزاية للعقوبات الإدارية.
وذكر المصدر أنّ وزارة الداخلية تسجل عشرات التجاوزات سنويا، حيث تفتح عادة بحثا تحقيقيا بمجرد ورود شكوى من مواطن أو نشر مقطع أو صورة أو تصريح في وسائل الإعلام ومواقع التواصل، مؤكدا أن الداخلية لا تتردد في إحالة المخالفين إلى مجلس الشرف الذي يفرض العقوبة المناسبة في حال ثبوت التجاوز.
ملف السوابق
وأشار إلى أن الإجراءات المتبعة عادة في مثل هذه الحالات هي الإيقاف عن العمل، والبحث في موضوع التجاوز وملف وسوابق العنصر المعني، قبل إحالة الملف إلى مجلس الشرف الذي يختلف باختلاف الأسلاك الأمنية.
وقال المصدر نفسه إنه عادة ما يتوافق قرار مجلس الشرف مع حكم المحكمة بخصوص العزل، وذلك احتراما لقرارات السلطة القضائية، أما إذا لم تقرر المحكمة العزل، بغضّ النظر عن الحكم بالسجن من عدمه، فإن مجلس الشرف يمكنه الاكتفاء بفترة الإيقاف، كما يمكنه اتخاذ قرار بالطرد النهائي من العمل.