اهتمت الصحف الغربية بالحكم المفاجئ الذي أصدره القضاء
المصري وقضى فيه ببطلان تنازل نظام عبد الفتاح
السيسي عن جزيرتي
تيران وصنافير للسعودية.
وكانت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة أصدرت، يوم الثلاثاء، حكما ببطلان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، وقضت باستمرار تبعية الجزيرتين للسيادة المصرية.
انتكاسة سياسية
وقالت وكالة أنباء "اسوشيتد برس" إن هذا الحكم يعد انتكاسة في مجال السياسة الخارجية لنظام السيسي ووسائل الإعلام الموالية له، التي دافعت بحماس عن الاتفاقية، وأكدت أن الجزيرتين من حق
السعودية، وأن إعادتهما للملكية سيعود بالنفع على مصر.
واستبعدت الوكالة أن يتوقف الجدل الدائر في مصر حول الاتفاقية، مشيرة إلى الانقسام الاجتماعي والسياسي الحاد الذي أحدثته منذ توقيعها في نبسان/ أبريل الماضي.
ونقلت "اسوشيتد برس" عن المستشارة تهاني الجبالي، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، قولها إن الحكم قطع الطريق على البرلمان؛ حيث لم يعد باستطاعة مجلس النواب مناقشة الاتفاقية أو طرحها للتصويت، وإلا اعتبر ذلك عدم تنفيذ لأحكام القضاء من قبل السلطة التشريعية".
وكانت مظاهرات حاشدة خرجت في مصر احتجاجا على إعلان الحكومة المصرية التنازل عن الجزيرتين للسعودية، وألقت قوات الأمن القبض على مئات المتظاهرين المعارضين للاتفاقية.
محاكمة مسؤولين في النظام
وقالت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية إن إبطال القضاء لاتفاقية نقل السيادة على جزيرتي تيران وصنافير للسعودية أصاب السيسي بنكسة مفاجئة.
وأضافت الصحيفة أن الصراع الداخلي في مصر بين مؤيدي الاتفاقية ومعارضيها يملأ الأجواء في البلاد منذ أكثر من شهرين، عندما اتفق السيسي والملك سلمان في القاهرة على تغيير الأوضاع على الجزيرتين الاستراتيجيتين".
وأشارت إلى أن الاحتجاجات الشعبية عمقت الصراع، في ظل إصرار غالبية المصريين على أن الجزيرتين مصريتان، كما زادت الشكوك حول قدرة السيسي على قيادة البلاد ".
وقالت كريستيان ساينس مونيتور إن القضاء المصري، الذي كان ينظر له باعتباره مسيسا، مهد الطريق بهذا الحكم الأخير لمحاكمة بعض كبار المسؤولين في النظام، بتهمة التفريط في أراضي الوطن، والإضرار بالمصالح القومية، وعقوبتها السجن المؤبد.
تهديد للعلاقات مع السعودية
بدورها، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية إنه على الرغم من أن قرار المحكمة ليس نهائيا، ويمكن للحكومة الطعن عليه، إلا أنه يمثل تهديدا قويا للعلاقات بين مصر والسعودية، في وقت بالغ الحرج لنظام السيسي، الذي منح السعودية السيطرة على الجزيرتين، مقابل الدعم السياسي والاقتصادي.
وأوضحت أن الحكم يمثل تحديا للسعودية، التي تعد أكبر مؤيد للسيسي، حيث يفاقم التوتر، وفي الوقت ذاته، فإن السلطة القضائية محمية بنصوص الدستور من تدخل السلطة التنفيذية، وكثيرا من شدد السيسي على عدم التدخل في أعمال القضاء وضرورة احترامه.
وأشارت الصحيفة إلى أن الرياض وقعت مع القاهرة اتفاقيات اقتصادية زادت قيمتها عن 22 مليار دولار؛ لتمويل احتياجات مصر من المحروقات، وتحسين البنية التحتية للبلاد، ومع ذلك أثارت الاتفاقية واحدة من أكبر الاحتجاجات الشعبية في البلاد منذ تموز/ يوليو 2013، متسائلة أي البديلين سيختار السيسي، تحدي السلطة القضائية أم إغضاب السعودية؟.
صفعة للنظام
ومن جهتها، وصفت صحيفة " الجارديان" البريطانية الحكم بأنه يمثل صفعة قوية لنظام السيسي.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة المصرية تحاول تدارك الأمر، عبر الطعن على الحكم في المحكمة الأعلى، لإثبات أن الجزيرتين من حق السعودية، وهو أمر مستغرب في مصر، التي يتعلم فيها تلاميذ المدارس أن تيران وصنافير مملوكتان لمصر!.
وأكدت الجارديان أن قضية الجزيرتين جرحت الكبرياء الوطني للمصرين، ما دفع الآلاف منهم إلى العودة للشوارع لمواجهة حكومتهم، رافضين بيع أرضهم مقابل الدعم المالي السعودي.
أما صحيفة "تليجراف" البريطانية، فقالت إن إلغاء القضاء الإداري لاتفاقية تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية تعد ضربة قوية للنظام المصري.
وأضافت الصحيفة أن السعودية تعد الداعم الاقتصادي الرئيسي لمصر، ومن ناحية أخرى، فإن القضية بالغة الحساسية، وفجرت غضبا جماهيريا وموجة من الإدانات المتواصلة حتى الآن.
وكانت مصر والسعودية وقعتا في شهر نيسان/ أبريل الماضي اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع السعودية، خلال زيارة العاهل السعودي للقاهرة، وهو ما أثار ردود فعل معارضة لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي والحكومة، ونظمت قوى سياسية ونشطاء تظاهرات حاشدة، رافضة للتنازل عن الجزيرتين.
وقالت محكمة القضاء الإداري، في حيثيات حكمها ببطلان اتفاقية تيران وصنافير، إن سيادة مصر على الجزيرتين متحققة طبقا للمعايير المستقر عليها في القانون والقضاء الدوليين، وتبعا لذلك، يحظر -التزاما بحكم المادة 151 من الدستور الحالي- التنازل عنهما، ومن ثم يكون ما قام به ممثل الحكومة المصرية من التوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية في نيسان/ أبريل 2016 قد انطوى على مخالفة جسيمة للدستور.