نشرت صحيفة "ذي غارديان" الإنجليزية، تقريرا سلطت فيه الضوء على
مرض السكري الذي يعاني منه ما يربو على أربعة ملايين شخص في
المملكة المتحدة، مشيرة إلى المخاطر التي يتسبب بها هذا المرض، ودور التكنولوجيا في
التشخيص والوقاية.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، إن 90 بالمئة من المصابين يحملون النوع الثاني من المرض (T2D) الذي يتضاعف لدى المرضى إذا كانوا يعانون من زيادة في الوزن، أو بعامل الوراثة، أو إذا كانت أصولهم ترجع إلى جنوب أفريقيا أو جنوب آسيا.
وفي تحليلها لهذا النوع من السكري؛ قالت الصحيفة إن الجسم يصبح غير قادر على الاستجابة بشكل صحيح للأنسولين، الهرمون المسؤول عن المحافظة على مستوى الجلوكوز في الجسم، وإن أنجع طريقة للتعامل مع هذا النوع تكمن في إنقاص الوزن، وتغيير نمط الحياة، والأدوية الفموية.
وتطرقت الصحيفة إلى تحليل النوع الأول من السكري (T1D) الذي يمثل 10 بالمئة من الحالات، التي يظهر معها المرض عادة في مرحلة الطفولة، ويتم التعامل معه عن طريق حقن الأنسولين.
وأشارت إلى أن
المعثكلة (أحد أهم الغدد الموجودة في جسم الثدييات) في هذا النوع من المرض، تتوقف تدريجيا عن إفراز الأنسولين لأسباب غير واضحة، ولكن قد تكون فيروسية، ويتسبب هذا الخلل في نشاط المعثكلة في تلف الأوعية الدموية، وبالتالي زيادة خطورة الإصابة بالفشل الكلوي، والعمى، والسكتات الدماغية، والنوبات القلبية.
وأفادت الصحيفة بأن الباحثين في هذا المجال يسعون إلى خلق تطورات جديدة من شأنها خفض خطورة هذين النوعين من السكري على حياة المريض، إلا أن
الوقاية تبقى أفضل حل للتعامل مع مرض السكري ولتفاديه، وخاصة النوع الثاني لأن النوع الأول لا يمكن منعه.
وقالت إن هيئة الخدمات الصحية الوطنية تقود حاليا برنامجا واسع النطاق للوقاية من مرض السكري في المملكة المتحدة، وحماية ما يربو على 100 ألف شخص معرضين للإصابة به.
وأكد الدكتور جوناثان فلابجي، المدير الإكلينيكي لهيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة، أن "معالجة زيادة الوزن ومرض السكري؛ يُعدان من أهم التحديات التي يواجهها قطاع
الصحة في يومنا هذا"، مشيرا إلى أن "معدل الإصابة بالنوع الثاني من السكري في ارتفاع متواصل، ومهمة الهيئة تتمثل في رعاية هذه الأعداد من الناس ضمن برنامج تدريبي يمتد لتسعة أشهر".
وذكرت الصحيفة أن أطباء المجال يسعون إلى إيجاد أنواع جديدة من الأدوية المتطورة، نظرا للنقص الموجود في الأدوية، ولأن النظام الغذائي قد لا يكون كافيا للتعامل مع المرض.
ونقلت عن الأستاذ في جامعة أدنبرغ، نيكولاس مورتون، قوله إن معالجة مرض السكري اليوم تحتاج إلى طرق حديثة، لافتا إلى أن البحوث الجديدة تسعى في عملها إلى معرفة الجينات المسؤولة عن التحكم في وزن الجسم والأنزيمات التي تحميه من تراكم الدهون، كالتي توجد لدى الأشخاص الذين لا يتأثر جسمهم بالأطعمة الدهنية.
وأضاف مورتون أن الأبحاث وجدت أن مادة ثيوكبريتات الصوديوم، التي تستعمل لمعالجة أمراض الكلى، تعمل أيضا على زيادة هذا الأنزيم، وهذا من شأنه المساعدة في إيجاد الأدوية المتطورة الأكثر نجاعة لمرض السكري.
