تواجه
الاستثمارات الخليجية في
بريطانيا، والتي تقدر بنحو 130 مليار جنيه إسترليني، مخاطر انخفاض قيمتها في حال خرجت
لندن من
الاتحاد الأوروبي، إذ إنه بعد أيام معدودات وتحديدا يوم 23 حزيران/ يونيو الحالي، سيجرى استفتاء مصيري يحدد فيه الناخبون البريطانيون مستقبل دولتهم مع الاتحاد الأوروبي سواء باستمرار ارتباطهم به أو بالانفصال عنه.
لقد اختلف كثير من المحللين والمستثمرين الخليجيين ومنهم القطريون حول تأثير انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، فبعضهم رأى أن الخسارة محققة حيث ستنخفض قيمة الاستثمارات الخليجية وخاصة العقارية، في حين ينفي آخرون أي تأثيرات سلبية ستلحق بهذه الاستثمارات، نظرا لأن بريطانيا منذ البداية لا ترتبط بعملة اليورو ولا بتأشيرة الدخول الموحدة للدول الأوروبية "الشنغن" وبالتالي فأي آثار ستكون وقتية ومحدودة لتستعيد الاستثمارات العقارية الخليجية قيمتها بل ربما تزيد.
الشهور القليلة الماضية أحجم فيها المستثمرون الخليجيون والقطريون عن شراء عقارات في بريطانيا، لخوفهم من هبوط أسعار العقارات إذا قرر البريطانيون الخروج من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء أو ما بات يعرف بالـ"بريكزيت".
وقال محام في لندن يمثل تجار عقارات خليجيون إن "صناديق الثروة السيادية الخليجية تخشى تبعات سلبية لخروج بريطانيا من الاتحاد، لا سيما أن كثيرين من المستثمرين الخليجيين اشتروا عقارات في لندن بمليارات الدولارات خلال العقد الماضي، لا سيما أن أسعار العقارات السكنية في المناطق اللندنية الضخمة التي يقبل عليها الخليجيون، مثل تشيلسي، وساوث، كينزينغتون، ونايتسبريدج، قد انخفضت خلال العام الماضي بنسبة تراوح بين 3.5 بالمائة و7.5 بالمائة".
ونقلت صحيفة "الراية" القطرية، عن الدكتور عبد العزيز الحمادي الرئيس التنفيذي لمجموعة دلالة القابضة، ونائب رئيس لجنة العقار بغرفة قطر، قوله إنه في حال أقر البريطانيون الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتائهم يوم 23 حزيران/ يونيو الحالي، فإنها لن تضار الاستثمارات العقارية الخليجية أو القطرية بأي حال من الأحوال.
وقال إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لن يضر بالاقتصاد البريطاني أو القطاع العقاري الإنجليزي، بقدر ما سيضر بالدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وأضاف أن بريطانيا تظل هي الدولة القوية المستقرة سياسيا واقتصاديا، التي تستقطب مواطنين من كل دول العالم ومنها دول الخليج، وبالتالي فالاستثمارات العقارية القطرية سواء كانت حكومية أو شركات خاصة أو أفراد ستحافظ على قيمتها السوقية، بل ربما ترتفع عن معدلها السائد في السنوات الماضية، والتي ارتفعت فيها العقارات الاستراتيجية وسط لندن بنسبة فاقت الـ8 بالمائة في المتوسط.
وأشار الدكتور عبد العزيز الحمادي إلى أن هناك فزاعة ليس لها ما يبرر من تأثر سلبي سيحيق بالاستثمارات الخليجية في لندن إذا خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لافتا إلى استناد كثير من المستثمرين إلى مسح أخير لشركة تدقيق الحسابات العالمية "كي بي إم جي" التي يوجد مقرها في لندن، والتي ذكرت فيه أن 66 بالمائة من خبراء الوكالات العقارية في بريطانيا يعتقدون أن خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي سيكون له تأثير سلبي على تدفق الاستثمارات البينية بين بريطانيا ودول الاتحاد.
وبالتالي، "ستتأثر العقارات تبعا لذلك، وهو أمر أختلف معه بشدة، ذلك لأن بريطانيا لا تزال تحتفظ بعملتها الجنيه الإسترليني، ولم تنخرط في عملة الاتحاد الأوروبي اليورو، كما أنها غير مرتبطة بتأشيرة الشنغن، وهذه عوامل قوية لعدم تأثر الاستثمارات العقارية الخليجية والقطرية بانفصال لندن عن الاتحاد الأوروبي"، بحسب الحمادي.
وأشار جمال العجي رئيس شركة المستقبل العقارية، إلى أنه في حال أقر الاستفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فإن الاستثمارات العقارية
العربية والخليجية سوف تتأثر نسبيا في لحظة ظهور نتيجة الاستفتاء، ولكن ستستعيد الاستثمارات قيمتها وربما ترتفع مع مرور الوقت.
وقال إن بريطانيا لا تزال الوجهة المفضلة للمستثمرين الخليجيين والتي تصل استثماراتهم إلى 130 مليار جنيه إسترليني تقريبا، ولا يزال المواطن الخليجي يرغب في امتلاك مسكن له في لندن والريف الإنجليزي المعروف، مؤكدا أنه ربما تتأثر الاستثمارات الخليجية المرتبطة بالاتحاد الأوروبي فقط، أما الاستثمارات الموجودة في لندن فتحتفظ بقيمتها ولن تتأثر.
وأضاف العجي أنه صحيح تضاؤل الإقبال على الاستثمار العقاري في بريطانيا هذه الفترة انتظارا لما تسفر عنه نتائج الاستفتاء، إلا أن ذلك مرهون ببعض الوقت ثم تعود للاستثمارات العقارية قوتها وزخمها من جديد، ربما تكون هناك بعض العقارات التي تنخفض قيمتها بفعل موقعها ومدى قربها من وسط لندن الذي تتجمع فيه معظم الاستثمارات العقارية الخليجية، لكن بشكل عام فإن القطاع العقاري البريطاني لا أعتقد أنه سيخسر كثيرا من قيمته أو تتضاءل أهمية الاستثمار فيه، موضحا أن معظم الاستثمارات الخليجية تتركز في مجال النشاط العقاري وأسواق المال والمصارف.