تمكنت القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني في
ليبيا، من السيطرة الجمعة على ميناء
سرت لتواصل تقدمها السريع لاستعادة هذه المدينة الساحلية من أيدي
تنظيم الدولة.
ما هي القوات الرئيسة المشتركة في العملية؟
تتشكل القوات التي تقاتل تنظيم الدولة الإسلامية في سرت (450 كلم شرقي طرابلس) من جماعات مسلحة تنتمي إلى مدن عدة في غرب ليبيا، أبرزها مدينة مصراتة (200 كلم شرقي طرابلس) التي تضم المجموعات الأكثر تسليحا في البلاد، إذ إنها تملك طائرات حربية من نوع "ميغ" ومروحيات قتالية.
تشكلت هذه الجماعات المسلحة في العام 2011، خلال الانتفاضة الشعبية التي قتل فيها الزعيم السابق معمر القذافي. ورغم الإطاحة بالنظام، فقد احتفظت هذه الجماعات بأسلحتها وأصبحت اللاعب العسكري الأبرز في ليبيا والأكثر تأثيرا في أمنها.
وسبق أن شكلت هذه الجماعات المسلحة تحالفا عسكريا صيف 2014، أجبر البرلمان المنتخب على الفرار إلى شرق البلاد، وأقام حكومة أمر واقع لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي.
وتقول إميلي إيستيل الخبيرة في شؤون شمال أفريقيا والشرق الأوسط في معهد "أميركان إنتربرايز"، إن القوات التي تهاجم تنظيم الدولة في سرت من جهتيها الغربية والجنوبية "هي عبارة عن مليشيات تتحدر من مصراتة تضم نحو ألفي عنصر".
ما هي القوات الأخرى؟
تخوض قوات حرس المنشآت النفطية بقيادة إبراهيم الجدران، معارك مع تنظيم الدولة شرقي سرت.. ونجحت هذه القوات التي تسيطر على موانئ نفطية رئيسة، بينها راس لانوف والسدرة، في استعادة قرى وبلدات من أيدي التنظيم في الأيام الماضية. وبحسب متحدث باسمها، فإنها تستعد هذه القوات لاقتحام سرت من جهتها الشرقية خلال ساعات.
وقوات حرس المنشآت المعروفة أيضا باسم "قوات برقة" تحالف معاد للإسلاميين من قبائل محلية في شرق ليبيا، يدعو إلى الفدرالية ويطالب بحكم ذاتي للمنطقة. وكانت هذه القوات معادية لتحالف "
فجر ليبيا" الذي ضم جماعات إسلامية، لكنها أعلنت ولاءها لحكومة الوفاق الوطني فور دخولها إلى طرابلس.
وخاضت هذه القوات معارك عنيفة مع تنظيم الدولة في كانون الثاني/ يناير الماضي إثر محاولة عناصر من التنظيم التقدم نحو منطقة الهلال النفطي ودخول السدرة وراس لانوف، وهو ما لم يتمكنوا من تحقيقه.
إلى جانب قوات حرس المنشآت، فإن وحدات من الجيش الليبي تساهم في العملية ضد تنظيم الدولة. والجيش منقسم، بين سلطتي حكومة الوفاق الوطني في طرابلس، وبين الحكومة الموازية غير المعترف بها دوليا في شرق ليبيا والتي يقود قواتها الفريق أول ركن خليفة حفتر الذي ينأى عن العملية العسكرية في سرت.
هل هناك قيادة موحدة لهذه القوات؟
تتبع القوات التي تقاتل تنظيم الدولة في سرت غرفة عمليات مشتركة مقرها مدينة مصراتة أنشأتها حكومة الوفاق الوطني. لكن طبيعة وجود قيادات منفردة للجماعات المسلحة التي تتكون منها هذه القوات، والمنافسة في ما بينها، تصعب مهمة الغرفة العسكرية في السيطرة عليها.
وترى إيستيل أن "القوات المنخرطة في العملية ضد تنظيم الدولة لا تتبع هيكلية قيادية موحدة، ولا تتشارك النظرة ذاتها لليبيا في فترة ما بعد تنظيم الدولة".
وتتنافس الجماعات المسلحة في ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي على الأدوار الأمنية في طرابلس والمدن الليبية الأخرى. وغالبا ما تخوض هذه الجماعات مواجهات مسلحة في ما بينها.
ما سبب التقدم السريع في سرت؟
بعد نحو شهر من انطلاق العملية العسكرية، نجحت القوات الموالية لحكومة الوفاق في دخول سرت من جهتها الغربية، وتقدمت سريعا لتبلغ وسط المدينة الخاضعة لسيطرة التنظيم الجهادي منذ حزيران/ يونيو 2015.
ويقول مصدر دبلوماسي ليبي، إنه "كان من المتوقع أن تحدث معركة عنيفة، لكن المعركة لم تكن صعبة كما كان يتصورها البعض. ربما بالغنا في إحصاء أعدادهم!"، في إشارة إلى تقارير تحدثت عن وجود نحو خمسة آلاف عنصر من التنظيم المتطرف في سرت.
من جهتها، تعتبر إيستيل أن "استخدام القوة الجوية والقدرات التقنية الأخرى القادرة على إبطال مفعول متفجرات (...) تنظيم الدولة السبب الرئيس لتقدمهم السريع".
ماذا بعد سرت؟
من المفترض أن يسهم طرد تنظيم الدولة من سرت في تعزيز شرعية حكومة الوفاق الوطني على الصعيدين الخارجي والداخلي، وقد يدفع الدول الكبرى إلى التعجيل في تسليحها لمساعدتها على بناء جيش ليبي موحد. لكن التحدي الأبرز في مرحلة ما بعد "تحرير سرت" يتمثل في العمل على نزع السلاح من الجماعات التي تتمسك به.
وترى إيستيل أن "كل الأطراف المسلحة الرئيسة (...) تستخدم الهجوم على تنظيم الدولة ذريعة للسيطرة على مزيد من الأراضي. وتواجدها معا في وسط ليبيا قد يهدد بإشعال حرب أهلية".