وحول ما يخص أهمية العمليات الجراحية في معالجة مرض السكري؛ فقد قالت الصحيفة إن العمليات قد تكون الحل الأنجع بالنسبة للمصابين بالنوع الثاني من السكري، والذين يعانون من السمنة؛ لأن العملية الجراحية تعمل على ضبط حجم المعدة، أو تغيير هرمونات القناة الهضمية؛ لكي يقلص المرضى من الأكل، ويهتمون أكثر بالرياضة.
ونقلت عن الدكتور سيمون أونايل قوله إن "بعض المرضى تمكنوا من القضاء على مرض السكري عن طريق العملية الجراحية دون خسارة الكثير من الوزن، ولكن تبقى لهذه الخطوة سلبياتها ومخاطرها على الجسم، وعلى الأمعاء".
وحول ما يخص اختبار الوخز بالإبر الذي يتعايش معه مرضى السكري؛ أوضحت الصحيفة أن التكنولوجيا توصلت إلى بديل للإبرة؛ يتمثل في جهاز صغير يقيس مستوى الجلوكوز بشكل مستمر، وينذر المستعمل عندما تكون نسبة الجلوكوز ضئيلة أو مرتفعة، مشيرة إلى أن هذا الجهاز "يعد أكثر نجاعة الآن من الأجهزة المتوفرة الأخرى، التي لا يمكنها الإنذار في حالة انخفاض نسبة الجلوكوز في الجسم، أو لدى الأطفال".
وأضافت أن التكنولوجيا وفرت للمرضى الذين لا يحبذون استعمال الوخز؛ جهازا صغيرا يوضع في الجذع العلوي من الذراع، يتفرع منه خيط رقيق يخترق الجلد لقياس مستوى الجلوكوز في السائل الموجود بين خلايا الجلد، ولا يعطي قراءة للمريض إلا عن طريق ضربه، وتتم إعادة تشغيله شهريا، ويستمر مع المريض لعدة سنوات، مؤكدة أن هذا "الجهاز فعال، وخاصة للأطفال، حيث يمكن للوالدين وضع الجهاز للطفل وهو نائم، دون اللجوء إلى إيقاظه للوخز".
وأشارت الصحيفة إلى مضخات الأنسولين "التي لا يزال العديد من مرضى السكري في المملكة المتحدة يستعملونها، ولكنها تبقى أفضل من الحقن، وهذا ما يفسر إقبال المرضى عليها"، لافتة إلى أن "هذه المضخات سهلة الاستعمال، وتوجد بنسبة 50 بالمئة لدى المرضى الذين يعانون من النوع الأول من المرض في السويد، ولكن المملكة المتحدة تعاني نقصا في توفير هذه المضخات".
وبينت أن هذه المضخات يمكن أن تتفاعل مع جهاز قياس مستوى الجلوكوز في حال الهبوط الخطير لمستوى الجلوكوز في الدم فقط، "لذلك يرى الأطباء أن مضخة الأنسولين يجب أن تحتوي على هرموني الأنسولين والغلوكجان، وذلك للتفطن إلى مستوى الجلوكوز المنخفض في الدم، ولتعزيز مستوى الجلوكوز المنخفض جدا، وبذلك تكون السيطرة شاملة على حالة المريض دون تدخل طبي".
وفي الختام؛ قالت الصحيفة إن الأطباء يشجعون على استعمال تطبيقات فقدان الوزن، وتغيير نمط العيش، وإدارة مرض السكري التي توجد على الهواتف الذكية، وذلك لانعكاسها الإيجابي على مستوى الجلوكوز في الجسم، مشيرة إلى أنه "تم مؤخرا إطلاق تطبيق على الهاتف يمكّن المريض من حساب الكربوهيدرات، وإدارة النظام الغذائي في المنزل، وتحليل الأطباق المقدمة في المطاعم، إلى جانب تسجيله النشاط اليومي في الرياضة، ومساعدة المريض على معرفة الأطعمة المناسبة له حسب ما يوضحه جهاز الأنسولين من بيانات يلتقطها التطبيق".