يعتزم رؤساء دول وحكومات أعضاء الاتحاد الأوروبي الثلاثاء، فرض ضغوط على
بريطانيا من أجل بدء إجراءات خروجها من الاتحاد "بدون إضاعة للوقت" ومن أجل تجنب شل الكتلة التي بات مستقبلها على المحك.
وقبيل هذا الاجتماع، تبنى البرلمان الأوروبي الذي يعقد دورة استثنائية أيضا، ظهر الثلاثاء، قرارا يدعو لندن إلى تفعيل إجراءات خروجها من الاتحاد "فورا".
وما زالت صدمة الاستفتاء البريطاني تتسع بعد خمسة أيام على الاقتصاد، بينما يبدو القلق واضحا داخل الاتحاد بشأن العواقب السياسية والاقتصادية لخروج بريطانيا المقبل.
وتراقب الأسواق بدقة بريطانيا التي أعلنت وكالتان للتصنيف الائتماني خفض درجة دينها السيادي الاثنين.
ويفترض أن يستخلص الأوروبيون "الدروس" من تصويت الناخبين البريطانيين إلى جانب هدف تجنب انتقال العدوى.
وأعلنت فرنسا وألمانيا وإيطاليا رغبتها في إعطاء "دفع جديد للمشروع الأوروبي"، لكن هذه الدول الثلاث التي تمثل أكبر ثلاثة اقتصادات في منطقة اليورو، استبعدت أي مفاوضات مع لندن ما لم تقدم طلبا رسميا للانسحاب من الاتحاد.
وسيبذل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون خلال عشاء مع نظرائه الثلاثاء، جهودا شاقة لتقديم "توضيحات" بعد إخفاقه.
وقال دبلوماسي كبير إن "بعض المبادئ ستخرج من هذه المناقشة مثل أخذ العلم بنتيجة الاستفتاء والإصرار على أن معاهدة لشبونة في هذه الحالة تحدد إطارا قانونيا منظما" هو "بند الانسحاب" (المادة 50).
"تجنب مسلسل سيئ"
وأضاف هذا الدبلوماسي أن "مجموعة الصيغ واسعة للوضع المقبل لبريطانيا، ويتراوح من وضع يشبه كوريا الشمالية إلى تركيا"، موضحا أنه "طالما لم تبدأ إجراءات المادة 50، فليست هناك أي مفاوضات ممكنة".
وطالب رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال "بالوضوح" من أجل "تجنب مسلسل سيئ حول مغادرة" المملكة المتحدة.
من جهتها، صرحت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، بأن "الأمر يتعلق أيضا بـ440 مليون مواطن في الاتحاد الأوروبي خارج بريطانيا يحق لهم أن يعرفوا بشكل واضح في أي اتحاد أوروبي يعيشون: مع بريطانيا أو بدونها".
وحث رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، بريطانيا، الثلاثاء، على "توضيح موقفها بأسرع ما يمكن" بعد قرارها الخروج من الاتحاد الأوروبي، مستبعدا أي مفاوضات قبل أن تبدأ لندن بإجراءات الخروج.
وقال في البرلمان الأوروبي: "لا يمكننا البقاء في الغموض لفترة طويلة، أريد أن توضح المملكة المتحدة موقفها فورا، ليس غدا ولا بعد غد"، وشدد على أنه "لا تفاوض دون إبلاغ"، مدليا بالعبارة الأخيرة بالإنجليزية.
"بريطانيا لا يمكنها الاختيار"
من جهتها، حذرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الثلاثاء، من أن بريطانيا لا يمكنها "اختيار" الاحتفاظ بامتيازاتها مع التخلي عن كل واجباتها مشددة على قوة الاتحاد.
وقالت ميركل أمام مجلس النواب الألماني (البوندستاغ): "سنحرص على ألا تكون المفاوضات على أساس (الانتقاء)، من يخرج لا يمكنه توقع زوال واجباته والاحتفاظ بامتيازاته"، مشددة على أن الاتحاد الأوروبي قوي بما فيه الكفاية لتجاوز رحيل بريطانيا.
وقالت ميركل في مؤتمر صحافي مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي: "سنقدم اقتراحا إلى زملائنا" رؤساء دول وحكومات البلدان الأخرى الأعضاء في الاتحاد "لإعطاء دفع جديد" للمشروع الأوروبي "في الأشهر المقبلة"، لتجنب انتقال العدوى في
أوروبا.
"زخم جديد؟"
وسيعقد الأربعاء رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك اجتماعا "غير رسمي" على الفطور مع الدول الـ27 بدون ديفيد كاميرون، من أجل مناقشة عواقب الانفصال البريطاني ومستقبل العلاقات مع المملكة المتحدة.
وعشية القمة التي تستمر الثلاثاء والأربعاء في بروكسل، فقد اقترحت ألمانيا وفرنسا وإيطاليا الاثنين، إعطاء "زخم جديد" للمشروع الأوروبي بعد اختيار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي، لكنها أبدت معارضتها لفتح مفاوضات الانفصال طالما أنها لم تقدم رسميا طلب الانسحاب.
وأكد وزير المال جورج أوزبورن لصحيفة "تايمز" أنه ليس المرشح الجيد لقيادة الحزب، بما أنه خاض حملة البقاء في الاتحاد.
وفي مؤشر إلى أن عددا كبيرا من البريطانيين وخصوصا الشباب، لم يتقبلوا قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي، فقد تجاوز عدد موقعي عريضة تطالب بتنظيم استفتاء ثان الـ3.8 مليون توقيع مساء الاثنين.
وستنظم تظاهرة مساء الثلاثاء في ساحة ترافلغار للاحتجاج على نتيجة الاستفتاء.
وحاول كاميرون الذي دعا إلى عدم التخلي عن أوروبا، تهدئة القلق في مجلس العموم، مؤكدا أن الأسس الاقتصادية لبلده جيدة وستسمح للبلاد بمواجهة الغموض الناجم عن الاستفتاء.
وهذه الحالة من الاضطراب السياسي في بريطانيا يفاقمها تهديد أسكتلندا التي صوت 62 بالمئة من ناخبيها مع البقاء في الاتحاد الأوروبي، بالانفصال عن المملكة المتحدة.
وفي معسكر العماليين، أعلن زعيمهم جيريمي كوربن المتهم داخل حزبه بأنه لم يبذل جهودا كافية للبقاء في الاتحاد، أنه لن يستقيل، وإن كان نصف أعضاء حكومة الظل التي يقودها قد انسحبوا تعبيرا عن احتجاجهم.
وكما لو أن كل هذا لا يكفي، فقد خرجت إنجلترا من مباريات كأس أوروبا لكرة القدم 2016 مساء الاثنين، بعد هزيمة منتخبها أمام منتخب آيسلندا 1-2 في دور ثمن النهائي.